العدد 2034 - الإثنين 31 مارس 2008م الموافق 23 ربيع الاول 1429هـ

من يتكلم عن مسلمي ألمانيا؟

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

حقق مؤتمر الإسلام الألماني أول نتائجه الراسخة: سيتم إدخال التعليم الديني الإسلامي كموضوع في المدارس الألمانية اعتبارا من السنة المقبلة. وقد تم الاتفاق على هذه الحركة من قبل ممثلين عن الدولة وشعبها المسلم، على رغم ما كان أحيانا خلافا مريرا. فقد رغب عدد من المشاركين المسلمين في البداية برؤية نوع مختلف من التعليم الديني، أي نوع التعليم الحيادي عن الإسلام الذي توفره نصف المقاطعات الألمانية.

ويرى وزير الداخلية الفيدرالي ولفغانغ شوبل التعليم الديني الإسلامي كمؤشر واضح لتشجيع المسلمين على التكامل في المجتمع الألماني. ولكنه اضطر إلى الحدّ من مبادرته بسرعة بعد أن أصبح من الواضح أن هناك العديد من الأسئلة المفتوحة والمخاطر المحتملة. اضطر أن يعترف بأن الشروط المسبقة الرئيسية لإدخال التعليم الديني الإسلامي لم يجر تحقيقها بعد.

قبل النجاح في إدخال التعليم الديني الإسلامي سيكون من الضروري وجود منظمة تمثل جميع المسلمين في الدولة. كما سيتوجب على هذه المنظمة أن تعترف بها الدولة كمؤسسة في القانون العام. وتتمتع الكنائس الألمانية والجالية اليهودية بوضع كهذا، الأمر الذي يعطيها حقوقا وواجبات معينة شبه رسمية.

يشكل الحق في تشكيل منظمة كهذه متطلبا مركزيا لأكبر أربع جمعيات إسلامية محافظة بشكل رئيسي هي: المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا والمجلس الإسلامي والاتحاد الإسلامي التركي للشئون الدينية وجمعية المراكز الثقافية الإسلامية. وقد اجتمعت هذه المنظمات الأربع في مارس/ آذار2007 لتأسيس المجلس التنسيقي للمسلمين، وقد تعهدت منذ ذلك الاجتماع بتحديد شروط التفاوض في عملية تطوير إجماع في المجتمع بشأن تكامل الإسلام في ألمانيا.

كانت إحدى النتائج الجانبية غير المقصودة لموقف الوزير شوبل وضع السؤال الجوهري عن مأسسة الإسلام في ألمانيا في وسط الجدل العام. من الذي يملك سلطة تحديد ماهية الإسلام الألماني؟ ومن الذي يتحدث نيابة عن المسلمين الألمان؟

من الواضح أنه من حيث تفسيره للإسلام ومضمون مادته التعليمية وأهدافه التربوية، لا يمكن لأي تعليم ديني إسلامي مقترح أن يتم تحت سيطرة السلطة الدستورية للمقاطعة أو الدولة، وأنه لا يمكن أن يتم إلا بإشراف أساتذة درسوا في ألمانيا. سيكون أي أمر آخر، ببساطة، متهورا ولا يلتزم إلا بالنادر بالدستور الألماني. إلا أنه يبقى عرضة للتساؤل إذا كان هذا التعليم الديني الإسلامي سوف «يوفر تنافسا لواعظي الحقد»، كما قال شوبل إنه يريده أن يفعل. الأسباب الحقيقية للتمييز والتطرف في أجزاء من الجالية المسلمة، متعددة الطبقات بشكل كبير ومعقدة بحيث يصعب مجابهتها بمبادرة فردية واحدة.

من المفهوم أن الدولة ستطلب وجود شريك ممثل للمفاوضات يمثل جميع المسلمين، خصوصا عندما يفكر المرء أن الدولة تحتاج لأن تكون قادرة على عقد اتفاقيات ملزمة مع ممثلين من أي تجمع اجتماعي. على رغم ذلك فإنه يصعب تحقيق هذه الرغبة في مضمون المؤتمر الإسلامي بشكله الراهن، ليس فقط لأن الإسلام لا يملك تنظيما هيكليا مثل الكنيسة، وإنما كذلك لأن النقاش أثبت حتى الآن بوضوح أن ممثلي المسلمين أنفسهم ليسوا على وفاق في ما إذا كان يتوجب عليهم الاعتراف بنظام القيم في الدستور الألماني بمجمله. وهذا ينطبق بشكل خاص على ممثلي الجمعيات الإسلامية.

أصبح من الواضح منذ إنشاء المؤتمر الإسلامي الألماني منذ أكثر من ثمانية عشر شهرا أن الخط الأمامي في هذا الحوار بشأن كيف يمكن تكامل الإسلام في ألمانيا لا يقع بين الدولة العلمانية والممثلين المسلمين.

تقع المواجهة بين السلطة على تعريف «الإسلام الألماني» وطبيعة الحياة الإسلامية في ألمانيا في الواقع بين مسئولي الجمعيات الإسلامية المحافظين بشكل رئيسي والمسلمين الليبراليين غير المنظمين الذين يحضرون المؤتمر الذين تبنوا منذ فترة بعيدة نظام القيم الإسلامية الألماني على أنه نظامهم، والذين يرون الإسلام على أنه جزء مهم من هويتهم الثقافية.

ليس هذا الانتقاد لهيكل المؤتمر الإسلامي القائم، بالطبع، مقصودا لإخفاء حقيقة أنه لا يوجد، بل ولا يمكن أن يكون هناك بديل لعملية الحوار الصعبة مع مختلف ممثلي المسلمين. إضافة إلى ذلك، لا يمكن لحوار كهذا أن يرتكز على الخوف من الإرهاب الإسلامي المسيّس وإنما يجب أن يرتكز على المصالح الشخصية للأطراف ووعيهم البسيط بضرورته. تثير الرغبة برؤية الإسلام ممأسسا في ألمانيا من خلال إيجاد مظلة واحدة على شكل منظمة، تثير أسئلة بشأن ما إذا كانت منظمة كهذه، بغض النظر عن الرغبة السياسية بها، تمثل المسلمين بشكل حقيقي. كما أن هناك خطرا من أن تكون خاضعة لاستغلال سياسي. لهذا السبب يجب ألا تسمح الدولة للجمعيات الإسلامية بأن تستولي على سلطة التعريف فيما يتعلق بالإسلام.

يجب أن تكون الدولة أكثر انفتاحا للأصوات الإسلامية الناقدة المستقلة عن المنظمات، ويتوجب عليها أن تفعل المزيد لتشجيع التعددية الإسلامية. هذه التعددية الإسلامية الداخلية هي وحدها التي توفر الحماية المطلوبة بإلحاح ضد الاستغلال السياسي. فهي فوق كل شيء ملتزمة مع مبادئنا الأساسية، المتعلقة بالديمقراطية الحرة القادرة على الوقوف لحماية قيمها.

*كاتب مستقل مركزه برلين. والمقال ينشر بالاتفاق مع خدمة «كومن غراوند» الإخبارية

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2034 - الإثنين 31 مارس 2008م الموافق 23 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً