العدد 2019 - الأحد 16 مارس 2008م الموافق 08 ربيع الاول 1429هـ

الذكرى الخامسة لشن الحرب على العراق

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تمرّ علينا الذكرى الخامسة للحرب على العراق، ولعلّ الاحتجاجات على هذه الحرب تنطلق حاليا في أميركا وبريطانيا أكثر من غيرها، وذلك لأنهما تصدتا لشن الحرب على العراق رغم كلّ المخاوف ورغم عدم وجود شرعية دولية تدعمهما آنذاك. ولقد نتج عن الاحتجاجات إزالة رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير، الذي فقد شعبيته بسبب موافقته على كلّ السياسات الأميركية. ويوم السبت الماضي انطلق الآلاف من البريطانيين في مظاهرات في الذكرى الخامسة من بدء الحرب فى العراق، ودعا خلالها المتظاهرون الى سحب القوات البريطانية من العراق وأفغانستان. وقال متحدّث باسم المتظاهرين إنّ الحرب على العراق «جعلت العالم مكانا أكثر خطورة من ذي قبل»، بينما قال متحدّث باسم الحزب الليبرالي الديمقراطي (ثالث حزب في بريطانيا) «إنّ الحرب على العراق كانت عملا غير مشروع واستخدمت وثائق وتبريرات ثبت أنها كاذبة». كما دعا المتظاهرون إلى عدم الدخول في مجازفة خاطئة وغير مشروعة عبر شن أي هجمة على إيران.

الاحتجاجات الأميركية تقودها نخبة من ألمع ممثلي هوليوود عبر سلسلة من الأفلام الناقدة التي توضح المآسي الناتجة عن الحرب على العراق، وآخر هذه الأفلام In the Valley of Elah يعرض حاليا في البحرين من بطولة أحد أشهر ممثلي السينما الأميركية «تومي لي جونز»، الذي أبدع في تصوير دور الأب الأميركي المؤمن بالقيم الديمقراطية وبالدفاع عن الحرية وبالولاء للعلم الأميركي، وهو الذي أرسل اثنين من أبنائه إلى الجيش، أحدهما قتل، والثاني عاد إلى أميركا من الحرب في العراق، ولكنه يُقتل ويُقطع ويحرق وترمى عظامه للكلاب، كل ذلك على أيدي أصدقائه الجنود الذين عادوا معه من العراق الى أميركا... وقصة الفيلم تحكي كيف تحوّل دعاة الديمقراطية إلى وحوش تتلذذ بتعذيب الآخرين، بل وتقتل بعضها بعضا.

تومي لي جونز يبدأ فيلمه بلقطات مؤثرة جدا، فهو يتسلّم مكالمة هاتفية من إحدى القواعد الأميركية التي تخبره بأن ابنه اختفى من القاعدة وإذا لم يعد فسوف يحسب فارا ويُحاكم في محاكمة عسكرية، فينطلق بسيارته نحو القاعدة، وفي طريقه نحو تلك القاعدة يُشاهد علما أميركيا مرفوعا بالمقلوب، فيقف ليعدله وليخبر العامل المهاجر المسئول عن رفع العلم (مهاجر من السلفادور) بأن وضع العلم مقلوبا يعني أنّ مَنْ رفعه يقول إنه يمر في أزمة كارثية لايُمكن حلها... يعتذر السلفادوري عن فعلته الخاطئة، ولكن آخر الفيلم، عندما ينتهي الممثل المُبدع من التحقيق في سبب وظروف قتل ابنه، يعود إلى العلم الأميركي ذاته ويأمر العامل المهاجر بأنْ يرفع العلم بالمقلوب للإعلان عن وقع الأزمة الكارثية التي لايمكن حلها، وهي المتمثلة في غزو أميركا للعراق. الفيلم وهو يعتمد على قصص حقيقية جمعت في قصة سينمائية واحدة، وتحكي كيف يتحوّل الشبان الأميركان إلى وحوش بسبب الحرب في العراق، وكيف أن حالاتهم النفسية حوّلت عددا منهم الى معذبين، إلى الدرجة أن ابنه كان يلقبه أصدقاؤه بـ «الدكتور» لأنه كان يتلذذ بتعذيب الجرحى العراقيين الذين يُلقى القبض عليهم بدلا من معالجتهم... الجندي الأميركي يعود إلى أميركا، لكنه ولمجرد اختلاف بسيط جدا مع زملائه يقومون بقتله وتقطيعه وحرقه وثم استخدام بطاقته التأمينية لشراء وجبة دجاج مشوي، وكأنهم لم يفعلوا شيئا!

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2019 - الأحد 16 مارس 2008م الموافق 08 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً