تواصلا مع ما ذكرناه سابقا عن خلط الأوراق في مسألة العمالة الأجنبية هناك خلط بين الأسباب العاجلة والقصيرة الأمد والأسباب الجذرية الطويلة الأمد في تفسير إضرابات الأجانب التي تصاعدت مؤخرا في البحرين.
إنّ استمرار الاستغلال والظروف الصعبة مع التساهل في التصدّي له ترافق مع موجة عالمية من الوعي بحقوق الإنسان. هذا هو السبب الأوّل والأساسي, سياسة غض النظر وتأجيل البت في المشكلات التي أصبحت جزءا من الثقافة السياسية لجميع قطاعات مجتمعنا وهي السبب في آرائنا وسياستنا مع تطورات الواقع المحلي والعالمي, من يتبع سياسة حافة الهاوية أصبح هو الخاسر الأكبر في عصر العولمة سواء أكان ذلك في الاقتصاد أم السياسة أم المجتمع. السبب الثاني هو في المستوى العالي لوجود العمالة الأجنبية في الخليج من ناحية العدد والتركيز في منشآت ضخمة مما يجعلها تدرك قوّة تأثيرها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية , خمسة عمّال في مصنع صغير لن يضربوا, ولكن ألف عامل في منشأة مقاولات سيضربون بالتأكيد.
إنّ تضافر السببين المذكورين مع ارتفاع حدّة التضخم في الدول الخليجية ما يدفع العامل الأجنبي الى الاقتصاد لحد الجوع وتدهور القيمة الفعلية للروبية الهندية وضعف الدولار هو الذي ساهم في إشعال فتيل الإضرابات الأخيرة.
إنّ قصر التعامل مع موضوع العمالة الوافدة من أبعاد إنسانية وإنْ كان توجها نبيلا ومحمودا إلا أنه عاجزٌ عن التصدّي للأبعاد الاقتصادية والسياسية, قطاع المقاولات غير مساهم في رفع إنتاجية اقتصادنا الوطني ولم يبرهنْ على انه قادرٌ على التكيّف مع معطيات واقع سوق العمل البحريني «باستثناء مؤسسات تعد بالأصابع» , إنّ شركات المقاولات لدينا غير إنسانية بسبب أنها غير منتجة وغير كفؤة, وفي حين تدفع شركات المقاولات لدينا أبخس الأجور و تقدم أسوأ أماكن سكن لعمّالها فإن قطاع المقاولات في البلدان المتقدّمة هي بالذات التي تدفع أعلى الرواتب.
إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"العدد 2028 - الثلثاء 25 مارس 2008م الموافق 17 ربيع الاول 1429هـ