أصدر رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني بيانا أمس قال فيه إنّ «هيئة مكتب المجلس وافقت على طلب تقدمت به مجموعة من النواب من مختلف الكتل البرلمانية بشأن تأجيل الجلسة الاعتيادية الحادية والعشرين المقرر عقدها اليوم (الثلثاء) على أن يتم عقد الجلسة الآتية في موعدها يوم الثلثاء الموافق 25 مارس/ آذار الجاري». وأوضح الظهراني في البيان أن هذا القرار يأتي لإعطاء الكتل البرلمانية مزيدا من الوقت للوصول إلى حل توافقي بينها بخصوص استجواب وزير شئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة المختلف في دستوريته بين هيئة المكتب ومقدمي الاستجواب وخصوصا بعد أن استجدت بعض الأمور أبرزها قيام مقدمي الاستجواب بتقديم صيغة استجواب معدلة عن الاستجواب سابق الذكر.
إن هذه الخطوة تعتبر إيجابية؛ لأنها ستفسح المجال للكتل أن تتفاهم على عدة قضايا تتعدى موضوع استجواب الوزير عطية الله، وخصوصا مع التأكيدات الصادرة عن القيادة السياسية أن اللائحة الداخلية للمجلس لن تطبق على نوعية معينة من الوزراء فيما تستثني آخرين، حتى لو كانوا من العائلة المالكة. والتوافق الذي ستتوصل إليه الكتل ربما سيكون في منتصف الطريق، إذ قد تتجه الكتل إلى إفساح المجال لاستجواب الوزير عطية الله في جانب معين، واستبعاد المساحة المختلف فيها عن الاستجواب.
الظاهرة التي برزت خلال الأسابيع الماضية هي وجود «كتلة 22» مقابل «كتلة 18»، و «كتلة 22» تضم النواب السنة، على حين تضم «كتلة 18» النواب الشيعة مع نائب مستقل واحد. إن هذا الاصطفاف خطير جدا؛ لأنه يعيد مفاهيم الجاهلية ولكن بغطاء برلماني حديث. ففي الجاهلية كانت القبائل تتقاتل على أساس «أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب». وكتلنا النيابية اصطفت على أساس تعصب طائفي بحت، على رغم أن هناك نوابا يودون الخروج من الاصطفاف إلا أن بعضهم يقول: «اعذرونا إن علينا ضغوطا لا نستطيع مقاومتها». وهذا الحديث ليس موجها إلى كتلة دون غيرها؛ لأن الظاهرة عامة، والمظلوم في قضية استجواب عطية الله قد يصبح ظالما غدا في قضية أخرى؛ بسبب هذه العقلية الاصطفافية.
إن ما هو مؤكد أن هذا الاصطفاف لم يقم على أساس مبادئ، وإنما هو اصطفاف ينتمي إلى عصر الجاهلية من الدرجة الأولى، ومع الأسف إن المشاركين في هذا الاصطفاف ممن يرفعون لواء الإسلام الذي من المفترض أنه ألغى الجاهلية قبل أكثر من 1400 سنة. وما هو مؤكد أن اصطفاف «كتلة 22» مقابل «كتلة 18» لا يبني وطنا، وإنما يؤسس لأزمات مشابهة لـ «داحس والغبراء»، تلك الحرب الجاهلية التي امتدت 40 سنة في عصر الجاهلية بسبب خلاف تافه. لذلك، إن أكبر خدمة يقدمها النواب الأفاضل (وأكثريتهم يرفعون لواء الإسلام) أن ينتصروا على أنفسهم ويخرجوا من هذا الاصطفاف الجاهلي إلى رحمة الله الواسعة التي تشمل جميع الناس، وبالتالي يمكن الاختلاف والاتفاق، ولكن ليس على أساس «كتلة 22» دائما مقابل «كتلة 18» دائما. نريد برلمانا من دون «داحس والغبراء».
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2020 - الإثنين 17 مارس 2008م الموافق 09 ربيع الاول 1429هـ