أكدت مصادر قريبة من الشورى لـ «الوسط» أنه من المتوقع أن مجلسي الشورى والنواب سيتوصلان إلى صيغة توافقية بشأن قانون فتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة للدولة بقيمة 40 مليون دينار لصرف علاوة الغلاء، وذلك على إثر اختلاف المجلسين بشأن آلية توزيع العلاوة. يأتي ذلك في ظل حثّ مجلس الوزراء السلطة التشريعية على المبادرة بالإسراع في إقرار مشروع القانون للحيلولة دون تأخر استفادة المواطنين من العلاوة.
ومن المتوقع أن يناقش «الشورى» في جلسته اليوم مشروع القانون، وفي هذا الصدد، ذكر رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية في المجلس خالد المسقطي أن اللجنة أخذت بالاعتبار في تقريرها عدة جوانب من اتفاق النواب مع اللجنة الوزارية بشأن المشروع، وصاغت القانون بما يتوافق مع الدستور.
فيما قال رئيس اللجنة المالية بمجلس النواب عبدالجليل خليل: «آلية صرف موازنة الـ40 مليونا ومعايير الاستحقاق، تقع خارج اختصاص وزارة المالية، كما أكد وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة بنفسه، ما يعني الحاجة إلى تخصيص مادة جديدة في مشروع القانون تضمن قواعد صرف الاستحقاق طبقا لما اتفق عليه مع اللجنة الوزارية».
الوسط - أماني المسقطي
أكّد رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية في مجلس النواب عبدالجليل خليل أنّ آلية صرف موازنة الـ40 مليونا المخصصة لعلاوة الغلاء ومعايير الاستحقاق، تقع خارج اختصاص وزارة المالية، كما ذكر وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد بنفسه، ما يعني الحاجة لتخصيص مادة جديدة في مشروع قانون اعتماد الموازنة تضمن قواعد صرف الاستحقاق طبقا لما اتفق عليه مع اللجنة الوزارية، خصوصا بعد تعدد تصريحات بعض الوزراء عن تغيير قواعد صرف المستحقين كما تم الاتفاق عليه.
وقال:»وصلتنا رسالة من وزير المالية بعد قرار مجلس النواب بشأن المشروع، واحتوت على معلومات مخالفة للواقع، إذ ذكرت أنّ (عبارة وفقا للجدول المرافق لهذا القانون من المادة الأولى، حذفت باتفاق اللجنة الوزارية مع اللجنة المالية) وهذا لم يتم بتاتا، لأننا في تلك المرحلة من النقاشات لم يكن مشروع القانون جاهزا أصلا».
وأكد أنّ ما ورد في رأي وزارتي شئون المجلسين والمالية في تقرير مالية الشورى بشأن الـ40 مليون تتعارض مع ما تم الاتفاق عليه بين اللجنتين النيابية والوزارية، خصوصا ما اعتبرته وزارة المجلسين خروج النواب عن اتفاقهم مع الحكومة بشأن المشروع.
وأوضح خليل أنّ البيان المشترك الذي صدر بعد الاجتماع الثاني بين مالية النواب والحكومة، أكد على أن تخصص الـ40 مليون لمعالجة آثار الغلاء، وأنّ الدعم يجب أن يوجه للبحرينيين فقط، ويشمل العاملين بالقطاعين العام والخاص والمتقاعدين والأسر المسجلة لدى وزارة التنمية الاجتماعية وأصحاب المهن الحرة، وأن يوجه إلى رب الأسرة حتى لو كانت هناك أكثر من أسرة مسجلين في عنوان واحد، وأن يكون سقف العلاوة هي 50 دينارا لكل رب أسرة دخله 1500 دينار أو أقل، وعلى أن تشكل لجنة للتظلم، وكذلك أن تبدأ الحكومة بصرف العلاوة مع نهاية شهر مارس/آذار الجاري بأثر رجعي من يناير/ كانون الثاني الماضي ولمدة عام كامل.
أمّا بشأن أنّ مالية النواب لم تنتظر المعلومات، فأكّد خليل أنّ اللجنة ومنذ أول يوم لمناقشة الأمر طلبت من الجهاز المركزي للمعلومات عدد الأسر ودخلها الشهري، حتى يتم صياغة قانون فيه نسبة وتناسب وشيء من العدالة، إلا أنّ هذه المعلومات لم ترد إلى اللجنة حتى هذه الساعة، وعلى هذا الأساس تم الاتفاق على سقف الـ1500 دينار وأقل في الاجتماع النهائي بين اللجنتين الوزارية والنيابية.
