العدد 2015 - الأربعاء 12 مارس 2008م الموافق 04 ربيع الاول 1429هـ

برلماننا و«حسينوه»!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

من الطبيعي جدا وفي غمار التنابذ والإغراق الطائفي الذي يعوم المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي وحتى المشهد الغرائزي أن يقول أحد القراء الغرقى في فائض المشهد حال قراءته العنوان «ماذا يريد بنا هذا الناصبي؟!»، وربما هنالك على ضفاف أخرى ولا نهر بينهما يقول قارئ آخر: «لماذا يدلل هذا الخائن أصحابه الروافض» وهلم هلوسات طائفية وانتحار جماعي!

ولكي نطمئن قراءنا الأعزاء سواء قرأوا مقالنا حتى آخره كعادتهم أو شتمونا منذ مطلع العنوان واكتفوا بذلك كعادتهم مرة أخرى، بأنني لم أعنِ في مقالي المتواضع هذا ببرلماننا ككل سوى مجلس «اللوية جرغة» البحريني كنظيره «اللويا جيرغا» في أفغانستان كرزاي، كما أن «أحذية حسينوه» ليست سوى صفقة الأحذية التي تورط بها «حسينوه» أو«حسين بن عاقول» في المسلسل الكوميدي الخالد «درب الزلق» والذي أدى دوره الفنان الخليجي الكبير عبدالحسين عبدالرضا، فما الذي يجمع بين تلك المقاعد البرلمانية التي جلس عليها ممثلو الشعب أو «نواب الطوائف» بما حملوا في جعبتهم من قضايا وطنية كبرى وملفات متراكمة منذ عقود، وبين صفقة الأحذية التي تورط بها «حسين بن عاقول» إذ حصل على فردات «طبجة» أحذية للقدم اليسرى فقط، بالإضافة إلى كون ما تثيره هذه الأحذية ذات الفردة الواحدة من ظواهر غريبة لمن يلبسها فيتأتى و «يتخسبق» كما قال أحد الزبائن «ططططالع الجوجوججوتي» من دون أن يجد له من خلاص من تلك الحالة الغريبة إلا بنزع الحذاء من رجله؟!

ومن خلال متابعة لصيقة ومستمرة لوعود وأداء الكثير من النواب قبل دخولهم المجلس وحتى دخولهم إياه وإن كنت أجزم التواضع في تلك المتابعة إلا أنها كشفت لي ولغيري وجه الشبه الكبير الذي يتركه الكرسي البرلماني من أثر مريب وغريب وممتع على من يجلس عليه من حالة «خسبقة» وضياع البوصلة السياسية والأخلاقية حد «التسبه» و «التسفه» فيما لا يقل شأنا عن «ططططالع الجوجوججوتي مممممم» التي تحدثها أحذية «حسين بن عاقول»، هذا إن لم تكن تلك المقاعد البرلمانية بكل وقارها قد نزلت لدى البعض إلى مستوى الأحذية السياسية الشرعية وغير الشرعية التي ترتدي للركض المعيشي المسيس والتسلق الطبقي الفاضح على حساب أبناء هذا الشعب المؤمن بجدوى المشاركة في العملية السياسية على رغم أنهم أصبحوا على وشك الوقوع في حفرة الكفر بها!

وإن كانت هذه المقاعد البرلمانية المهيبة أحذية سياسية لدى البعض فإنها طبعا ستختلف فقط عن أحذية «بن عاقول» في كونها تضم فقط «فردات» مصممة للأقدام اليمنى وليست مصممة للأقدام اليسرى كحال «أحذية حسين بن عاقول»، فهي بالتالي بحكم الصفقة السياسية والاستراتيجية قد باتت لأهل اليمين أكان سيناريو مدبر أو مجرد صدفة، وستلتقي مع المقاعد البرلمانية مع «أحذية بن عاقول» في «الخسبقة» والتأتأة والتلعثم إلا أن تلك «الخسبقة» وما رادفها تنقطع بل وتستحيل بلاغة معجزة في حال الإثارة الطائفية وتبني الطرح والمنظار والتشخيص والاستقراء الطائفي، ولا يبطل «خسبقة» و «تلبك» و «تلعثم» المقعد البرلماني إلا ترياق «الطائفية المنقذة»!

أذكر حال أحد النواب الأفاضل الذي لطالما رفع عقيرته السياسية الماسية عاليا مجاهرا قبل دخوله البرلمان إلى حد أنه لم يترك لديه أيا من أوراقه وملفاته وبياناته إلا وحولها إلى سلاح مدمر وعقاب رادع ضد الفساد والمفسدين إلا أنه وما أن دخل البرلمان وجلس على هذا المقعد البرلماني المهيب الذي ارتاح البعض من ارتدائه حذاء سياسيا له حتى دخل في أطوار تلك «الخسبقة» الملعونة التي لا ينفع في التصدي لها أي عقل ووعي ومبدأ وطني، فعلاوة على كون البرلمان «امقلقص» في صلاحياته وسلطاته أساسا إلا أن المقاعد البرلمانية المتحالفة مع «أحذية حسين بن عاقول» قد ألقت بمفاعيلها الثقيلة على كاهل هذا النائب المشلول الإرادة سياسيا، وكلي أمل في أن ينزع النائب الفاضل هذا المقعد أو الحذاء المسحور بفردتيه اليمنى ويخرج سالما وغانما!

ونائب فاضل آخر ومن خلال لقاء جمعني معه وجها لوجه كان قد ذكر وتوعد خلالها بالتلويح بأدواته الرقابية واستغلال كامل إمكاناته وصلاحياته لاستجواب وزير معين وفتح ملف محدد ومثير للجدل العام وذلك من الألف إلى الياء مهما كان حجم قناعاته وحجم العواقب المترتبة على ذلك، فالأهم على حد قوله هو أن يفتح الملف وينكشف المستور وتنصف الأطراف وتعرف الحقيقة التي تهم جميع أفراد الشعب الذين نمثلهم جميعا، ولكن ما أن جلس على المقعد أو بالأحرى ارتدى «أحذية حسين بن عاقول» المصممة برلمانيا حتى نالت منه «الخسبقة» أعظم المنال، وإن حاول أن يخرج منها بوعيه وإلمامه الذي مازال بأحسن حال ولكن من دون فائدة ومن دون مخرج اللهم سوى انتزاعها نهائيا والتخلص من ظواهرها الخارقة للطبيعة!

وهنالك نواب أفاضل ممن تورط جيدا في تلك «الخسبقة السحرية» فلم يعيشوا ويعتاشوا بعدها إلا على الغضب والصراخ والعويل أكان طبيعيا أم اصطناعيا ولكن من دون فائدة طالما ظل الحال من دون نزع واقتلاع وخلاص من أسرار «التفاصيل السحرية المريبة» للمقاعد البرلمانية، صحيح أن الغضب يصلح وقودا استهلاكيا لخلق حالة معينة من الحراك والهيجان الشعبي إلا أنه الأداة الأكثر فشلا وإخفاقا على صعيد بناء استراتيجية أو خلق مبادرة عملية واحدة للتقدم نحو الأمام!

أما بالنسبة إلى النواب الآخرين الذين يستشعرون لذة وغواية غريبة ويتمنون أن تكون تلك المقاعد البرلمانية الشبيهة في سحرها الطريف بـ «أحذية حسين بن عاقول» لباسهم الدائم أو جزءا من نسيجهم وبنيانهم العضوي، فأمرهم غريب حينما يشتهون أن تدوم تلك «الخسبقة الشهية» إلى الأبد وأن يزدادوا خدرا وتلعثما وتأتأة حد انقطاع النفس عسى أن يعذرهم الناس ويدعون لهم بالهداية والرحمة الربانية بدلا من أن ينتبهوا إلى سحر المقاعد البرلمانية المأخوذ من سحر «أحذية حسين بن عاقول»!

وبما أن مثل هذا السحر المريب لا يتوقف على جنس وشكل وانتماء من يرتديه فإن هناك الكثير من الأصناف المحسوبة على السلطة التنفيذية والصحافة قد جربت تلك المقاعد أو الأحذية واقتربت منها ووقعت في فلك «الخسبقة» ذاتها، فأخذت تتحسس من أي فعل برلماني رقابي مشروع بوصفه تدخلا في أعمال السلطة التنفيذية وفضولا وجب كف شره، ولاتزال ترتدي تلك المقاعد أو الأحذية وتنزعها وكأنما هي تتبع دواما وظيفيا في ذلك!

ألا من معوذة سياسية تنهي تلك المهزلة وتوقف «الخسبقة» البرلمانية وتعيد الاعتبار السياسي قليلا بدلا من الوصول إلى حال نزع الأحذية واسترداد المال كما هو حال «أحذية بن عاقول»، أو بالأحرى من دون الاستقالة والتسليم النهائي بالإخفاق؟

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 2015 - الأربعاء 12 مارس 2008م الموافق 04 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً