تتخذ تركيا منذ أكثر من أربعين سنة إجراءات لتحقيق شروط الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وبما يشكل جزءا من الاندفاع نحو زيادة الابتكار في مجال التكنولوجيا والوصول إليها، خصص الاتحاد الأوروبي ما يزيد على مئة مليار يورو لبرنامج 2010 للمعلومات لإيجاد «مساحة أوروبية معلوماتية واحدة» تُعطى فيها الأولوية للابتكار والاستثمار في التكنولوجيا. من الإصلاحات التي تقوم بها تركيا هي أن تصبح مجتمع معلومات، بهدف زيادة فرصها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وقد أطلقت الحكومة التركية مشروع التحوّل الإلكتروني في 2003 بدعم من منظمات حكومية وخاصة وغير ربحية. ويهدف المشروع إلى تكييف خطة العمل الأوروبية للتقدم التكنولوجي مع تركيا وتيسير مشاركة الجمهور في عمليات صنع القرار من خلال استخدام التكنولوجيا وتطبيق المبادئ نفسها على القطاعين الحكومي والخاص. وقد أضحى مشروع التحول الإلكتروني في تركيا في السنوات الأخيرة عنصرا رئيسيا في عملية إدخال الديمقراطية إليها. فلم يكن في الإمكان سابقا الوصول إلى موظفي الدولة، وكانت هناك مسافة راسخة بين المواطنين والدولة. والآن وبعد خمس سنوات من المشروع تشرح المؤسسات الحكومية عملها ومهماتها وتتواصل مع الشعب من خلال الشبكة الإلكترونية، كما يمكن الوصول إلى موظفي الدولة بالبريد الإلكتروني. ويستطيع المواطنون مهما كانت نائية أماكن إقامتهم الوصولَ إلى المعلومات عن أنقرة.

ويستغل المجتمع المدني التركي كذلك هذه التقنيات الجديدة ويقوم بتطبيقها في المجال العام، ضمن جهوده في تنظيم السياسة العامة. فمثلا قامت بعض المجموعات بتقديم عرائض عبر البريد الإلكتروني وعبر أدوات التشبيك الاجتماعي المباشرة على الإنترنت مثل الـ(Facebook) لتجميع الآراء ضد سياسات حكومية معينة، ونجحت في حشد أعداد قياسية من الموالين لقضاياها. واستجابت المؤسسات العامة بالمثل بتحسين عملها من خلال توفير الخدمات العامة على الشبكة، مثل دفع الفواتير وتعبئة النماذج الضريبية وتقديمها. ويستفيد من هذه التكنولوجيا المرشحون للانتخابات، إذ يقوم من يديرون مواقع على الإنترنت بتنظيم أنصارهم عبر الشبكة.

ويمكن لتزايد الاتصال من خلال التكنولوجيا أن يساعد على تطبيق المزيد من الإصلاحات الديمقراطية داخل القطاع العام نفسه، فيلغي البيروقراطية غير الضرورية الناتجة من تنظيم هرمي عمودي يضيع الوقت، وإيجاد هيكل أكثر أفقية بين موظفي الدولة. وقد نتج من ذلك ثقافة عمل جديدة تعمل بصورة أكثر فاعلية.

ويستطيع موظفو الدولة مقارنة مخرجاتهم وظروف عملهم بموظفين في مؤسسات عامة أخرى؛ إذ غدا من الأسهل الآن الوصول إلى معلومات الرقابة والتقويم المتوافرة على الشبكة. ويوفر هذا لهم الأدوات الضرورية للحصول على منظور أوسع داخل أعمالهم ويسمح لهم بالمطالبة بظروف عمل أفضل.

وعلى رغم أن التكنولوجيا لا تأخذ أحيانا أولوية مثل الأمور الاقتصادية والسياسية، فإن التطور التكنولوجي الناجح يستطيع المساعدة على تيسير عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، إذ يُوجِد «مشروع التحول الإلكتروني التركي» زيادة في التواصل بين الطرفين ويوفر وسطا يمكّن من العمل معا.

وعلى رغم أن بالإمكان عمل المزيد، فإن هذا المشروع يعتبر حاسما بالنسبة لعملية نشر الديمقراطية في تركيا. لذا يتوجب إعطاؤه أولوية. ويمكن الاستفادة من حصّة متزايدة من مبلغ 500 مليون يورو تتلقاها تركيا من الاتحاد الأوروبي بصفة دولة مرشحة للعضوية. وما لا شك فيه سيساعد التقدم والنمو في تقنية الاتصالات تركيا على الحصول على موطئ قدم في العالم الأول.

*محاضر بجامعة هيلسنكي. والمقال ينشر

بالاتفاق مع خدمة كومن غراوند الإخبارية