وصل نائب الرئيس الأميركي، ديك تشيني، إلى السعودية يوم الجمعة 21 مارس/ آذار 2008، مستكملا جولته الشرق أوسطية التي كانت قادته إلى أفغانستان. وعقد تشيني لدى وصوله اجتماعا مع العاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي استقبله في مزرعته بالجنادرية. وتشير التقارير الأولية إلى أن البحث تركز على تطورات الأحداث في المنطقة، وخصوصا على صعيد الأزمات الفلسطينية والعراقية واللبنانية. وكان مقربون من تشيني أشاروا إلى أن زيارته للمملكة العربية السعودية قد تكون أبرز محطات جولته في المنطقة، إذ من المقرر بحث ملفات أمنية واقتصادية وسياسية مع المسئولين فيها. كما لفتوا إلى أن نائب الرئيس الأميركي سيحمل معه إلى الرياض «الهموم الاقتصادية الأميركية» مع ارتفاع سعر النفط وتراجع أسعار صرف الدولار.
من الطبيعي أن يكون جدول أعمال تشيني مع العاهل السعودي مزدحما بقضايا المرحلة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط (بما فيها أفغانستان)، التي تقع على قمة بركان يهدد بالانفجار في أية لحظة هذه الأيام. لكن طالما أن القادم هو تشيني، وهو أيضا من يرأس الوفد الأميركي الذي يجلس إلى طاولة الحوارات، فمن الطبيعي أن تتصدر الورقة المالية، أو بالأحرى الاقتصادية جدول الأعمال، وعلى رأس تلك القائمة يقف النفط وأسعاره.
يدفع الزيارة نحو الجانب النفطي عاملان متكاملان: على الصعيد الاقتصادي النفطي، تسبق تشيني إلى الرياض ما شهدته أسواق النفط حديثا من ارتفاع لا سابق له، إذ بلغت أسعار النفط ،التي حطمت جميع الأرقام القياسية، ما يربو على الـ 110 دولارات للبرميل قبل أن تهبط الى نحو 100 دولار في سوق نيويورك. أما على الصعيد السياسي، فيأخذ تشيني معه في حقيبته تصريحات الرئيس الأميركي جورج بوش التي أطلقها في 12 مارس/آذار حين قال: «إن احدى مهمات نائبه عندما سيتوجه الى الشرق الأوسط ستكون السعي الى رفع انتاج أوبك من النفط، (مضيفا أنه يأمل) أن يستمع الملك عبدالله بانتباه شديد الى نائب الرئيس عندما سيبلغه أن سعر النفط يهدد بالارتداد سلبا على المنتجين». وما يعطي الرياض موقها المهم والمتميز في هذه المرحلة هو كمية إنتاجها النفطي أولا، وتجاهل «أوبك» في مناسبتين دعوات بوش وضغوطه الهادفة الى رفع انتاج «الأوبك» ثانيا.
وعند الحديث عن تشيني، لا يمكن عزل الجانب الشخصي عن الموقع الرسمي الذي يتبوأه. هذا ما تثبته سيرة تشيني الذاتية، فهو، وفقا لما اورده موقع إسلامي موثوق(http://www.islamicnews.net) الشخص الذي ترأس «شركة هاليبرتن» في العام 1995، وهي في أسوأ حالاتها إذ كانت تعاني خسائر مالية على مدى عامين، وهو ما أدى إلى خفض عدد هائل من العاملين والموظفين. وتحت إشراف تشيني تحسنت أحوال الشركة كثيرا وارتفعت أسهمها ارتفاعا ملحوظا. وفي العام 1999 استطاع تشيني أن يحقق حوالي 2 مليون دولار أرباحا للشركة، وعندما وصلت أسعار النفط إلى أوجها في ذلك العام، أدى ذلك إلى ارتفاع هائل في سعر السهم بالشركة: من أقل من 40 دولارا في مارس/آذار إلى أكثر من 50 دولارا في يونيو/ حزيران، وذلك عندما باع تشيني حوالي 100,000 سهم، وقد درَّ عليه ذلك ثروة تقدر بحوالي 5,1 ملايين دولار».
وكما يبدو فقد استغل تشيني خبرته في إدارة البنتاغون، وشبكة الاتصالات التي يتمتع بها مع دول العالم المختلفة، من خلال موقعه نائبا للرئيس، وخصوصا مع دول النفط الغنية في الخليج العربي؛ لتحسين حال شركته.
ويعود مزج تشيني بين المال والسياسة إلى بداية عمله مع «هاليبرتون»،عندما عيّنته الشركة في العام 1995 في مركز قيادي، كي يستخدم علاقاته بالأمراء والملوك ووزراء النفط للمساعدة في تحويل «هاليبرتون» من شركة متوسّطة الحجم إلى شركة عملاقة متعدّدة الجنسيات. وقد قام بذلك على أحسن وجه.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2025 - السبت 22 مارس 2008م الموافق 14 ربيع الاول 1429هـ