العدد 2020 - الإثنين 17 مارس 2008م الموافق 09 ربيع الاول 1429هـ

الولايات المتحدة وكوبا... قاسم مشترك

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

يمكننا تعريف آلية التصويت غير المباشر لانتخاب الرئيس الأميركي وذلك عبر المصوّتين في المجمع الانتخابي، بأنها القاسم المشترك وربما الوحيد الذي يجمع بين الولايات المتحدة وكوبا!. فكلا النموذجين يعتمد هذا الأسلوب في الانتخابات الرئاسية وهو ما تسبب بالفعل في صعود دخول رئيسين أميركيين للبيت الأبيض لم يستطيعا الحصول على أغلبية أصوات الناخبين الأميركيين، الحالة الأخيرة كان انتخاب الرئيس جورج بوش الابن للولاية الثانية بغالبية الأصوات في المجمع الانتخابي رغم حصول منافسه آنذاك مرشح الحزب الديمقراطي أل جور على غالبية أصوات الناخبين الأميركيين بشكل منفرد.

يعيد بعض الأميركيين هذه المفارقة إلى الدستور الأميركي الذي وضعه الآباء المؤسسون، بحسب تعبيرهم. ورغم أنّ إبداء غالبية الأميركيين تحفظهم الشديد على اعتماد آلية التصويت غير المباشر للانتخابات الرئاسية، فإنّ الكثير من مراكز القوى في الحزبين الجمهوري والديمقراطي لا يبدون متحمسين لتعديل دستوري يصحح هذه الثغرة في النظام الانتخابي، والتي تسببت لمرتين على الأقل في صعود رئيس لا يحظى بأصوات الغالبية.

النقطة التي تبدو أكثر أهمية في قراءتنا لهذه الثغرة الانتخابية الغريبة، هي إصرار قادة الرأي الأميركيين في الحزبين وأساتذة السياسة في الجامعات الأميركية ومراكز البحث على التمسك بما خرجت به النصوص المؤسسة لاتحاد الولايات الأميركية، وهو بالتأكيد ما يعيدنا أيضا، إلى حالة القلق والهاجس الأميركي الباحث عن نصوص تاريخية تلعب دور النصوص المؤسسة لكيان الإمبراطورية الأقوى في العالم. وهنا يحاول الأميركيون على الدوام إظهار نصوص الآباء المؤسسين وشروحاتهم ورسائلهم في أبجديات السياسة الأميركية كما تظهر في هذه المضامين التاريخية في شاشات هوليوود، بصفتها «النصوص الرئيسة» التي تنقذ مضامين العدل والمساواة والحرية التي صنعها الأباء المؤسسون لهذه الدولة الجديدة التي هم بالنسبة للاميركيين، محصلة العذابات والتجارب الإنسانية كافة.

إذا كانت النصوص المؤسسة للدول والحضارات أحد أهم ما تفتخر به نماذج الحضارات الأوربية والإسلامية .. الخ، فهي أيضا، أحد أخطر كوابح التصحيح والتطوير والقدرة على التكيّف ومسايرة مستجدات الواقع العالمي ومتطلباته. وهذه الإشكالية تحديدا، يبدو أنها استطاعت أن تأخذ طريقها للتجربة الأميركية في أكثر من ملف سياسي واجتماعي، خصوصا أنّ هاجس الأميركيين التاريخي قد صيرهم هم أيضا، أمام نصوص مؤسسة تبدو عزيمتهم في تجاوزها وتطويرها ضعيفة.

قد يكون القاسم المشترك الوحيد بين كوبا والولايات المتحدة هو آلية النظام الانتخابي غير المباشر في الانتخابات الرئاسية، إلا أن ذلك لا ينفي وجود قواسم مشتركة أخرى للولايات المتحدة مع تجارب سياسية أخرى تكون أكثر خطورة ودلالات، فهل يدرك الأميركيون هذه القواسم أنّ داء عدم الإنتباه هو سمة أميركية أصيلة، بحسب تعبير «هنتنغتون»؟، مَنْ يدري؟

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 2020 - الإثنين 17 مارس 2008م الموافق 09 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً