العدد 2030 - الخميس 27 مارس 2008م الموافق 19 ربيع الاول 1429هـ

حرق الخرافات

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الفترة الأخيرة، برزت على السطح دعواتٌ للعودة إلى بعض الممارسات التي تجاوزها المجتمع بداية ما يسمى بـ «الصحوة»، فكأن القارب محكومٌ دائما بالانشداد إلى الماضي التعيس.

في كل بلدٍ هناك ممارساتٌ اجتماعية، تمثّل مادة خصبة للدراسات الاجتماعية وتدخل في باب التراث، ودراستها علميا تلقي الضوء على طريقة تفكير المجتمع، وما بلغه من مستوى ثقافي وحضاري. وإلى هذا الحد الأمر مفهوم ومهضوم، لكن الارتداد لهذه الممارسات بعد أن تجاوزها الزمن يعتبر ردة إلى الوراء. من ذلك ما شهدته الساحة من دعوة لما يسمى بـ «حرق صفر». من حسن حظ جيلنا أننا شهدنا مرحلة احتضار هذه الممارسات المتخلفة، والخوف أن يشهد الجيل الجديد عملية إحيائها، بما تحمله من بذور فرقة وشقاق. ومن يقوم بها عادة شبابٌ من المراهقين، ونخشى أن يتورط في تأييدها بعض المحسوبين على الدين.

في منتصف السبعينات، اختفت هذه التقاليد القديمة، ولكنها أخذت تتسلل للعودة مجددا، وتصدى لها بعض رجال الدين في التسعينات، فتوارت عن الأنظار حتى عادت قبل سنتين للظهور، لتأخذ مداها بالانتشار عبر مواقع الإنترنت. ومن مسئولية رجال الدين الواعين التصدي بروح من المسئولية لمثل هذه المظاهر المتخلفة، فالظرف المحتقن محليا وإقليميا لا يحتمل العبث.

إن الرهان على علماء الدين المخلصين لمحاصرتها والتخلص منها، فكلمتهم مسموعةٌ أكثر لدى البسطاء، وعليهم مسئولية أكبر في إصلاح انحرافات المجتمع، وتقويم اختلالاته، وهو جزء من مسئوليتهم ودورهم الاجتماعي، بينما لو تكلّم الكتّاب أو المثقفون والناشطون، لكانت التهمة جاهزة بأنهم «أفندية»، لا يهمهم وضع الطائفة جاعت أم شبعت، وأحيانا تصل التهمة إلى المشاركة في مؤامرة إضعاف الطائفة!

الكل مسئولٌ عن التصحيح... وفي المقدمة علماء الدين، فسكوتهم يشجع على استمرار الممارسات الخاطئة وتضخّم الخرافات وزيادة التقوقع على الذات، بما يكرّس اسمرار المظالم وحالة التخلف والاستعباد.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2030 - الخميس 27 مارس 2008م الموافق 19 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً