في النسخة الجديدة من كتاب «الحيوان» وردت الحكاية التالية: أول مرة في حياتي آشوف هاللون! آنه عمري ألحين ثلاث سنوات وما شفت يوم أسود في حياتي مثل يوم الجمعة اللي راح! يا ساتر استر!
كنت آمشي على نياتي، آتنزه في شوارع سترة يوم الجمعة العصر، أدوّر ليي شيء آكله، وما آشوف إلاّ طيخ طاخ! ويش صاير؟ انقلاب واحنه ما ندري! اضرب لا تضرب!
صراحة البداية خفت واجد، وقلت أرجع إلى البيت أسلم لي، وويش ليي بالسياسة واهوالها ورزق الله على السيف، شوفوا البحرينيين المجانين مضيعين وقتهم في السياسة وما حصلوا إلاّ حمبصيص! ومثل ما يقول المثل: «عيش جبان تعيش لأمك زمان»، وأني ما أريد أموت قبل يومي... وأبغي اتهنّى بشبابي!
المهم... وِشْلي بهالدندرة. قمت أمشي جنب الطوف، ما فينا شدّة مسيل دموع أو تجينا رصاصة مطاطية تنفّخ رجلي أو تطيّر عيني وأصير عورة ترى ما حد في هالزمن ينفع أحد!
المهم بغيت آرجع، ما آشوف إلاّ زادت الدخنة، وزاد الضرب، والناس تتراكض وتتخشش في بيوتها من مسيلات الدموع. يقولون فلفل مطحون، أكيد بيحرق العيون، إذا واحد ياكل اشوي بزار تحمر عيونه ويزخّه العرق، اشلون بعد فلفل أسود ومطحون زين إمّا زين!
يقولون فلفل، بس أني بصراحة مو مصدقة انه فلفل، تدرون ليش؟ لأنه ما خلاني أقدر أمشي، تسندرت حدّي وقمت اتدوفع، وبعد خمس دقايق سدحني على الأرض، ما أشوف الطريق ولا أدري ويش صاير، فقدت وعيي وحسّيت بضيقة وارتجاف وآلام بالمفاصل... بغت تطلع روحي، لولا أن أحدهم حملني وأخذ يركض بيي، يبيّن انه من أعضاء جمعية حماية حقوق القطاوة والسنانير... الله يجازيه ألف خير!
المهم، غمضت عيوني وما فتحتها إلاّ في البيت تحت الدرج، قمت صعدت إلى البلكونة، علشان أشم هوا، تراني اختنقت. هذا مو فلفل، حشا، هذا كيماوي من اللي استخدموه في حلبجة! يدبح دباح! أعوذ بالله! لمتى هالحالة؟ ما صارت! حتى لو طالع كم واحد يسوّي ليه دندرة تقومون تعاقبون الجميع؟ هذي ما صارت ولا استوت. الله ما يرضى ولا رسوله بهالحالة. حتى الحيوانات اللي ما لها بالغنم تيس ما سلمت من العقاب الجماعي؟ زين اضربوا الأوادم، عندكم إياهم... بس تضربونا حتى احنه القطاوه لا، ترى فيه في هالزمن منظمات (animal watch) وحقوق حيوان وقوانين دولية تجرّم الاعتداء على الحيوانات... مو خراطة!
وإذا كلش كلش... على الأقل تغيّرون هالنوعية من مسيلات الدموع، يمكن منتهية صلاحيتها، مفعولها ساعة ساعتين مو يومين! فعيوني ظلت ملتهبة مثل الجمر أربعة أيام وظليت أفركها من زود الحرقان. أرجوكم رحم الله والديكم خففوا، غيّروا النوعية، ترى الفلفل المطحون يدبح، خصوصا إذا كان فلفل أسود.
في الأخير... أعترف بأني صحتي زينة ألحين، وأني من قبل كنت بعافية، شوفوا الصورة وتأكدوا، بس ما قدرت أتحمل مسيل الدموع، ما عليكم من الاشاعات المغرضة بأني كنت منسدحة من كثر الأكل، وبعض المتفرغين طلعوا عليي إشاعة أني حامل في الشهر السابع، هذا مو صحيح، والصحيح إنه من سبايب الفلفل المطحون!
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2023 - الخميس 20 مارس 2008م الموافق 12 ربيع الاول 1429هـ