العدد 2035 - الثلثاء 01 أبريل 2008م الموافق 24 ربيع الاول 1429هـ

مثل كلّ يوم

عبير إبراهيم abeer.ahmed [at] alwasatnews.com

بعد انتظار 5 سنوات لا أكثر «طلع له بيت». وطبعا فرحته لا توصف. وفرح أكثر لما وجد أن البيت تتوافر فيه كل المستلزمات الحياتية التي حلم بها سني عمره التي فاتت بل أكثر من ذلك. فأمام البيت وخلفه حديقة غناء لم يشاهدها إلا في الأفلام الأجنبية، تطل على بحر هادئ وشاطئ نظيف. غرف البيت واسعة (يسرح فيها الخيل كما يقولون) وهي تكفي لعياله وعيال عياله أيضا، وجيرانه ولا أروع تشع منهم معالم الطيبة والخير والكرم... ثلاجة المطبخ وخزائنه مليئة بما لذ وطاب من طعام وعلى ذلك وجد على طاولة الطعام التي تتوسط المطبخ كوبون مشتريات بقيمة 200 دينار غير محددة الأجل ولا تحد صرفها شروط.

في العمل رقي ليس لـ «واو» لا سمح الله، ولكن لكفاءته وجده وتفانيه وإخلاصه، ووجد أن راتبه تجاوز الألف دينار في ظرف سنوات قليلة، وأنه حصل على كل ما يؤمن له الحياة الكريمة في حياته وبعد مماته، فحقه في الحفظ والصون لا خوف من التعدي عليه ولا بقيد أنملة.

وعلى رغم أن القرية التي يقطنها صغيرة، فإن جميع الخدمات متوافرة فيها (مركز صحي، حديقة، مدرسة، نواد صحية واجتماعية وثقافية... إلخ)، عوضا عن أن شوارعها مبلطة تشع من نظافتها وإضاءة مصابيحها ومصابيح البيوت المطلة عليها، إذ لا تنقطع الكهرباء عنها أبدا... وغير هذا وذاك فإنه عندما يمشي في قريته أو أية قرية أخرى يجد ألف يد ترفع للسلام عليه، على رغم أن غالبية من يبادرونه بالسلام والتحية هم من رجال الأمن الذين يسهرون على راحة وأمان القرية الوادعة أصلا، شعارهم «الاحتياط واجب» وهم بالمرصاد لأي غريب (وليس مواطنا).

ستقولون «كذبة أبريل»... نعم كذبة، ولكنها كذبة نعيشها كل يوم ويصرح بها على لسان قادة ومسئولين أشبعونا وعودا بكل ما ذكر، ولكنهم عوضا عن عدم الإيفاء بوعودهم، ظلوا يسخرون من تأوهاتنا وآلامنا وهم يتقاذفوننا بينهم وإن رأفوا لحالنا ألقمونا مسكنات تزيدنا ذلة ومهانة.

في كل يوم نطمئن بحياة أفضل وبإزاحة شيء من الحمل الثقيل الذي لازمنا لسنين طوال، ولكن بدلا من ذلك نجد أن همنا في كبر، ولا أعلم إن كنا لم نطمئن على حياتنا نحن (الآن) وليس مستقبلا، فكيف سيمكننا الاطمئنان لما سيؤول إليه حال أبنائنا من بعدنا؟ إذ انقضى عمرنا ونحن لم نؤمن لأنفسنا حتى غرفة باسمنا، والوعود بالبيت والأرض تناقضها تصريحات أخرى بعدم توافر الأراضي، فضلا عن الأراضي المنهوبة عيني عينك وعدد السكان الذي يزيد من حيث لا ندري، جالبا معه «تسونامي» من الجرائم «الغريبة» التي بتنا نشهدها كل يوم، مزيحة معها أي شعور بالأمان. والغلاء «تسونامي» يأكل الأخضر واليابس لا تجدي معه «الإغاثات»، والعاطلون وخصوصا الجامعيون منهم بشروا بمشروعات لتوظيفهم فيما قوائم أسمائهم تبعث على الأسى، والقرى التي تلقفت الوعود الجمة من خلال زيارة عابرة بإصلاح ما يمكن إصلاحه هي الآن «تحت الحصار»... وإن قلت إنني أستطيع أن أعدد كذب كل يوم لمدى أيام رحلت وأخرى آتية في هذه الأسطر فقط، لأضفت «كذبة أبريل» إلى كذب كل يوم!

إقرأ أيضا لـ "عبير إبراهيم"

العدد 2035 - الثلثاء 01 أبريل 2008م الموافق 24 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً