العدد 2015 - الأربعاء 12 مارس 2008م الموافق 04 ربيع الاول 1429هـ

رسالة إلى النائب إبراهيم بوصندل

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هي بالأحرى رسالتان... الأولى إلكترونية بعثتها ربما قبل عامين، تعليقا على مقال للأخ إبراهيم بوصندل، عن أحد المقرئين أو العلماء السلف، كتبه ممتدحا زهده وتقشفه وإخلاصه لله. حينها كتبت له أترحّم على الشيخ، فالمهم ألا تحمل على أخيك المسلم ضغينة أو حقدا، أو توزّع على المسلمين تهم الكفر والشرك. أمّا الرسالة الثانية فأبعثها مباشرة في هذا المقال.

لا أريد الدخول في تفاصيل الخلاف بين الكتل داخل البرلمان، على خلفية طلب استجواب أحد الوزراء، ولكن أريد أن أتساءل عن موقفه المتشدّد ضد الاستجواب، فهو لم يكتفِ بالتصريحات الصحافية (وهذا من حقّه تماما)، بل أخذ يبرّر الاصطفاف عبر كتاباته الأخيرة، وقدّم «شواهد» ملفّقة لتوفير غطاء «شرعي» لموقف «الإجماع».

الجماعة لا يريدون الصراحة ولا يتقبلون النقد، وخصوصا من خارج «الجماعة»، ويعزّز ذلك التصورات الذهنية المسبقة عن الآخرين والنظرة النرجسية للذات «الجماعية» الوحيدة الناجية في الأمة. وهو موقفٌ عقدي ينعكس تشكيكا بالشركاء الآخرين في الوطن، ويفسّر الاصطفاف الطائفي الأخير في البرلمان.

في الأيام الأخيرة، كتب بوصندل مقالين، ووعد بمقال ثالث ليكمل «فتواه» السياسية، التي تهدف إلى تبرير موقف رئيس المجلس المتناقض في قضية الاستجواب، ما عرّضه إلى انتقادات شديدة. في المقال الأول، دافع بوصندل عن «الحق المطلق» لرئيس المجلس في قبول أو رفض طلب الاستجواب، وفي المقال الثاني أخذ يلتقط «الشواهد» من هنا وهناك، فاستشهد أولا برأي لأحد الأساتذة بكلية الحقوق في جامعة الكويت، نقلا عن بحث نشر قبل خمسة أعوام، بمجلة الحقوق. وفي الشاهد الثاني لجأ إلى كتاب «الاستجواب»، لأستاذ مساعد للقانون العام بكلية الحقوق في جامعة القاهرة، ولا ندري من أين عثر عليه، وهو طالب علم شرعي وليس اختصاصيا في القانون. المهم أنه أراد أن يؤكّد فكرة «الحق المطلق» لرئيس المجلس في «رفض» الاستجواب، ولم ينس إضافة جرعةٍ بسيطةٍ من الفلفل المطحون لسدّ العيون: «ويراعي في ذلك تطبيق أحكام الدستور والقوانين وينفذ نصوص اللائحة الداخلية»!

لست خبيرا قانونيا، ولا أفهم في الفذلكات «القانونية»، لكن ما أعرفه أن هذه التفسيرات المفتعلة لا تقنع أحدا؛ وأن من الصعب أن «تكحّل الناس» بعدما أصبح اللعب عالمكشوف؛ وأن ما يقال عن شبهة دستورية إنما هو تسترٌ على شبهات أخرى «فئوية» و«مصلحية» و«قبائلية». ثم لماذا اللجوء إلى «أستاذ مساعد» في القانون العام، وكان عندكم «بروفيسور» كبير في القانون، تم الاستغناء عن خدماته وأعيد إلى بلده بسرعة البرق، لمجرد أنه أفتى بصحة الاستجواب؟

سياسيا ما يجري خطأ، فليس هناك برلمانٌ يسعى ليفقأ عينيه بأصبعه! في الكويت، كتب محمد عبدالقادر الجاسم أنه لو كان عضوا في الحركة الدستورية أو التجمع السلفي لانتابه القلق لما يجري مع أعضاء التحالف الوطني(الشيعي)، فلو «دارت الدوائر» فإن «السلف» و«الإخوان» قد يتعرضون إلى الإجراءات نفسها في يوم من الأيام. فمن أجل مصلحة من يضع البرلمان الشبهات والعراقيل في طريق ممارسة حقه في الاستجوابات؟

الفذلكات والمراوغات قد تنفع اليوم، ولكنها لن تنفعكم غدا، «يوم تجد كل نفسٍ ما عملت من خيرٍ مُحْضَرا وما عملت من سوءٍ تودُّ لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا»... وعند الله تجتمع الخصوم

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2015 - الأربعاء 12 مارس 2008م الموافق 04 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً