من أمد بعيد جدا وإلى أمد أبعد (لربما) مما فات، تشتهر وزاراتنا وإداراتنا الحكومية (وهي مُصرّة) على ثقافة الطوابير الطويلة جدا ... أمانة تطوّر الوضع من كونه طابورا كلاسيكيا يقف المراجعون وكأنهم طراروة على الكونتر، أو كأنهم عند الخبّاز أو لاستلام وجبتهم في السجون المحترمة الى سحب الأرقام المكتوبة يدويا أحيانا والالكترونية أحايين أخرى والانتظار على الكراسي لحين يأتي الفرج ... ولكن فلسفة الطوابير النفسية والبدنية لم تتغير !!
إن ما يستدعي وجود الطابور أو السبب الرئيسي موجود ومُحافظ عليه ومُدافع عنه ... إنه الروتين والمركزية والبيروقراطية المفرطة الى درجة اللامعنى في أغلب الاحيان.
فلسفة الطوابير التي تنشدها وتطبقها اداراتنا الحكومية حتى بعد تطبيق الحكومة الالكترونية (إصدار البطاقات السكّانية والذكية مثالا) لم يستطع أن يتخلّى عن تخلفه في نهج الطوابير الذي تعوّد عليه أيضا، فهي فلسفة لربما تستند الى نتائج دراسات علمية لا يعلمها إلا القائمون عليها ... نسرد ما نعرفه ... ونعتذر عن ما لا نعرفه:
1 - الحفاظ على حشود الموظفين الموجودين (إدارة الهجرة والجوازات مثالا) على الكونترات؛ ليكونوا مشغولين طوال الوقت على الأقل.
2 - إيجاد شواغر (لبعض الناس) وهم الذين لا يمكن استيعابهم في أماكن تحتاج إلى شهادات وخبرة ... وذوق!
3 - تنمية روح الصبر وتوطيد العلاقات بين المنتظرين عبر جلوسهم ولفترات طويلة !
4 - امتصاص أكبر قدر ممكن من التذمر وجعل التذمر عن الخدمات والنواب بدلا من السياسة.
5 - إحساس المراجع بروح النصر والإنجاز عندما ينهي معاملة حتى لو كانت بسيطة جدا (تقديم طلب رخص عمل مثلا)!
العدد 2017 - الجمعة 14 مارس 2008م الموافق 06 ربيع الاول 1429هـ