ما يحدث في أروقة وزارة التربية والتعليم أمر غريب جدا، فبعد صرعة استقدام المدرسين الأجانب وإلحاقهم بسلك التعليم، والإدارات المدرسية، تطالعنا الوزارة بصرعة جديدة في توقيع اتفاق مع 3 شركات لتوفير حراس أمن في مدراسها.

وما يبعث على الغرابة أكثر، أن الوزارة طمأنت الحراس بإبقاء هذا القطاع حكوميا من دون خصخصة، وبالفعل بدأت في تنفيذ خطة البحرنة لمدة 7 سنوات كان نتاجها تعيين قرابة 700 حارس أمن بحريني.

وبعد هذه المدة الزمنية الطويلة نسبيا، تعود المياه إلى مجاريها وتعين شركات أمنية توفر حراسا من دول أجنبية، والأهم أنهم ليسوا بحرينيين!

كينيون ونيباليون هم الذين سيرتدون زي الحراسة الأمنية في المدارس، وهم من سيكون الأمين على أبنائنا في الدوام الرسمي، والأمين على مباني المدارس خارج الدوام الرسمي، ولا ندري كيف سيتعامل هؤلاء الحراس وبأي لغة سيتفاهمون، هل بالكينية أو النيبالية أو الهندية أو الصينية أو الأوردية... الله العالم.

وكيف سيكون تعاملهم مع الهيئة التعليمية والإدارية بالمدارس يا ترى، وكيف سيتصرفون في الفعاليات التي تنظمها المدارس، أم أنهم سيكتفون بالإشارة لأن اللبيب بالإشارة يفهمُ. فلو رأى الحارس أحد الطلاب - مثلا - يرمي الحجارة مازحا مع رفاقه، وأراد أن يعلمه أن الحجر يمكن أن يؤدي رأس زميله، فما عليه إلا أن يوقف الطالب ويذهب إلى المكان الذي رمى منه زميله الحجارة ويرمي بالحجر على رأس الثاني وتكون الرسالة وصلت بالصوت والصورة الحية!

هناك قضية أخرى لا تقل أهمية عن هذا الإجراء الغريب، فالحراس الذين استبدلوا من المدارس لا يعرفون مصيرهم تحديدا، فهل سيتم الاستغناء عنهم لأن الأجانب أكثر كفاءة منهم وأدق في التعامل مع أبناء بلدهم، وأكثر أمانا وحرصا على سلامتهم!

ولا أدري كيف تتعذر وزارة التربية والتعليم بشح الموازنة وهو ما أوقفها عن المضي في مشروع البحرنة الناجح، وتأتي اليوم لتتعاقد مع 3 شركات أمنية... برما، وأقول ربما، أرادات الوزارة أن تتخلص من «وجع الدماغ» مع التعامل مع الحراس والمدرسين والإدارات، ولن نستغرب حين تتعاقد الوزارة مستقبلا مع شركات «صينية» لتعليم طلبتنا في مدارسنا الحكومية