تواصلا مع الطب والأطباء وضرورة تحوّل الجمعيات إلى نقابات أكثر نشاطا وقدرات على التغيير، والوقوف بوجه كلّ الممارسات الخاطئة، والمتطفلين على هذه المهنة الإنسانية. لقد تأخّر تكوين النقابة كثيرا وانني أتساءل عن الأسباب في ظل الحاجة الماسة إليها في الوضع الراهن. لقد أضحت البحرين بلادا مفتوحة للجميع وأصبح لكل فئة أو (جنسية) مهنة علاجية ومدارس ونوادٍ تحميهم وتطور من تمكينهم بصورة أفضل في البلاد ولزيادة رفاهيتهم وبشتى الطرق! وباتت التجمعات والتكتلات لحمايتهم أقوى مما هي عليه لحماية البحرينيين!
فالجاليات الهندية، الفلبينية، الأميركية، الإنجليزية، الألمانية، الإيرلندية، السورية، المصرية والمغربية... إلخ وتسمّى العيادات باسم هؤلاء الجاليات وبكلّ جرأة! ومن الواضح أنّ صدمة التوسعة الفجائية لمساحة البحرين والأجانب فيها قد أضافت أعباءَ كبيرة على الوزارات التي لم تتمكن من إمداد خدماتها بالوتيرة نفسها سواء من حيث السرعة أو الكفاءة، ما خلق هوة وفراغا في الكثير من أماكن الرقابة والإشراف على ما يدور في الكواليس هنا وهناك!
وبات القادمون الجدد يحاولون امتصاص واستنزاف أكبر قدر من الثروة في أقصر وقت ممكن، ونرى ذلك واضحا في صورة المراكز والعيادات الخاصة المتلوّنة منها الرخيص والرديء والغالي جدا، ومن دون أساس طبي متين، والتي تتكون من 100 في المئة من الأجانب المتخصصين كلّ مرة جنسية معيّنة ومن دون وجود بحرينيين حتى ولو بحد أدنى بينهم، سواء أطباء أو مساعدين!
وفي اعتقادي يجب وضع شروط بتشغيل 50 في المئة على الأقل كحد أدنى في كلّ عيادة أو مركز من البحرينيين أو إيقاف التراخيص لمنع مثل تلك التكتلات من الجنسيات المختلفة وكأنها دويلات داخل الدولة. وفي اعتقادي أنّ هذه أوّل نتائج الاستيطان العشوائي، حيث أصبح كل مستوطن يريد أنْ يقوي ويثبت من وجوده بجلب آخرين لإسناده وكأنها ساحة معركة، وكلٌ يريد أنْ يكون الأقوى تأثيرا في بلاد غيره!
وأمّا النقطة المهمّة الثانية فهي انتشار العلاجات العشبية والزيوت والمساجات وبصورة مخيفة، إذ أصبح الإعلانات عن أنها تشفي من كلّ الأمراض والعلل حتى المستعصية منها، ونرى ذلك في المجلات المجانية الإعلانية خصوصا وبالصفحات الملونة (ويبدو أنها محدودة الرقابة)!
إنّ مثل تلك العلاجات قد تعوق وتأخر علاج بعض الأمراض الخطيرة، خصوصا أنه لا توجد عليها أية دراسات أو تجارب علمية تثبت حقيقة نجاحها. وذلك أيضا دور أساسي للأطباء والنقابة ووزارة الصحة للتحقيق فيه وإيقاف انتشاره لسلامة المرضى. وقد يكون بعضها بصفة مؤقتة مفيدا لعلاج الحالات البسيطة مثل: المغص أو الصداع أو الشد العضلي، ولكن لا يتعدى ذلك إلى علاج السرطانات والسكري والضغط وأمراض القلب والأمراض النفسية أو الجلدية والكسور وعلاج الربو أو الحساسية... كما يدعون، بحيث قد تخدر الأوجاع أحيانا وتسبب في تأخير ظهور الأعراض الحقيقية آجلا للمرضى، خصوصا أنها غالية الثمن كمثل خل التفاح، فسعر الزجاجة اثنا عشر دينارا، والعسل قد يصل إلى 25 دينارا لخمسمئة غرام، وزيت لتساقط الشعر بثلاثين دينارا. هذا هو الهم الحقيقي حينما يحصدون ثروة من بيع الهواء، هؤلاء هم القادمون الجدد، وبعض من أنشطتهم السريعة الاستنزاف. وترينا أيضا الإعلانات وجود حضانات منزلية للأطفال ودروس خصوصية، ومكاتب للزواج وغير ذلك الكثير من الأنشطة غير المرخصة جميعها؛ لأنها تعمل في الخفاء ومن المنازل! ومن السهل جدا عمل كمين لهؤلاء للتعرف على كفاءاتهم لممارسة مثل تلك الأنشطة ومدى صحة إدعاءاتهم.
هكذا تبدو بلادنا المفتوحة، معرّضة للسرقات وبطرق حديثة وخفية... وهم يرمون الرماد في العيون، فيجب علينا الانتباه كثيرا والحذر من كلّ ما نراه أو نقرأه حولنا! فشعب البحرين بسيط وطيّب جدا، فلا نريد له أن يكون ضحية للعولمة الكاذبة ولاستنزاف خيراته بطرق غير واقعية! إنّ دورنا كبحرينيين الآنَ يجب أنْ نكون أكثر وعيا وترقبا لما يدور حولنا من أخطاء مجتمعية، والإبلاغ عنها لإيقاف أو تحديد الممارسات الخاطئة، واستصدار قوانين حازمة للمتلاعبين، وأنْ تكون عيوننا يقظة لحماية بلادنا، والحديث النبوي الشريف يقول: “مَنْ رأى منكم منكرا فليقوّمه بيده وإنْ لم يستطعْ فبلسانه وإنْ لم يستطعْ فبقلبه وذلك أضعف الإيمان”... ولكن بشرط ألا نكون ضعفاء بإيماننا وأنْ نقوّيه بالفعل والحركة والنشاط للسيطرة على المغالطات وإعلاء الصح والصحيح ليسود البلاد الخير للجميع.
إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"العدد 2029 - الأربعاء 26 مارس 2008م الموافق 18 ربيع الاول 1429هـ