أمّا بشأن فتح الاعتماد المالي في الموازنة، فأكّد خليل أنه تم الاتفاق على أنْ تقوم الحكومة بإحالة فتح الاعتماد للمجلس النيابي ليتضمن ما تم الاتفاق عليه، وأحالت الحكومة مشروع قانون بفتح الإعتماد الإضافي إلى المجلس في 19 فبراير/شباط الماضي.
وقال: «فوجئنا في اجتماع لاحق للجنة أنّ المشروع لم يكن متضمنا لبنود الاتفاق، بل أنه لم يكن شاملا للمعلومات المطلوبة، إذ جاءت عبارة (تقديرات مصروفات الوزارات طبقا للجدول المرفق) مع المشروع، ولم يكن هناك جدول مرفق، وعلى أساسها تم الحديث مع وزير المالية شفاهة وكتابة من أجل الحصول على المعلومات المطلوبة من أجل تسريع البت في مشروع القانون».
وتابع: «إلا أن وزارة المالية لم ترسل المعلومات حتى الاجتماع الثاني للجنة المالية في يوم 3 مارس/آذار الماضي، وكان أمامنا إما الانتظار فيتأخر تقرير اللجنة المالية، ويتأخر تبعا لذلك تنفيذ المشروع، أو تعدل المشروع وتقديمه للمجلس. واخترنا التعديل تماشيا مع تصريح رئيس الوزراء بضرورة صرف علاوة الغلاء في 15 مارس».
وأكد خليل أنّ اللجنة تعاملت بجدية من أجل عدم تأخر صرف العلاوة، ناهيك عن التزامها بما اتفقت بشأنه مع اللجنة الوزارية، والتزاما بقرار رئيس الوزراء، غير أنّ إعاقة المشروع في الشورى – بحسب خليل - أدّى إلى كسر كلمة رئيس الوزراء، إذ تأخر صرف العلاوة عن موعدها المحدد لها.
أمّا ما ورد في رأي وزارة المالية المرفق بتقرير لجنة المالية في الشورى (أنّ التعديل الذي أدخله مجلس النواب على المادة الأولى كبل الحكومة ووضع عليها قيودا)، فتساءل خليل عن القيود التي وضعها النواب ولم يكن متفقا عليها مع الحكومة.
وأشار إلى أنّ القيد الذي تمت إضافته (لا يجوز استخدام هذا الاعتماد في غير ما خصص له)، جاء طبقا لما تم الاتفاق عليه بين اللجنتين، وأنّ هذا القيد جاء ليخصص مبلغ الـ40 مليون دينار لمعالجة آثار الغلاء فقط، من دون الاقتطاع منه لدعم المواد الغذائية التي أساسا مرصودة في موازنة العام 2008 كما أراد بعض الوزراء فعله.
وقال: «نحن نتفهم اللبس الذي حصل مع وزارة المالية باعتبار أن وزير المالية لم يكن ضمن اللجنة الوزارية، لكن كان هناك 5 وزراء بمن فيهم وزير شئون المجلسين، الذي لا يجوز أن يقول إن النواب خرجوا عن الاتفاق». أما التعديلات التي أدخلتها اللجنة المالية في مجلس الشورى، فأكّد خليل أنها تحتاج إلى تريّث، لافتا إلى أن حذف لجنة الشورى عبارة (أنه لا يجوز التصرف في غير ما خصص له) في المادة الأولى وقواعد صرف الإعانة، ووضع عبارة (طبقا للقواعد التي يصدر بتحديدها قرار من مجلس الوزراء)، تفويض في غير محله من المجلس التشريعي للحكومة، ويتعارض مع المادة 119 من الدستور.
وأكد أنّ لجنته قامت بصياغة مشروع القانون، استنادا إلى المادة 110 من الدستور وهي التي تنص أن كل مصروف غير وارد في الموازنة أو زائد على التقديرات الواردة فيها يجب أن يكون بقانون، وهو ما يشير – بحسب خليل - إلى أن القانون يصدر استنادا إلى هذه المادة وهو قانون مستقل عن الموازنة. ولا يخضع لذات الأحكام الخاصة بمناقشة الموازنة المنصوص عليها في المادة 119.
وقال: «هذه التفرقة مهمة جدا، خصوصا إذا نظرنا إلى المادة 33 من قانون الموازنة التي تنظم الإعتماد الإضافي بموجب اعتبارات ضرورية للوزارة أو الحكومة. فالمادة 110 من الدستور ليس فيها تقييد، وإنما كل ما تقرره المادة هو أن يكون اعتماد المصروف الزائد بقانون، وبالتالي يمكن اعتبار قانون فتح الاعتماد الإضافي لمواجهة الغلاء هو قانون منظم للإعانات خاضع في الأصل لحكم الماد 119 ويستند في تضمينه مصروف خارج عن الموازنة لتنفيذ أحكامه بحكم المادة 110 التي تجيز للسلطة التشريعية ذلك ولحكم المادة 33 من قانون الموازنة العامة».
وأشار خليل إلى أن ما قامت به مالية النواب من جهد وجدية في التعاطي مع هذا الموضوع، يرتكز على أسس أن تصل العلاوة للمستحقين لها بلا تأخير، ومن دون أنْ يستثنى منهم أحد، خصوصا الشرائح التي شملهم الاتفاق.
أثار الخبر الذي نشرته صحيفة «الوسط» في عددها 2016 يوم الجمعة الماضي بشأن تأخر صرف علاوة الغلاء، ردود فعل كثيرة محبطة ويائسة ومستنكرة لعدم صرف العلاوة في الموعد الذي كان رئيس الوزراء صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة قد صرّح به بأنه لن يتجاوز يوم 15 مارس/آذار الذي صادف يوم السبت الماضي من دون أن تصرف العلاوة. وحفل موقع «الوسط» الإلكتروني بعشرات التعليقات، إذ قال المواطن سلمان حميد: «لست من المتشائمين، ولكن على ما يبدو أنّ هذه العلاوة لن ترى النور، وإنما يراد إشغال الناس بالهرج و المرج من أجل يحقق المتنفذون ما يريدونه».
أما أبو علي، فأشار إلى أن تأخر صرف العلاوة تسبب في تغيير خطط المواطنين التي بنوها على علاوة الغلاء، متسائلا ما إذا كانت الحكومة تتعامل مع المواطنين على طريقة «القط والفأر».
فيما وصف قارئ آخر تعاطي الحكومة مع علاوة الغلاء بأنها أشبه برياضة «كرة التنس» التي يتقاذفها مجلسا الشورى والنواب ويتفرج عليها الشعب.
وقال القارئ أبو حسين: «طال انتظارنا لصرف هذه العلاوة ونترقبها في الوقت المحدد ومن ثم يتم تأجيلها بسبب خلافات؟ وما شأننا نحن بذلك؟ رئيس الوزراء أعلن بأنه سيتم منح العلاوة قبل 15 مارس، فلماذا هذه الخلافات للتأجيل؟ لماذا يتم المماطلة في مثل هذه الأمور؟».
القارئ أحمد علي وصف تأخر صرف العلاوة بـ»السيرك الهندي»، وقال: «ايّ خطوة تهدف لسحب الأموال من المواطنين لا تحتاج إلى اجتماعات مطوّلة وتقارير و لجان، بينما عندما يتعلق الأمر بالدفع للمواطنين، لا يوجد خبير إلا و تدخل في آلية الصرف و الكيفية و المستحق من عدمه».
وتابع: «من الواضح أنّ الحكومة و فرعيها الشورى و جزء من النواب لا تريد صرف العلاوة إلا عندما تتأكد أنّ هذه الأموال ستصرف لمرة واحدة فقط».
أما القارئ صادق الوعد فتساءل: «وماذا بعد أن تنتهي موازنة الأربعين مليون في ديسمبر/ كانون الأوّل المقبل، هل سيكون هناك هبوط في الغلاء المعيشي أم ستتجدد الموازنة؟ ولكن إلى متى يا حكومة؟ فقد نفذ «البندول» وما عاد يجدي، إلى متى سنرى حلولا جذرية؟».
القارئة أم أحمد ذكرت أن: «الـ 40 مليون ليست ملك أحد أو الحكومة، بل هي ملك الوطن وثروته وتوزع على شعب البحرين، ولا يجب إذلال المواطنين فهذه ليست إعانة بل واجب حكومي، ويجب على الحكومة أنْ توزع الثروة على مواطنيها بالعدل كما فعلت دول الخليج الأخرى وكرمت شعوبها».
أما القاريء أبو أمل فاختار التعليق على عدم صرف علاوة الغلاء بأبيات من الشعر:
«مات الفقـــير بفقره متاْلما... والهر يلبسه الغنى ثيابا...
وفقير لا يلقى دواء لطفله... وغني يبنى ناطحات سحابا...
وشعوب ماتت في الديار بجوعها... وشعوب تورث مالها لكلابا...
لا افتري أبدا ولست مبالغا... بل لا تقولوا إنني كذابا...
عجبي على هذا الزمان ومن ... يعش فيه سيعرف ما أقول صوابا...».
العدد 2019 - الأحد 16 مارس 2008م الموافق 08 ربيع الاول 1429هـ