من المتوقع أن يدعم صندوق النقد الدولي مشروع قرار يمنح البلدان ذات الاقتصادات التي تحقق معدلات نمو سريعة صوتا أقوى داخل هياكل الصندوق. فقد أوصى الصندوق بإدخال تغييرات تتيح منح قوة تصويتية لكل عضو من أعضاء المنظمة الدولية البالغ عددها 185 عضوا بناء على حجم اقتصاد البلد العضو واحتياطاته وتجارته. ومن ضمن الدول التي ستعزز مكانتها وقوتها التصويتية هناك الصين والهند وكوريا الجنوبية والمكسيك والبرازيل. أو بالأحرى الدول التي باتت تصنف اقتصاداتها باسم الأسواق الناشئة.
ويعكس هذا التوجه رؤية الصندوق الدولي للاقتصادات الآسيوية الناشئة وفي مقدمتها الاقتصاد الصيني. ففي فبراير / شباط 2008، أشار دومنيك شتراوس كاهن إلى أن اقتصاد الصين مازال من المتوقع نموه بنسبة 10 في المئة، هذا العام على رغم بعض التأثير الناجم عن أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة.
وأكد كاهن أن الاقتصادات الصاعدة سريعة النمو مثل الصين والهند لا يمكن فصلها عن إمكانات النمو الضعيف في الولايات المتحدة وأوروبا، أو تحصينها من أزمة مالية. فان اقتصادات صاعدة مثل الصين والهند لاتزال مفعمة بالنشاط. وقال أيضا: «مازالنا نتوقع ان يتوسع الاقتصاد الصيني بنسبة 10 في المئة هذا العام، وسينمو الاقتصاد الهندي بنسبة 8 في المئة».
ويبرر المدير العام للصندوق، دومينيك شتروس- كان، هذا الاتجاه الذي يمكن أن يأخذ به الصندوق، على أنه مجرد خطوة أولى «جبارة نحو تحديث الصندوق لجعل هياكله متأقلمة مع الحقائق المتغيرة للاقتصاد العالمي».
هذا هو أحد أوجه العملة، أما الوجه الآخر لها فهو موقف دول نامية أخرى لا تنتسب إلى تلك الكتلة، مثل دول النفط الخليجية وإيران، التي لم تشملها تلك الالتفاتة، الأمر الذي جعلها تنظر بحذر شديد إلى هذه الدعوة التي، من وجهة نظرها، ستفقدها شيئا من نفوذها ومن ثم، فإن بعضها وقف بشدة ضد هذا الاقتراح، وخصوصا أن بعض هذه الدول مثل الدول النفطية الخليجية تنعم باقتصاد يحقق نسب نمو حسنة بالمقاييس الدولية، لكنها، على رغم ذلك، غابت عن القائمة المختارة التي تحدث عنها الصندوق. وقد أوردت وكالة أنباء «رويترز» موقف المجموعة المكونة من نحو 50 دولة وتمثلها مصر وإيران واندونيسيا وروسيا وكينيا التي تتدحث باسم 18 بلدا افريقيّا، والتي اعتبرت الاقتراح لا يكفي لتعديل ميزان التصويت الذي يميل إلى صالح الدول الصناعية المهيمنة. وكان مسئول بمجلس إدارة الصندوق برر تلك الخطوة قائلا: «كانت الفكرة من وراء مراجعة الحصص هي زيادة حصة الاقتصادات الصاعدة والدول منخفضة الدخل على حساب الدول الصناعية».
وتتحدث الدول المعارضة لخطوة الصندوق عن حق الدول النامية التي تمتلك صناديق استثمار سيادية تمارس أنشطة على الصعيدين المحلي والدولي، في أن تنعم بما أعطاه الصندوق لدول الاقتصادات الناشئة. وكأحد مقاييس الحكم، نجد أن دول تلك الصناديق تستحق من صندوق النقد الدولي بعض الالتفات، بدلا من الموقف السلبي الذي عبرت عنه سياسته تجاه صناديق استثماراتها السيادية. فوفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي ذاته، فإن إجمالي الأصول التي تديرها صناديق الاستثمار السيادية بلغ 3 تريليونات دولار في نهاية العام 2007. ومن المتوقع أن يرتفع حجم الاستثمارات إلى 12 تريليون دولار بحلول العام 2012. ويشير تقرير أعده بنك «مورغان ستانلي» إلى أن هيئة أبوظبي للاستثمار، هي أكبر صندوق سيادي استثماري في العالم، ويدير أكثر من 875 مليار دولار، تليه وكالة النقد السعودية «ساما» برصيد 350 مليار دولار، وهيئة الاستثمار الكويتية برصيد 250 مليار دولار، ثم هيئة الاستثمار القطرية برصيد 80 مليار دولار.
وقد أحس الكثير من تلك الصناديق بمدى الغبن اللاحق بها من جراء السياسة غير المتوازنة التي يتخذها الصندوق تجاهها.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2033 - الأحد 30 مارس 2008م الموافق 22 ربيع الاول 1429هـ