قفزت أسعار الأرز في الأسواق العالمية بنسبة 50 في المئة في الشهرين الأخيرين، كما أنها تتضاعف مرتين تقريبا منذ العام 2003. البعض يلقي باللائمة على عوامل مثل «ارتفاع أسعار الوقود ومواد الأسمدة الطبيعية، بالإضافة إلى نقص المحاصيل بسبب الأوبئة والحشرات والتغيّرات المناخية»، ويذهب البعض الآخر إلى إرجاع السبب إلى تنامي استهلاك المواد الغذائية في دول مثل الصين والهند.
ويرى الاقتصاديون أن آسيا تبدو كبرميل نفط على أهبة الانفجار إذا ما استمرت الأوضاع على ما هي عليه، إذ بات ارتفاع الأسعار الأخير للأرز يثقل كاهل المستهلكين، ما عزز المخاوف من انفجار شعبي في مناطق مختلفة من القارة الآسيوية، إذ الأرز المكون الأساسي لغذاء هذه الشعوب.
الأمر الذي يزيد من حال الذعر التي تعم العالم ما أوردته توقعات وزارة الزراعة الأميركية بشأن تناقص المخزون العالمي من الأرز «خلال العام 2007-2008 إلى 72 مليون طن، وهو الأدنى منذ 1983-1984 كما يشكل نصف مستوياته القياسية في 2000 و2001».
باختصار ما نراه اليوم من أزمة الغذاء العالمية مصدرها تضافر عدة عوامل أوصلتنا إلى ما نحن عليه، فهناك تقلبات الطقس والارتفاع القياسي لأسعار الوقود وتدني مخزون الأغذية وتنامي طلب المستهلكين في الصين والهند، وهي أمور أدت بمجملها إلى تفاقم هذه الأزمة.
والأمر ليس مقتصرا على الدول الفقيرة المتوقع أن تكون بؤرة محتملة لمجاعة عظيمة، بل إن هذه الظاهرة بدأت تأخذ ملامحها أيضا في دول صناعية مثل إيطاليا واليابان».
ومنذ ديسمبر/ كانون الأول 2007، واجهت 37 دولة أزمة غذاء، بينما فرضت 20 دولة نوعا من الرقابة على أسعار السلع الغذائية. ويعترف برنامج الغذاء العالمي التابع إلى الأمم المتحدة أنه، كما تناقلته وكالات الأنباء، بأنه «يواجه عجزا في التمويل يبلغ نصف مليار دولار هذا العام لإطعام 89 مليون شخص محتاج حول العالم».
وقد حذرت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي التابع إلى الأمم المتحدة جوزيت شيران من احتمال استمرار «التضخم الذي رفع أسعار المواد الغذائية الى مستويات قياسية حتى العام 2010 على الأقل (الأمر الذي من شأنه أن يثير) موجة جوع جديدة في العالم، وحال فوضى في شوارع الدول الأكثر فقرا».
وأضافت أن الاقتصاد العالمي «دخل عاصفة حقيقية بالنسبة إلى الجياع في العالم نتجت عن ارتفاع أسعار النفط وأسعار الغذاء وانخفاض مخزونات الأغذية».
وكشف تقريرآخر أعده «معهد أبحاث سياسة الغذاء العالمي»، أن أسعار الغذاء مهددة بالارتفاع في أنحاء العالم كافة، جراء المتغيرات المناخية وتنامي الاستهلاك بوتيرة سريعة في الدول النامية مثل الصين والهند. وأوضح التقرير، أن تلك العوامل الضاغطة على النظام الغذائي العالمي تعني ارتفاعا في أسعار الغذاء في المستقبل القريب.
وإن كانت العوامل المشار إليها أعلاه أصبحت معروفة، فإن هناك عاملا آخر من صنع الإنسان نفسه لايزال لم تسلط عليه الأضواء الكافية لكشفه والتحذير من مساوئه. فمن بين الأسباب الكامنة وراء أزمة الغذاء هذه، هو الاستعمال المتزايد للمنتجات الزراعية في مجال استخراج الوقود الحيوي. وقد حذر خبراء في مجال الغذاء ومكافحة الفقر من أن ذلك سيؤدي إلى تفاقم مشكلة المجاعة وإلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ما سينعكس سلبا على سكان الدول الفقيرة.
وفي هذا السياق، اعتبر المقرر الخاص بالأمم المتحدة والمعني بالحق في الغذاء، جين زيكلر في تقرير أدلى به في مقر المنظمة الدولية بنيويورك حديثا، «أن الاستخدام المتنامي للمحاصيل الزراعية من أجل إنتاج الوقود الحيوي كبديل عن البنزين «هو جريمة إنسانية».
ودعا الخبير الدولي إلى حظر استعمال المحاصيل الزراعية في إنتاج الوقود الحيوي لمدة 5 سنوات. وهذا يعني في رأيه أنه في غضون هذه المدة ستكون التكنولوجيا أتاحت استخدام النفايات الزراعية لإنتاج الوقود بدلا من استخدام المحاصيل الزراعية ذاتها.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2032 - السبت 29 مارس 2008م الموافق 21 ربيع الاول 1429هـ