العدد 2031 - الجمعة 28 مارس 2008م الموافق 20 ربيع الاول 1429هـ

كفانا مزايدات يا سعادة النائب الأول

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

عندما نعجز عن تقديم الحلول العقلانية لمصلحة الوطن ولدرء الفتن، يؤسفنا أن نفتح آذاننا لسماع مهاترات تأجيجية لا طعم ولا لون لها سوى الطائفية، والمزاجية السياسية، ونحن في غنى عنها وعن أمثالها.

أقول ذلك تعقيبا على ما تفضل به سعادة النائب الأول لمجلس النواب رئيس كتلة الأصالة غانم البوعينين، عندما أطلق العنان لنفسه ليقدم حلولا ومقترحات تحمل في باطنها إيقاعا ضيق الأفق، ولا يصب في مصلحة الوطن ولا المجلس حينما دعا في أحد تصريحاته الصحافية إلى حل المجلس نظرا إلى إصرار الوفاق على مسألة الاستجواب!

النائب الأول صرح للصحافة المحلية: «يؤلمني أن أتكلم عن حل المجلس ولكن ما تمارسه الوفاق ليس إلا أدوات ضغط من أجل إرغام المجلس على اتخاذ خطوات وتدابير غير قانونية»، مؤكدا أن «مجلس 1973 خسر بسبب رفضه تطبيق قانون أمن الدولة الذي طبق بعد حله، وكان بالإمكان تطبيق قانون أمن الدولة بتمريره عن طريق المجلس وتلافي الحل ليستمروا في ممارسة دورهم الرقابي وبالتالي كان الأجدر بنواب 1973 - بحسب تعبيره - أن يعضوا على المجلس بالنواجذ» ويتمنى «ألا تتكرر مأساة 73 وأن يفكر عقلاء الوفاق في الموضوع بجدية». انتهى تصريح سعادة النائب.

وأبدأ التعليق على ما تفضل به وكشف المغالطات والتناقضات غير اللائقة بممثل للشعب كل الشعب. فلو أنك فعلا تتألم لحل المجلس لما دعيت إلى حل المجلس أصلا، أو طالبت الوفاق بالاستقالة منه، ولما أشرت بشكل أو بآخر إلى الحل غير الوارد بحسب المعطيات الحالية، ولما لوحت به من قريب ولا من بعيد، بل سعيت إلى نفيه واستبعاده من النتائج المتوقع حدوثها. ولا يفوتني أن أبين ان إصرار الوفاق على الاستجواب وتفعيل الأدوات الرقابية لا يدعوان في الظروف العادية إلى الاستنفار، أو التعطيل فضلا عن حل المجلس.

ربما يحدث ذلك أو يتمناه، ولكنه لا يكون إلا فقط وفقط لدى الصدور الضيقة غير المعتادة على الديمقراطية وتقبل الآخر. كما أن الوفاق لا ترتضي الخطوات غير القانونية، فهي بريئة من تهمة الضغط باتجاه تمرير الاستجواب لإرغام الكتل على تجاوز القانون، بل إنها تطالب الرئيس والنواب بعدم تجاوز اللائحة الداخلية وعدم اختراق القانون، وتصر على موقفها من الاستجواب؛ لكونه مستوفيا الشروط، بشهادة الرئيس في دور الانعقاد الأول. فالاستجواب لم يتغير منه حرف واحد، ولكن المعطيات تغيرت لدى الآخرين خوفا على مصالحهم الشخصية وأشياء أخرى واضحة لديهم وتبينت لهم بصورة أكبر مع الأيام.

وأحب أن أؤكد هنا أن مجلس 1973 لم يخسر؛ لكونه رفض تمرير قانون أمن الدولة بل نجح مجلسا يدافع عن حقوق الشعب ومكتسباته، وسعى لتشريع القوانين التي تفيد الصالح العام، ولكن فشلت التجربة البرلمانية؛ لكونها لا تستوعب الرأي الآخر، وقد تجاوزنا تلك المرحلة؛ لأننا باختصار شديد اخترنا الديمقراطية خيارا استراتيجيا.

وإذا كنا نرى أن هناك خسارة لكون مجلس 1973 تصلب في آرائه، ولم يمرر قانون أمن الدولة على رغم أن هناك إصرارا أكبر على تمريره من قبل الحكومة، فما نتمناه حقا ألا تتكرر التجربة من خلال إصرارٍ أكبرَ من كتل الموالاة على مقاومة الاستجواب، وإضعاف الأدوات الرقابية، وحماية المتهمين بالفساد، وتعطيل الدور الرقابي، والوقوف بالمرصاد لحركات الإصلاح.

وسيكون من المحزن والمؤلم حقا أن يتعرض المجلس للحلّ فقط لكون الكتل المحاربة للفساد تصر على استجواب المتهمين بالفساد، على حين هناك من يحاول دائما الدفاع عن المخطئ والمسيء والمفسد. وبدوري ألفت عناية النائب إلى أنه بدلا من البكاء على اللبن المسكوب من خلال نواب مارسوا دورهم النيابي منذ 34 سنة ونراهم حاليا مخطئين، الأجدر بنا ألا نكرر الخطأ نفسه من خلال التصلب، والجمود عند مراحل معينة. وأسأل سعادة النائب: هل الأفضل للمسيرة البرلمانية أن يستمر المجلس ويسمح للاستجواب بالمرور أو تعطيل التجربة، والوقوف أمام الاستجواب كالطود المنيع؟

إذا كان الوقوف أمام الاستجواب أهم وأولى من استمرار المجلس، وحله أولى من استجواب الوزير عطية الله، فلا نلوم حينها نواب مجلس 1973 الذين وقفوا أمام قانون أدخل البلد في نفق مظلم لعقود، ولم ترَ الإصلاح إلا بعد أن ألغي وعطل، ومع ذلك لانزال نرى الإصلاحيين الذين كانوا ولايزالون يحملون همّ الوطن على أنهم مخربون فقط؛ لكونهم وقفوا مواقفَ وطنية خدمت البلد، وأعاقوا أهدافا وخططا غير مدروسة، على حين هناك أناس عاشوا في أنفاق الظلام وحاليا يؤتمنون على الشعب ويمثلونه.

بقي أن أقول لسعادة النائب بدلا من مطالبة العقلاء في الوفاق بالتفكير بجدية تجاه الأزمة المفتعلة في المجلس، علينا أولا أن نكون كذلك، حتى لا يكون حوار الطرشان، وكفانا مزيدات يا سعادة النائب الأول وعليك قبل غيرك أن تفكر في كل الحلول والمقترحات الممكنة بعيدا عن الحل. فحل المجلس بحد ذاته مشكل، ولا ينبغي إلا في التفكير في الحلول، وليكن درس 1973 مثالا حيا بلا أدنى مزايدات، فالمزايدات لا تجدي نفعا والوطن يحتاج إلى مبادرات وطنية لا إلى مزيدات طائفية.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 2031 - الجمعة 28 مارس 2008م الموافق 20 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً