في آخر تعليقات المرشح عن الحزب الديمقراطي باراك أوباما عن منافسته هيلاري كلينتون ذهب الأول إلى أن الأخيرة بدأت «تلقي عليه أواني المطبخ» من ردهات حملتها الانتخابية. ورغم أن هذا التعليق لا يقلّ «حدة» و «عنصرية» ضد كلينتون عمّا خرجت به إحدى المسئولات بحملة كلينتون حين قالت عن أوباما إنه «محظوظ للونه الأسود»، إلا أن هيلاري نفسها لم تطلب من باراك اوباما الاعتذار على الأقل، أو الانسحاب لإطلاقه جملة تمييزية تجاه جنسها في تصريحه ذاك. وهو ما يعطي كلينتون نقطة تقدم تدل على أن البيت الأبيض يستطيع فعلا أن يعلّم ساكنيه الحكمة والصبر.
اليوم تمسك ولاية بنسلفانيا في الثاني والعشرين من أبريل/ نيسان المقبل بفرص الحسم بين الديمقراطيين المتنازعين، وسيمثل فوز الأخيرة فرصة حقيقية لبقائها في سلم المنافسة في انتظار يوم تستطيع فيه أن تتفرغ لمقارعة السبعيني جون ماكين الذي بدأ منذ أيام جولة خارج الولايات المتحدة للاستجمام والترفيه وإطلاق التصريحات وكسب تأييد جماعات الضغط الأميركية الداعمة لـ «إسرائيل»، وأخيرا الاستعداد للمعركة الفاصلة، وما خلا أن تستطيع هيلاري الظفر بترشيح الديمقراطيين فإن الاميركيين سيكونون فعلا اضطهدوا هذه السيدة التي استطاعت أن تحفظ عائلتها من شبح التفكك والانهيار إثر تصرفات زوجها في غرف وردهات البيت الأبيض، كما أنها بالمقابل نجحت في تأهيل ابنتها «تشلسي» التي عادت للأضواء مجددا؛ لتكون إحدى سيدات المجتمع الأميركي الراقي والناجح.
التركيز على نجاحات هيلاري يعطيها الفرص الأكبر للفوز، ولكن الخطأ الكبير الذي وقعت فيه هو أنها لم تعطِ الأميركيين شعارا يميزها عن أوباما أو حتى عن المرشح الجمهوري ماكين، وهو ما جعلها في الحسابات السياسية - وخصوصا مع تصويتها لمصلحة حرب تحرير العراق مع الكتلة الجمهورية في الكونغرس الأميركي - مرشحة تفتقر للرؤية المستقبلية الواضحة مقارنة بخطاب أوباما الذي يعتمد على “التغيير”، وهي مفردة تستطيع أن تفعل فعلها رغم أنها أيضا كانت العبارة التي أطلقها الرئيس الحالي جورج بوش الابن في حملته الانتخابية لفترته الرئاسية الأولى!
ينتظر الديمقراطيون معركة بنسلفانيا لا رغبة منهم في حسم هذا الصراع بين اوباما وهيلاري بقدر ما ينتظرونها كتوقيت لترميم بناهم التحتية الركيكة، وخلاف أن يستطيع الديمقراطيون إصلاح ما تبقى من كتلهم الانتخابية في الولايات وحثها على التوحد خلف واحد من هذين الاثنين، فإن هيلاري كلينتون لن تكون وحدها من يلقي بأواني المطبخ، بل الديمقراطيون كافة. وحينها فقط، سيكون على أوباما ألا يفكر بالاعتذار على عبارته تلك.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2025 - السبت 22 مارس 2008م الموافق 14 ربيع الاول 1429هـ