العدد 2017 - الجمعة 14 مارس 2008م الموافق 06 ربيع الاول 1429هـ

مصر: أزمة الرغيف تذكر بانتفاضة 1977

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حذر محمود العسقلاني الناطق باسم حركة «مواطنون ضد الغلاء» التي تم تشكيلها مؤخرا في مصر، من أنه «ما لم تدرك الحكومة خطورة الموقف فإننا نتجّه إلى انفجار أكبر من ذلك الذي شهدناه العام 1977».

جاء هذا التصريح موازيا لما باتت تواجهه قطاعات عريضة من أبناء الشعب المصري، خصوصا الفقراء، أزمة متفاقمة تتعلّق بشح رغيف الخبز، وباتت الطوابير الطويلة منظرا مألوفا أمام المخابز.

وأصبح لا يكاد يمر يومٌ واحدٌ من دون أن تنشر الصحف المصرية أخبارا عن مقتل أو إصابة مواطنين بسبب المشاحنات التي تدور للحصول على الرغيف المدعوم (العيش) وسعره خمسة قروش.

وتطور الأمر إلى درجة استخدام الأسلحة البيضاء وإطلاق أعيرة نارية أدّت إلى إصابة عدد من المواطنين وبلغ عدد القتلى جراء هذه المشاحنات قرابة 15 شخصا، وطالب البعض بإصدار فتاوى دينية باعتبارهم «شهداء».

ويستهلك المصريون، البالغ عددهم نحو 75 مليون نسمة، ما يقرب من 270 مليون رغيف يوميا. ومع ارتفاع سعر القمح عالميا، اعتمدت الحكومة 4.5 مليارات جنيه إضافية لتغطية فرق السعر. ودفعت صعوبة الحصول على الرغيف المدعوم البعض لشراء «الرغيف السياحي» الذي ارتفع سعره من 25 قرشا العام الماضي إلى 35 قرشا حاليا، فضلا عن نقص وزنه، كما أن هناك رغيفا بسعر 25 قرشا، وهو أقل وزنا من الرغيف المدعوم، وهناك رغيف يُباع بسعر 85 قرشا بعد أن كان يُباع بـ 50 قرشا العام الماضي.

وقد ذكر موقع منتديات المستهلك المصري أنّ العام 2007 شهد موجة غلاء عاتية ضربت جميع المواد الغذائية في مصر، مؤكّدا أنها غير مرتبطة بموجة ارتفاع الأسعار العالمية، وأورد، الموقع، أرباح شركات القطاع العام الحكومية في الغذاء في العام 2007، فكان من نصيب الدلتا للسكر 320 مليون جنيه (58.6 مليون دولار) مقابل 250 مليونا في العام 2006، والزيوت المستخلصة، ربحت سبعة ملايين جنيه (1.28 مليون دولار) مقابل خسارة ثمانية ملايين في العام 2006.

من جانبها، أعلنت الحكومة الشهر الماضي أن شركات قطاع الأعمال العام حققت صافي ربح قدره 3.9 مليارات جنيه عام 2006/2007 مقارنة بصافي ربح قدره 1.6 مليار جنيه، في حين حققت القابضة للصناعات الغذائية وشركاتها التابعة ربحا قدره ‏630‏ مليون جنيه.

وكما يبدو فإن موجة علاء شاملة تعم الديار المصرية، إذ بلغ المعدل السنوي للتضخم 12.5 في المئة في نهاية الشهر الماضي، وهو أعلى مستوى منذ 11 شهرا، مع ارتفاع أسعار السلع الغذائية والمشروبات، وذلك بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري . أدّى ذلك إلى ارتفاع أسعار الخبز غير المدعم بنسبة 26.5 في المئة، كما ارتفعت أسعار منتجات الألبان بنسبة 20 في المئة والزيت بنسبة 40 في المئة.

ونشرت الصحف المصرية الثلاثاء قائمة بسلع غذائية أساسية ارتفعت أسعار بعضها بنسبة 122 في المئة من فبراير/شباط 2007 إلى فبراير 2008. وتتحدث الصحف بشكل يومي عن الارتفاع الجنوني للأسعار. وكان برنامج الغذاء العالمي ذكر مطلع مارس/آذار الجاري أن مصاريف الأسرة المتوسطة المصرية ازدادت بنسبة 50 في المئة منذ بداية العام 2008.

وأكد البنك الدولي في سبتمبر/أيلول 2007 أن معدل النمو في مصر تجاوز 7 في المئة سنويا، ولكنه أكد أن الفقر يتزايد منذ العام 2000. وطبقا للبنك فإن 20 في المئة من 78 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر ( دولارين يوميا) و20 في المئة منهم يعيشون بالكاد فوق خط الفقر ويعيش 8.3 في المئة في حالة فقر مدقع.

وقد تبادل عدد من القيادات في وزارة التضامن الاجتماعي الاتهامات بشأن المسئولية في اختفاء الدقيق المدعم غير أن العديد من القيادات والموظفين في الوزارة يتهمون الوزير بأنه السبب في زيادة معدلات تهريب الدقيق من المخابز وبيعه لتجار السوق السوداء. ويقولون انه أخطأ حينما اصدر قرارا يقضي بأن يسند للجنة خماسية من وزارات مختلفة مسؤولية ضبط الأفران المخالفة ونزع ذلك الحق من يد مفتشي التموين الذي ظل علي مدار حقب زمنية عديدة هو المسئول عن ملاحقة المخالفة وإصدار قرارات بتحريك قضايا ضدهم أمام النيابة العامة.

الخطير في الأمر أن هذه الحالة يرافقها تدهور زراعة القطن في مصر، فقد حذر خبراء زراعيين من أنّ الأرض بمصر ولأوّل مرة منذ ثلاثة قرون لن يتم زراعتها بالقطن بداية من العام القادم.

وقال الخبراء إنّ الفلاح المصري أصيب بصدمة العام الماضي بعد أن تقاعست الحكومة عن استلام القطن من المزارعين وفشل وزارة التجارة في تسويق المحصول خارجيا حتّى بلغت نسبة الفضلة في المخازن مليون ونصف المليون قنطار وهو ما يمثل ثلث إنتاج المحصول في ذلك العام.

وأضاف تقرير أعده باحثون بمعهد القطن أنّ الفلاح المصري بدأ في العزوف عن زراعة هذا المحصول الاستراتيجي خصوصا بعد تبني وزارة الزراعة سياسة التخلّي عن تسعير القطن وتركه للعرض والطلب وهو ما عرض الفلاح لاهتزازات السوق حتى إنّ السعر بلغ هذا العام 600 جنيه للقنطار بعد أن كان 800 جنيه العام الماضي وهو ما يعرض الفلاحين لخسائر فادحة يضاف إلى ذلك الأمراض التي أصابت المحصول هذا العام وأدت لتناقص إنتاجية الفدان الذي وصل إلى 4 قناطير بعد أن كان يصل إلى سبعة وثمانية قناطير الأعوام الماضية.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2017 - الجمعة 14 مارس 2008م الموافق 06 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً