العدد 2014 - الثلثاء 11 مارس 2008م الموافق 03 ربيع الاول 1429هـ

حقيقة انتشار الجنس الثالث في البحرين (1)

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

قدمت وزارة التربية والتعليم، منذ أيام، مرئيات بشأن موضوع المقترح برغبة (غير ملزم للحكومة) من قبل النواب، وذلك بشأن ظاهرة انتشار الجنس الثالث؛ إذ ردت الوزارة في مقال طويل تعاضدها فيه وزارة الداخلية، أكدتا فيه أن لا وجود لظاهرة الجنس الثالث بل حالات فردية.

وتناولت المرئيات ثلاث محطات مفصلة تتطرق أولاها لحرص الوزارة على نشر الفضيلة والقيم النبيلة والأخلاق الحميدة في المدارس ووقاية المجتمع من أية مخالفات سلوكية أيا كان نوعها، وثانيها بالنسبة إلى كيفية علاج المخالفات السلوكية بأنواعها المختلفة في المجتمع المدرسي، وآخرها عن جهود الجهات المعنية في الوزارة في تعزيز الانضباط المدرسي.

لم تتطرق الوزارة إلى شرح تفصيلي على مقترح النواب عن الجنس الثالث، ولم نرَ إحصائية لعدد الحالات الفردية؛ بل محور رد الوزارة كان في النص الآتي: «لا يمكن القول إن هناك ظاهرة انتشار الشواذ (الجنس الثالث)، وإنه إذا كانت هناك حالات فهي فردية، وفي حال ضبطها يتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية والتربوية حيالها».

هذا المقال يبحث حقيقة الظاهرة في المجتمع البحريني، ونبدأ بالإجابة على التساؤل (المدخل) بتعريف الفرق بين الظاهرة والحالات الفردية.

ظاهرة أم حالات فردية؟

عرفت الظاهرة الاجتماعية في معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية بأنها: «نموذج من العمل والتفكير والإحساس يسود في مجتمع من المجتمعات، والتي يجد بعض الأفراد أنفسهم مجبرين على اتباعها في عملهم وتفكيرهم». فما تجده وزارة التربية والتعليم «حالات فردية» يجده العلم والمنطق والمجتمع «ظاهرة اجتماعية» وإن كانت بأعداد قليلة. وعلى سبيل المثال فإن ظاهرة عبدة الشيطان لا يتم قياسها في المجتمع الخليجي أو البحريني بأعدادها وإنما بتأثيرها السلبي عليه. وكذلك قضية الجنس الثالث يتم قياسها في المجتمع بالأضرار السلبية عند اتباع بعض الأفراد لهذه السلوكيات المنحرفة.

من الواضح أن هناك التباسا يشوب فهم الظاهرة التي يتساءل عنها الشارع البحريني؛ فالشواذ (الجنس الثالث) يطلق على (اللواط والسحاقيات) الذين يمارسون بعض الممارسات الجنسية مع الجنس نفسه من دون ظهور أية شائبة على المظهر الخارجي، ويصعب اكتشاف سلوكهم لعدم وجود دلائل على ممارساتهم، وقد ذكرهم القرآن الكريم في سورة (لوط) وأتت الآيات الكريمة في تحريم هذه الممارسات منذ ألف وأربع مئة سنة، ولكن ما نجده ظاهرة اجتماعية في مملكة البحرين هو التشبه الصريح والواضح بالجنس نفسه شكليا أي في المظهر الخارجي، وعادة يكون هذا التشبه مصحوبا بالممارسة الجنسية «الفعلية» أو التقليد فقط من غير الممارسة الفعلية، وهذا ما استنكره المجتمع البحريني، وأصبح الحديث الساخن للبيوت؛ والمقاهي الشعبية!

التحليل المجتمعي لهذه الظاهرة

أولا: لقد برزت هذه الظاهرة بشكل واضح في مطلع التسعينات ولكنها انتشرت في الشرق الأوسط مع بداية الألفية الثانية، ونحن لانزال نتذكر المذيع المتألق «زافين» من قناة المستقبل اللبنانية، عندما تطرق لأول مرة في برنامجه «سيرة وانفتحت» إلى قضية الجنس الثالث؛ بل وقدم مجموعة منهم تتكلم عن المعاناة التي يتعرض لها الجنس الثالث في البلدان العربية، وتطرق بعض من علماء النفس والاجتماع والمرشدين الدينيين عن الكيفية الصحيحة لعلاجهم.

وهنا نتساءل ما جدوى نكران المسئولين بوزارة التربية والتعليم لوجود هذه الظاهرة في المجتمع البحريني والتي أصبحت واضحة للجميع، خصوصا عندما تطرقت لها بنة بوزبون في برنامجها الإذاعي والتلفزيوني، وتفاعل معها الجمهور البحريني بكل مشاعر المسئولية الاجتماعية.

ثانيا: قام السادة النواب بإثارة هذه القضية في مجلسهم حتى يستطيعوا معرفة الآلية المناسبة في الحد من هذه الظاهرة، وهنا يتم تدارك الظاهرة وتجنب نكرانها من قبل المسئولين.

ثالثا: مثاليات بعض المسئولين في وزارة التربية والتعليم جعلتنا نفكر في الدولة المثالية «الأفلاطونية» والتي أسماها (المدينة الفاضلة).

الناس أصابتها سمنة فكرية بسبب تلك المثاليات، ومازالت تبحث عن التفعيل الحقيقي لعلاج هذه الظاهرة. وليس التحليق في المدن المثالية والخيال الرومانسي الحالم وادعاء الطهرانية.

رابعا: ذكر أحد المثليين أو أحد أفراد (الجنس الثالث) في إحدى الصحف المحلية والصادرة بالإنجليزية بتاريخ 3 مارس/ آذار الجاري ردا على وزارة الداخلية بشأن منع الجنس الثالث من دخول مطار البحرين، وذكر جملة مهمة مقصدها: «لم أختر أن أكون مثليا أو من الجنس الثالث، ولكن الظروف هي التي جعلتني كذلك، وأنا أدفع ثمنا باهضا قبال ذلك»، فالمعنى واضح بأن هذه الفئة لم تختر أن تكون مغايرة للطبيعة وإنما الظروف والمجتمع في بعض الأحيان ساعدا على بعض الممارسات الخاطئة التي لا يغفر لها، وخصوصا أن أفراد المجتمع مازالوا مستغربين من حال وزارة التربية والتعليم في شأن ظاهرة (الجنس الثالث)، وهم يرون رأسها مدفونا في التراب كالنعامة

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 2014 - الثلثاء 11 مارس 2008م الموافق 03 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً