العدد 2020 - الإثنين 17 مارس 2008م الموافق 09 ربيع الاول 1429هـ

البطالة في السعودية

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

يعتبر موضوع البطالة من المسائل الشائكة في المملكة العربية السعودية. الشيء المؤكد هو أن السلطات هناك جادة في حل المعضلة بدليل الاعتراف بشكل واضح وجلي بشأن هذه الأزمة. حديثا فقط كشفت وزارة الاقتصاد والتخطيط بأن نسبة البطالة بين الأفراد السعوديين قد ارتفعت إلى 11,2 في المئة في النصف الأول من العام 2007 مقارنة مع 11 في المئة في الفترة نفسها من العام 2006. في التفاصيل، بلغ عدد العاطلين 453994 فردا في النصف الأول من العام 2007. بالمقارنة، بلغ عدد العاطلين 445198 في الفترة نفسها من العام 2006 ما يعني تدهور البطالة بنسبة 2 في المئة.

التعطل لدى الإناث

يعتقد بأن أحد الأسباب الرئيسية وراء المشكلة يعود بالضرورة إلى تعزيز البطالة في أوساط الإناث. فقد كشفت الأرقام الرسمية بأن نسبة البطالة في أوساط الإناث قد ارتفعت من 24,7 في المئة في النصف الأول من العام 2006 إلى 26,6 في المئة في النصف الأول من العام 2007. بالمقارنة، تراوحت نسبة البطالة في أوساط الذكور في حدود 8 في المئة في الفترة موضع النقاش.

لا يشكل انتشار البطالة في أوساط الإناث في السعودية مفاجأة للمراقبين، إذ يأتي ذلك في سياق ما هو مشهور في المنطقة برمتها. على سبيل المثال، تشكل الإناث 82 في المئة من مجموع العاطلين في البحرين كما تبين حديثا من الإحصاءات المتعلقة بمشروع التأمين ضد التعطل.

طاقات معطلة

إضافة إلى ذلك، تبين من إحصاءات وزارة الاقتصاد والتخطيط بأن الفئات العمرية الشابة تشكل السواد الأعظم من العاطلين في السعودية. ويتركز هؤلاء في الفئة العمرية ما بين 20 إلى 24 سنة يمثلون فيما بينهم 44 في المئة من العاطلين. وبينت الإحصاءات بأن غالبية العاطلين من الذكور (46 في المئة) هم من الفئة العمرية 20 حتى 24. وفيما يخص الإناث، لوحظ بأن 45 في المئة من العاطلات هن من الفئة العمرية 25 إلى 29 سنة.

الأمر المؤكد هو أن الاقتصاد السعودي يخسر بعض الشيئ بسبب انتشار البطالة في أوساط الشباب أي من الفئة العمرية الأكثر قدرة على العطاء والمساهمة في تطوير الاقتصاد المحلي. بمعنى آخر، يعتبر العاطلون طاقات معطلة لا تساهم بشكل إيجابي في العملية التنموية. ليس من السهل تحديد قيمة مالية لهذه الخسائر لكنها ليست بقليلة في كل الأحوال. يتمتع الشباب بالقدرة على الإنتاجية لأسباب مختلفة منها تسلحهم بآخر ما توصل إليه العلم الحديث بما في ذلك تقدير أهمية تقنية المعلومات.

يشكل العاطلون تهديدا للسلم الاجتماعي وخصوصا في ظل عدم توافر برنامج للضمان الاجتماعي يوفر فرص للتدريب وإعادة التأهيل مع عائد يضمن للعاطلين سبل العيش الكريم. بل يعتقد أن الفئات الضالة والتي تمارس الأعمال الإرهابية تعمل بصورة نشطة في أوساط الشباب العاطل عن العمل وفي ذلك خسارة إضافية للمجتمع السعودي.

الخطة التنموية الثامنة

تشكل الأرقام الأخيرة للبطالة تحديا نوعيا لأهداف الخطة التنموية الخامسة والتي تغطي الفترة من 2004 حتى 2009. تفترض الخطة التنموية تراجع نسبة البطالة من 7 في المئة في العام 2004 إلى 2,8 في المئة مع نهاية العام 2009. كما تتوقع الخطة أن يرتفع تمثيل الإناث من مجموع القوى العاملة الوطنية من 12,2 في المئة في العام 2004 إلى نحو 18 في المئة في العام 2009. وتأمل الخطة التنموية أن لا يزيد عدد العاطلين (أي الباحثين عن الوظائف) عن 139 ألف في العام 2009. بيد أنه تشير الإحصاءات الأخيرة إلى وجود صعوبة في تحقيق الأهداف المرجوة نظرا لضخامة عدد العاطلين في العام الماضي.عموما علينا الانتظار للأرقام النهائية للعام 2009 حتى نقف على حقيقة الموقف.

ظروف اقتصادية متميزة

اللافت هو حدوث تدهور فيما يخص أزمة البطالة على رغم تسجيل الاقتصاد السعودي مستوى مريحا من النمو وذلك على خلفية زيادة المصروفات العامة كنتيجة طبيعية لارتفاع أسعار النفط في الأسواق الدولية. فقد حقق الاقتصاد السعودي نموا حقيقيا (أي بعد خصم عامل التضخم) قدره 3,5 في المئة في العام 2007. وقد تم تسجيل نسبة تضخم قدرها 6,5 في المئة في العام الماضي.

لا يوجد سبب مقنع لوجود بطالة مرتفعة نسبيا في الوقت الذي يمر فيه الاقتصاد السعودي بظروف مالية متميزة. فقد حققت الموازنة العامة فائضا قدره 71 مليار دولار في السنة المالية 2006 فضلا عن 48 مليار دولار في العام 2007. السؤال الذي يطرح نفسه هو إذا لم تتمكن السلطات من احتواء ظاهرة البطالة في ظل ظروف اقتصادية متميزة، فمتى ستتمكن من حل هذه المعضلة؟ ويخشى أن تتفاقم معضلة البطالة وذلك في إطار تنفيذ خطة الإصلاحات الاقتصادية والرامية إلى تقليص دور القطاع العام في الاقتصاد لحساب القطاع الخاص. المعروف بأن مؤسسات القطاع الخاص تهتم بالربحية ما يعني ضرورة تحديد المصروفات التشغيلية ومنها عدد العاملين.

لا شك أنه لأمر صائب أن تقوم السلطات في المملكة العربية السعودية بنشر إحصاءات تفصيلية فيما يخص البطالة بكل شفافية الأمر الذي يخدم اتخاذ قرارات صائبة في نهاية المطاف. المطلوب من السلطات العمل بشكل مثمر لإيجاد حل لمعضلة البطالة في البلاد إذ إن المشكلة معرضة للتفاقم وخصوصا أن نحو 38 في المئة من السكان هم دون سن الرابعة عشر.

يشكل العاطلون طاقات غير مستخدمة الأمر الذي يقلل من فرص التنمية للاقتصاد السعودي. كما أن التنمية الاقتصادية تبقى قاصرة في حال عدم توفيرها سبل العيش الكريم أي فرص الحصول على وظائف تتناسب ومتطلبات الشباب السعودي. لا يكفي أن يمر الاقتصاد بظروف مميزة مثل تعزيز الإيرادات على خلفية ارتفاع أسعار النفط، بيد أنه يعاني عدد كبير من المواطنين من البطالة.

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 2020 - الإثنين 17 مارس 2008م الموافق 09 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً