العدد 2017 - الجمعة 14 مارس 2008م الموافق 06 ربيع الاول 1429هـ

صندوق نجية عبدالغفار ومفاتيح «المشروع الإصلاحي»!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

هل سيكون ندب الحظ العاثر، والتحسر على ظلم الزمان ومن يعنيهم الأمر هو المصير اللائق بكل أم مسكينة ثكلها الله بذريتها حينما اعتلت سدة العمل النقابي الوطني، ففقدت حينها مواطنتها وإنسانيتها وكرامتها على رغم أننا في زمن «المشروع الإصلاحي» الجميل وهو يقف أمام محك اختبار الصدقية والأصالة والمعاصرة؟!

ماذا لو كانت هذه الأم هي البحرين الثاكل «إصلاحيا»؟!

من حق ذلك السؤال المهموم أن يصول ويجول حائرا في فضاءات جميع الخواطر الوطنية المكسورة أمام زمن «المشروع الإصلاحي» الذي سيكون له أيضا ضحاياه وبشاعاته مثلما كان ذلك لزمن «أمن الدولة» سابقا، وإن كان الوطن في ذاك الزمان الأخير قد ارتوى وشبع حتى تضلع من تضحيات مظلوميه وشهدائه الأبرار فهو يبدو في هذه اللحظة المفصلية وكأنما هو موعود بتدمير حلم بناء المواطن البحريني الذي ينعم بجميع حقوقه المستحقة وكرامته واحترامه المتبادل مع قيادته التي غرست فيه ذلك الحلم العصري في أجمل الأيام التي مضت ونحن بانتظار أن تعود مرة أخرى!

قبل أيام قليلة أعلن تنظيم «وعد» عن إنشاء صندوق لدعم النقابية نجية عبدالغفار وتمكينها مواطنيا للعيش بكرامة واحترام يليق بها كمواطنة قدر لها أن تعيش في هذا «الزمن الإصلاحي» مثلما قدر لها أن تكون المواطنة الموعودة بالفصل النهائي من العمل لتواجه البطالة والتعطل بعد إجراء ترهيبي أتى من إدارة البريد التي بدت للأسف كأنها تعمل خارج وضد زمان ومكان «المشروع الإصلاحي» لا داخله، وتعمل ضد التوجيهات السامية لجلالة الملك المفدى ولسمو رئيس الوزراء المعارضة بحزم لفصل العامل لمجرد ممارسته لعمله النقابي المشروع!

فما هي تلك الحالة الوبائية والوضعية السائبة المجهولة الأشبه بأفلام الرعب الخيالية التي كتب للمواطن فيها أن يكون أسيرا لسيناريوهات غامضة، فتارة هو مبشر بغد مشرق وجميل ومرات أخرى تتم مساومته على كراماته وحقوقه بمنتهى البؤس؟!

وإن كنا سنشيد وسنحيي تنظيم «وعد» على إعلانه الواضح لالتزامه المبدئي المعهود عنه وتمسكه بواجب دعم وإسناد أبنائه ومناصريه ورفاقه وأصدقائه وقبلها دعم مطالب ومواقف جميع المواطنين البحرينيين فيما يتواكب مع مشروعه وطرحه الوطني المتبنى بقوة منذ أن أسس هذا التنظيم السياسي العريق، وسنعتبر تلك الجهود «الوعدية» المباركة خطوة أولى للتأسيس لقواعد وطنية راسخة في ممارسة العمل الاجتماعي التضامني والتواصلي البناء مع أبناء الوطن الذين جردتهم بعض مؤسسات الدولة من مواطنتهم وتعاملت معهم كأنما هم أشياء وأدوات استهلاكية يضعوها حيثما يشاءوا ذلك!

ولكننا في الوقت ذاته سنمارس حقنا في سؤال من يعنيه الأمر في هذه البلاد إن كان يهمه أن يزدادا التباين عن ما هو عليه أساسا بين المجتمع والدولة، وأن تكمل التنظيمات السياسية أيا كانت قواعدها واتجاهاتها واجبات الدولة تجاه حفظ حقوق وكرامة المواطنين فيكون حينها مجتمعا داخل مجتمع وصندوقا داخل صندوق؟!

أم أن هنالك بعض المعنيين سيجرؤون على المغامرة بفصل جميع النقابيين من وظائفهم حتى يتسنى لهم بذلك التخلص من الكثير من التكاليف الوظيفية الواجبة والمحكومة قانونا وإرسالها إلى صناديق التنظيم السياسي، فيتخيلوا هم بذلك أن صناديق «وعد» ستشقى وتتعب بإعادة المواطنة المستباحة إلى أصحابها ومستحقيها بعدما سلبتهم إياها مؤسسات الدولة «الإصلاحية»!

كيف يكون حينها سكوت تلك الكتل النيابية المأمول منها الدور الأكبر في التصدي لكل الوسائل المشروعة والقانونية لتلك الانتهاكات المريعة لمبادئ «ألمشروع الإصلاحي» ولتوجيهات القيادة الكريمة؟!

فإن كنا أشدنا ورحبنا بزيارة «كتلة المستقبل» و «كتلة الوفاق» للنقابي جمال عتيق، وهم اعتبروها واجبا وحقا وطنيا عليهم، فكيف هم الآن أمام التوجه لفصل النقابية نجية عبد الغفار عن العمل ومعها جمال عتيق والقائمة تطول بأسماء عدة على رأسها اسم رئيس نقابة «دي إتش إل» عبدالله أحمد الذي لايزال عاطلا عن العمل على رغم أن معركته لاسترداد حقوقه المكفولة قانونا ودستورا أوشك على أن يكسبها بجدارة واستحقاق وإنصاف من دون أن يحلم بالرجوع إلى العمل مجددا!

هل يظن النواب الأفاضل أمام مشهد السكوت المخيب بأن جمال عتيق ونجية عبدالغفار وغيرهما من النقابيين هم أصبحوا ليسوا إلا مقتنيات أثرية ضمن «البيت اليساري» البحريني لا يستحب أمامهم سوى الزيارة والاطلاع وربما الاشتياق بالمستحيل!

ولا أظن أنهم سيتفقون مع ما يروجه البعض من خوارج المشروع الإصلاحي، وما أكثرهم بيننا، حينما يطالبون بـ «نقابات» لا تحتج ولا تنتقد ولا تتظاهر ولا تطالب، فربما بحسب عقليات أولئك الخوارج الإقطاعية والمستعبدة أقرب إلى تمني «تمسيخ» نقابات تتولى «تبخير بشوت» المسئولين والزغردة و «الملولش» لهم، وحلمهم ذاك جد بعيد!

الأمر يبدو كما لو أن لدى إدارة البريد وغيرها من المؤسسات التي تضطهد النقابيين والمواطنين البحرينيين بشدة دستورها الخاص وقوانينها الوطنية المفصلة و كذلك مشروعها الإصلاحي الذي يجرد المواطنين من مواطنتهم ويسلبهم كراماتهم ويساومهم على أبسط حقوقهم المشروعة، أو هي الإدارة الموقرة تعيش في جزيرة منعزلة عن غيرها من إدارات ووزارات ومؤسسات سيادية في المملكة وحيوية تحترم نقاباتها وتوقرها، فهلا أرشدوها الإخوة الأفاضل في هذه الإدارة وغيرها إلى أرض «المشروع الإصلاحي» إن تاهت بها المسافات والتجاوزات في حق المواطنين!

من سيهمه اغتيال صدقية «المشروع الإصلاحي» التي ستكون نجية عبدالغفار ومعها جمال عتيق وعبدالله أحمد وغيرهم الكثير ضمن أبرز ضحايا زمانه العجيب؟!

ومن يجرؤ على تعطيل وتحدي ومخالفة التوجيهات السامية لبوسلمان وغيرها من مساعي الإنصاف الرسمي؟!

ومن يرضيه في بلادنا إهانة «المشروع الإصلاحي» من إهانة المواطن البحريني وسلبه حقوقه وكرامته؟!

من سيرضيه في هذه البلاد عرقلة حلم القيادة الكريمة وآمال شعب البحرين؟!

لن نقول يا عمال العالم اتحدوا وإنما الصيغة الأنسب والأكثر ملاءمة في سياقنا المحلي أمام مثل هذا الانقلاب الارتجاعي والتصعيد المدوي هي «يا أصدقاء المشروع الإصلاحي اتحدوا» في معركة استرداد الثقة والصدقية للمشروع الذي لم يصبح مشروعا لجميع المواطنين، لئلا يكون مصير مشروعنا المشترك حينها التبخر والزوال!

ترى هل ستفلح مفاتيح «المشروع الإصلاحي» في فتح صندوق نجية عبدالغفار وإعادتها إلى بيت المواطنة التي ضاق عليها وعلى غيرها كثيرا أم سيكون مصيرها التآكل والصدأ لتعلق على الحيطان كما علقت «مفاتيح الأندلس» فتكون مفاتيح لجنة المواطنة المفقودة التي تسببت بفصل مواطنة من عملها وتجريدها من حقوقها والإضرار بها نفسيا ومعنويا؟!

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 2017 - الجمعة 14 مارس 2008م الموافق 06 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً