العدد 2291 - السبت 13 ديسمبر 2008م الموافق 14 ذي الحجة 1429هـ

رسالة وزير العدل

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

استهل وزير العدل والشئون الإسلامية اليوم الأول بعد إجازة عيد الأضحى المبارك بلقاء رؤساء تحرير ومندوبي الصحف المحلية الخميس الماضي.

كان من الواضح أن لدى الوزير الشيخ خالد بن علي آل خليفة رسالة عاجلة يريد توجيهها، على إثر قراره بخصوص بناء دور العبادة، الذي أثار ردود فعل مختلفة على مستوى الرأي العام والصحافة، أو رجال الدين الذين اعتصم مجموعةٌ منهم أمام مبنى الوزارة احتجاجا.

الوزير ابتدأ مؤتمره الصحافي بالإشارة إلى ما تمارسه الصحافة من دورٍ «في ترسيخ الديمقراطية، ونقل الحقائق ومحاربة الفساد»، والتسليم لها كـ»مرجع أساسي لأي مواطن ومسئول فيما يتعلق بالرأي العام». وهو مدخلٌ يوفر أرضية جيدة للفهم المتبادل بين الصحافة والمسئولين، بينما سنرى من سيهب للدفاع عن الوزير وكأنه ضحية لحملاتٍ مغرضةٍ تستهدفه شخصيا وحصريا، كما جرى من قبل في وزارة التربية والتعليم على سبيل المثال.

الوزير كان لديه رسالة يريد توجيهها، ونرجو أن نكون قد نقلناها بمنتهى الأمانة والدقة لتصل للجمهور ومن يعنيهم الأمر. وقد أشار بوضوحٍ إلى أن الهدف من المؤتمر توضيح موقفه من ردود الفعل التي تتابعت على قراره المذكور، مؤكدا أن القرار تنظيمي بحت، وقد أسيء فهمه بإعطائه تفسيرات بعيدة عن الواقع، مثل مصادرة الحريات المذهبية أو السعي لإقصاء طائفة معينة وتحجيمها، أو فرض الوصاية على المساجد والمآتم... انتهاء باتهام الوزارة بالسعي لنهب أموال الأوقاف.

الوزير كان واثقا من أن القرار صائب تماما، وهو حين أصدره إنما كان يقوم بواجبه، التزاما بالدستور وبسياسة الدولة، فهو مسئول أولا وأخيرا عن الشئون الإسلامية.

الوزير مؤمنٌ بأن القرار يحقّق مصلحة عامة، ولكن جرت قراءته قراءة خاطئة، وتم تقديم هذه القراءة الخاطئة إلى رجال الدين. وكشف أنه قابل عددا من الذين اعتصموا أمام الوزارة وناقشهم بكل شفافية. وعلى رغم تمسّكه بموقفه، إلا أنه قال بأن من غير المتوقع أن يتفق الناس على رأي واحد، وأن القرار قابلٌ للطعن، ويمكن انتقاده عند التطبيق.

الوزير حرص على نفي انحيازه إلى طائفة ضد أخرى، وقال ان مشاريع الوزارة مفتوحة على الطائفتين، وليست موجهة للسنة أو الشيعة فقط. وقال: «إن أي مضرةٍ لطائفةٍ من طوائف الإسلام مضرةٌ للإسلام كله». مؤكدا أنه «لم ولن يتدخل أو ينحاز لمصلحة طرف، فنحن جميعا مسلمون». وهذا موقفٌ مطلوبٌ من أيّ وزير، في ظلّ وضعٍ تسيطر فيه الشكوك والريبة من الاستقواء بقوى دينية ضد أخرى، ويغلب فيه سوء الظن، وتقدّم بعض الجهات الرسمية حزمة من الأدلة التي تغذّي هذه الظنون والهواجس، بفعل انحيازاتها ومواقفها المسبقة.

طرح الوزير فيه الكثير من المنطق الداخلي، فهو مسئولٌ بحكم وظيفته أمام الحكومة والبرلمان، عن أمورٍ من بينها تنظيم دور العبادة والإشراف عليها. والخشية ألا تصل رسالته للمعنيين، من خلال مؤتمر صحافي يُعنى بتقديم «جردة» حسابية مجرّدة بعدد المساجد هنا وهناك. فالأمر يستدعي استرجاع أجواء الثقة المفقودة، وإرسال رسائل تطمين بعدم وجود استهدافات خاصة تهدّد الهوية المذهبية، في مجتمع مثقل بأعباء التاريخ، ويتعرّض لتآكل لحمته الوطنية بفعل اللعبة السياسية وبركة السياسيين... فحتى الأوهام تحتاج إلى علاج

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2291 - السبت 13 ديسمبر 2008م الموافق 14 ذي الحجة 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً