تناقلت وكالات الأنباء خبر «اختيار معهد ستوكهولم الدولي للمياه (SIWI) البروفيسور بجامعة لندن في بريطانيا، جون أنطوني آلان، صاحب نظرية (المياه الافتراضية)، للفوز بجائزة ستوكهولم للمياه للعام 2008». وتبلغ قيمة الجائزة التي تقدم سنويا، منذ إطلاقها في العام 1990، من جانب «مؤسسة ستوكهولم للمياه Stockholm Water Foundation 150 ألف دولار أميركي.
ويصف موقع سي إن إن (CNN) البروفيسور آلان (71 عاما) بأنه «خبير بارز في مجال الموارد المائية العالمية، ويُوصف بأنه أحد أهم المفكرين تأثيرا في قطاع المياه اليوم، كما أنه يُعتبر رائد المفاهيم التي تعد أساسا لفهم قضايا المياه وكيفية ارتباطها بالزراعة وتغير المناخ والاقتصاد والسياسة».
ولتقريب المقصود من مفهوم «المياه الافتراضية» إلى الأذهان، ننقل ما أوردته وكالة رويترز للأنباء بشأنه. فهي ترى أنه «وراء كل قدح من القهوة يتناوله المرء في الصباح هناك 140 لترا من المياه استهلكت في إنماء وإنتاج وتعبئة وشحن حبوب البن». ويعادل هذا تقريبا المياه التي يستخدمها الفرد في إنجلترا في المتوسط للشرب وكل حاجاته المنزلية... ولإنتاج شطيرة هامبرغر واحدة هناك حاجة إلى ما يقدر بنحو 2400 لتر من المياه. (أما) في الولايات المتحدة الأميركية، (فإن الفرد) يستهلك في المتوسط 7 آلاف لتر تقريبا من المياه الافتراضية يوميا»... وهذا يعادل أكثر من ثلاثة أضعاف متوسط استهلاك الفرد في الصين».
ولقد تنبهت الوكالات الدولية التي تهتم بمشكلات المياه في العالم إلى أهمية هذه المسألة فوجدنا الدورة الاستثنائية الثامنة لمجلس الإدارة/ لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وأثناء إنعقاد المنتدى البيئي الوزاري العالمي في جيجو، جمهورية كوريا، في الفترة بين 29 - 31 مارس/ آذار العام 2004. تلفت النظر إلى أهمية وضرورة تعزيز الوعي «للتجارة بقيم المياه الافتراضية اللازمة للإنتاج: فيمكن للبلدان التي تشح فيها المياه بتحقيق ادخارات مائية كبيرة عن طريق خفض صادراتها من المياه الافتراضية وتقوم باستيراد المياه الافتراضية من خلال المحاصيل والمنتجات كثيفة الاستخدام للمياه».
وعلى الصعيد العربي يحث نائب رئيس اللجنة الوطنية الزراعية التابعة لمجلس الغرف السعودية، سمير بن علي قباني في ورشة عمل «الاستراتيجية الوطنية للمياه» التي أقامتها وزارة المياه والكهرباء في نهاية العام 2006، المؤسسات العربية على تقدير الكميات المهدرة من «المياه الافتراضية» متخذا المملكة السعودية نموذجا لذلك، إذ يحذر من أن «مجموع المياه الافتراضية في إنتاج البرسيم والقمح والتمور يبلغ 10.9مليارات متر مكعب من المياه الافتراضية، (وهي تعادل) نحو نصف مجموعة الكمية من المياه التي يستهلكها القطاع الزراعي في المملكة السعودية سنويا».
أما الورشة التشاورية الأولى للمنطقة العربية التي بدأت أعمالها في القاهرة في مطلع هذا الشهر، للإعداد للمنتدى العالمي الخامس للمياه، الذي يبدأ فعالياته في العاصمة التركية اسطنبول في الفترة من 16 وحتى 22 من شهر مارس/ آذار من العام 2009، فقد دعت إلى العمل على «تحقيق هدف أساسي هو إقامة جسر للتواصل بين الأفكار والآراء المختلفة من شتى دول العالم بخصوص المياه». ثم مضت مؤكدة على أن من أهم النقاط المطروحة على جدول أعمال منتدى اسطنبول ستكون «أسس وقواعد حساب المياه الافتراضية لتجنب الأزمات المائية المحتملة والخبرة العربية في إرساء نظم مشاركة المؤسسات المعنية في إدارة الأزمات المائية ومشكلة التصحر في الدول العربية وسبل مواجهتها». وكما يبدو فقد باتت مشكلة المياه مشكلة عالمية تعاني منها جميع الدول من دون أي استثناء. هذا ما أشار إليه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، حين دعا، في كلمته التي ألقاها في في دافوس، جميع دول العالم، «إلى وضع ملف شحّ المياه في صدارة اهتماماتها وعلى لائحة أبرز القضايا الدولية واتخاذ ما يناسب من الإجراءات لمنع حدوث نزاعات قد يثيرها نقص موارد المياه».
ونقلت «أسوشيتد برس» عن كي مون تذكيره لكبار المستثمرين والزعماء السياسيين المجتمعين في المنتدى الاقتصادي العالمي بكون نقص المياه الذي يتفاقم باستمرار في الكرة الأرضية «قد يؤدي إلى نزاعات كما هو حاصل في دارفور الناتج بشكل كبير عن الجفاف في السودان، مشيرا إلى أن النقص في موارد المياه فاقم أوضاع الفقر وأوضاع اجتماعية سيئة في الصومال وتشاد و»إسرائيل» والأراضي الفلسطينية ونيجيريا وسريلانكا وهايتي وكولومبيا وكازاخستان».
وفي السياق ذاته، وفيما يتعلق بأهمية المياه للبلاد العربية، حذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، من «أن التغييرات المناخية في الشرق الأوسط، قد تؤدي إلى انخفاض الإنتاج الزراعي وتفاقم مشكلة نقص المياه، ما يؤدي إلى زيادة التهديدات التي تواجه فقراء المنطقة». وكشف تقرير صدر أخيرا عن المنظمة، أن عدة دول في الشرق الأوسط تعاني من نقص في الأراضي الزراعية وانخفاض في كميات المياه المطلوبة لري المحاصيل... غير أن التغيير المناخي قد يجلب معه درجات حرارة أعلى، وبالتالي المزيد من الجفاف، وفيضانات وتآكل التربة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2023 - الخميس 20 مارس 2008م الموافق 12 ربيع الاول 1429هـ