مثيرة هي عبارة توصيف الانتخابات الأميركية القادم ة بأنها «الأهم في تاريخ الانتخابات الرئاسية»، ولكنها للأسف بالنسبة إليّ - على الأقل - ليست كذلك!
غالبا ما تطلق الفضائيات العربية مثل هذا التوصيف دوريا على الانتخابات الرئاسية الأميركية. قد يكون ذلك نتيجة ثقافة قوامها الاعتقاد الواثق بأن «الرئيس» يستطيع أن يفعل كل شيء. وعلى رغم أن هذا الاعتقاد صحيحٌ في نسخته العربية، فإنه - على الأقل وليس من أسف على ذلك - بالنسبة إليّ وإلى الأميركيين ليس كذلك أميركيا.
وبما أن الإطلاقات أعلاه ليست حكرا على المعادلة الثلاثية (ماكين/هيلاري/ اوباما) أعلاه، فإن النتيجة التي سينتهي عندها الديمقراطيون لن تغير منها شيئا. الذي تغير إن الجمهوريين - عكس ما كان الجميع يعتقد - باتوا على مقربة من فرض فرص تنافس معقولة مع الديمقراطيين الذين كانوا من المفترض أن يقدروا ثمن هذه الفرصة الذهبية للعود إلى البيت الأبيض من جديد، إلا أنهم - على ما يبدو - اتجهوا لاختبار الديمقراطية الأميركية في ترشيح امرأة يكنّ لها نصف أعضاء حزبها العداء، فضلا عن المستقلين، وفي ترشيح رجل أسود يشاطره العداء النصف الثاني من الحزب. وهكذا، تمزقت الغالبية الشعبية التي تمر بأوج فترات صعودها بالنسبة إلى الناخب الأميركي.
يتكئ الزعم أن لا إثارة في هذه الانتخابات سوى ما تحمله الحملات الانتخابية من زخم إعلامي على أن نظرة دقيقة لما تحتويه أجندات المرشحين في الحزبين تدل بوضوح على أن لا اختلافات جوهرية على صعيد السياسة الخارجية. أما الأهم من ذلك، فهو لا سبب أيضا يبدو قادرا على تبرير هذا الترويج المجاني من قبل المسلمين والعرب لترشيح المرشح الديمقراطي أوباما. هذه النزعة الدعائية تبدو مرتبطة بتوسط اسم «حسين» في أوباما من دون الالتفاف إلى أي من خطاباته عن ضرورة ضمان أمن «إسرائيل» مثلا، والتي كانت الأكثر وضوحا مقارنة بهيلاري المشغولة بسرد قصصها الغرامية والبطولية مع السيد «بيل»، ومقارنة بـ «ماكين»، رجل الخبرة العسكرية وبطل فيتنام الأخير الذي يرشح نفسه مع قبالة سيدة مغرورة أرستقراطية وشاب يافع للتو يطرق أبواب السياسة.
ليس سكنة البيت الأبيض منفردين. من يضع سياسات الولايات المتحدة ليس اللوبيات، ليس مصانع الصلب والحديد والأسلحة، ليس الكنائس ومجموعات الضغط، ليس الهيكلية السياسية، ليس مراكز الدراسات والبحث، بل هي كل ذلك، وعليه، ليس تحديد أحد هذه العناصر الحدث الاستثنائي الذي تقرع له الطبول.
في المحصلة، ليس انتخاب ماكين إعلان حرب على إيران، وليس باراك أوباما من سيهدي إلى الفلسطينيين وطنا، وليست هيلاري كلينتون من ستأمر بعودة القوات الأميركية من العراق مباشرة. والأيام كفيلة لاختبار هذه النتائج والتحقق منها
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 2014 - الثلثاء 11 مارس 2008م الموافق 03 ربيع الاول 1429هـ