وددت لو أن بعض المشايخ الأفاضل وبعض الشخصيات المثقفة والفاعلة ذات الأسماء الثقيلة في المجتمع، حين تتصل بنا لمناقشة فكرة أو البحث في موضوع أو معالجة قضية تتعلق بالأوضاع المقلقة في القرى بسبب أعمال التخريب، التي لا أشك شخصيا في أن مندسين نشطوا في الآونة الأخيرة في افتعالها لإلحاق الأضرار بالمواطنين... أقول وددت لو أن تلك الشخصيات المهمة، تقبل بأن ننشر ما يدور بيننا وبينها من نقاش هو في الحقيقة يحوي مواقف وطنية مشرفة، هي بمثابة رسالة واضحة للحكومة، وفي الوقت ذاته رسالة معتدلة لكل الأطراف، وخصوصا الطرف النشط الذي يمارس دوره في إحياء المطالب عبر المسيرات والاعتصامات المنظمة والفاعلة التي تتيح للناس التعبير عما يجول في أنفسهم بكل حرية وأمان.
وفي الحقيقة، لابد من أن نلتمس العذر لكل من بدأ يشعر بأن الوضع في القرى أصبح أشد خطرا من ذي قبل، ومن حقه أن يأمن على نفسه، لكن الكلمة مسئولية، ليس في قبال حركة المطالب المشروعة التي لن تنتهي طالما يعطي الدستور المواطن الحق في التعبير عن رأيه وإعلان مطالبه باعتدال وبسلمية لا تعرض حرية وحياة وحقوق الآخرين للانتهاك.
كثير من القراء يعبرون في اتصالاتهم ورسائلهم لنا عن اختلافهم معنا في بعض الموضوعات التي نتناولها وتتعلق بأعمال العنف والتخريب التي تشهدها القرى بين الحين والآخر، وفي المقابل، هناك فريق يؤيد ما نطرح وخصوصا إذا ما تطابقت المعلومات والنقاط التي نطرحها مع معلومات ونقاط هو يدركها ويعلم حقيقتها... وكما يعلم الكثير من القراء المتتبعين لهذه الزاوية، فإن مناسبات كثيرة كررت فيها رفض أعمال العنف والتخريب والحرق التي تشهدها القرى، سواء من جانب بعض الشباب من أبناء تلك القرى، أو من القادمين إليها، أو من جانب الفئة الخطرة التي تندس في القرى لتفعل فعلها المشين من أجل تقويض الاستقرار وإلحاق أبشع صور الضرر بالأهالي، لكن لايزال هناك الكثير من الناس لا يفرقون بين ملثم وآخر! وهذه مسألة صعبة في الواقع، لكن ليضعوا في اعتبارهم، أن من يريد الإضرار بالقرى وبأهالي القرى وبالحركات المطلبية المشروعة، ليسوا كلهم أنموذجا واحدا... وليسوا كلهم على حق... وأن من بينهم عصابات تتعمد إثارة القلاقل في القرى. وقد أشرت في السابق إلى أن بيانا لجمعية “الوفاق الوطني الإسلامية” قد لفت النظر إليها إثر حادث إحراق مزرعة كرزكان، أكدت مجموعات ملثمة تحمل السلاح وتهدد أمن البلد بكامله.
القرى يا جماعة ليست “نهبا” وليست مسرحا ميدانيا للتنكيل بأهلها عبر تعريضهم للعقاب الجماعي وإفساح المجال للطائفيين من أجل صب جام غضبهم على أهالي القرى ورموزها الدينية وناشطيها، عبر التصريحات الصحافية والمواقف البرلمانية والمنتديات التي ما استطاعت أن تغطي عورتها فانكشف هدفها الرامي إلى إخراج أهالي القرى من ملة الدين ومن حقوق المواطنة ومن انتمائهم للبلد.
هناك محاولات واضحة للعيان من جانب بعض الأطراف البرلمانية والصحافية، وكذلك من منابر دينية لا شغل لها سوى تأليب الدولة على القرى! هذه المحاولات مسنودة بأعمال عنف وتخريب لاأزال أجزم بأن لا أحد يستطيع تحديد من يكون أولئك الذين ينشطون في بعض القرى لإشعال النيران! وهذا ما حذرنا منه مرارا وتكرارا... فإذا كنا نرفض العقاب الجماعي، ونعلن للمسئولين الرفض لاتهام كل شباب القرى والأهالي بالإرهاب ووضع الجميع في خانة واحدة، فإن من الواجب أيضا تكرار تأكيد أهمية أن تكون الأنشطة المطلبية معتدلة وهادئة تقطع الطريق أمام المندسين الذين يرقصون فرحا كلما اشتدت المواجهات العنيفة بين الشباب وقوات الأمن.
ليس لأهالي القرى ذنب في أن يعانوا من الحرائق والغازات والسطوة المسلطة على رقاب أهلها... وإذا كان الكثير من الشباب الذين تواصلوا يؤكدون أنهم لا يبدأون بالعنف في أنشطتهم المطلبية، وأن الأمور تسير بشكل طبيعي إذا لم يواجه نشاطهم بالتنكيل والقمع، فإننا نضم صوتنا إلى صوتهم في استمرار الفعاليات المطلبية بعيدا عن العنف، ونتمنى أن تصل الرسالة أيضا إلى أصحاب القرار، لإيقاف أي طرف كان، يسعى للنيل من استقرار البلد ومن حقوق الناس، والإضرار المبرمج والمقصود، لكن، نعيد ونكرر، أن أي ممارسات غير مسئولة هي الأخرى تفتح الباب على مصراعيه لاستمرار اندساس المندسين، الذين لا يرتاحون إلا إذا رأوا القرى تشتعل، ورأوا أهلها في خلاف وصراع يزرع العداوة والبغضاء. وللحديث صلة
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 2025 - السبت 22 مارس 2008م الموافق 14 ربيع الاول 1429هـ