العدد 2012 - الأحد 09 مارس 2008م الموافق 01 ربيع الاول 1429هـ

أيّ مستقبل ينتظر خطة السياحة الجديدة؟

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

ثمّة عوائق أساسية تواجه تطوير السياحة في مملكة البحرين، ونجاح الخطة الطموحة التي أعلنها وزير الإعلام جهاد بوكمال مرهون أساسا بقدرتها على مواجهة ثغرات سابقاتها، والثغرة الأساسية في كل التوجهات السابقة أنها أغفلت أن البحرين بتراثها وتنوعها، ومدنها وقراها الصغيرة يمكن أن تكون نقطة الجذب الرئيسية للآخرين، وبعض دول المنطقة نجحت رغم أنها لا تملك مقومات النجاح التي نملك.

وليس خافيا أن السياحة البحرينية تفتقر إلى تخطيط بل تعاني من تخبط كبير، والحكومة لم تكن تعرف أي نوع من السياحة تريد، فلا تكاد تمضي خمسة أعوام من دون إعلان رسمي عن رؤية حكومية بشأن السياحة، وهذه الإعلانات متضاربة، وجميعها كتب عليها الفشل؛ لافتقارها لسمة رئيسية لنجاح الخطط والبرامج، ومكمن الخلل الأساسي أنه لا توجد هوية محددة للسياحة في البحرين.

في الثمانينيات أيضا كان الحديث عن السياحة العائلية، ومنذ منتصف التسعينيات طرح مفهوم السياحة الاقتصادية، ولكن هذا المفهوم لم يجد نصيبه من التطبيق رغم افتتاح عدد من المجمعات التجارية الكبرى التي لم تعهدها البحرين من قبل، ولكن المعضلة الحقيقية هي الاضطراب السياسي والأمني الذي حال دون أن تكون البحرين الوجهة المفضلة للسياح.

وفي العام 2001 طرح موضوع السياحة الصيفية، وأطلقت الدولة مهرجان “صيفك على كيفك”، وكان هدفه مجاراة أربعة مهرجات ناجحة في الخليج، ومنها “صيف دبي” في دولة الإمارات، و “جدة غير” في المملكة العربية السعودية، و “مهرجان صلالة” في سلطنة عمان ومهرجان قطر العائلي، ولكن اعتماد الجهة القائمة على المهرجان على الأجانب وإقصائها للبحرينيين أدى إلى فساد إداري ومالي كبير كان من أهم مخلفاته “وفاة المهرجان”.

أما السياحة العلاجية فصدقيتها على المحك بعد العثرات والعراقيل الرسمية التي وضعتها الحكومة أمام مشروعات جديرة بالاهتمام، وها هي قصة مستشفى “ميلاد” شاهد عيان!

نحن نشكو من ندرة الأماكن السياحية التي تستوعب الشرائح الاجتماعية وخصوصا العائلات، وهناك نقص حاد في المنتزهات والمجمعات، ورغم أن الأمر تغير إيجابيا مع تأسيس المجالس البلدية، ولكن مناطق كثيرة في المملكة لاتزال بعيدة عن المتنفس العائلي للبحرينيين قبل غيرهم، ورغم إنشاء بعض المشروعات إلا أن ضعف مدخول المواطن البحريني، وتراجع الطبقة الوسطى قلص فرص السياحة الداخلية التي تعتمد عليها الكثير من الدول كمورد دخل قومي مهم.

لا يعقل ونحن نسير في القرن الواحد والعشرين أن لا توجد مؤسسة مستقلة تدير شئون السياحة في المملكة، بل هناك جهات شتى أوكلت إليها مهمة تنظيم قطاع السياحة، ولكنها عانت كثيرا من التخبط والعشوائية والتعيينات البعيدة عن الكفاءة، ولاتزال هناك حاجة لإنشاء جهاز مستقل يعنى بالسياحة عبر الشراكة مع القطاع الخاص، وهو ما يبشر به الوزير بوكمال حاليا، ونأمل أن يوفق في تحقيقه.

إن غياب الترويج الحقيقي للسياحة لايزال مستمرا، فطوال السنوات الماضية لم تبذل الجهات الرسمية جهودا حقيقية في الترويج للسياحة في البحرين كما فعلت دبي وجدة مثلا من عرض إعلانات صحافية وتلفزيونية مدفوعة الأجر في القنوات العربية والدولية. وربما ستستثنى من هذه المعادلة سباقات السيارات “الفورمولا 1” التي تحظى برعاية خاصمة من سمو ولي العهد.

البرامج الترفيهية غائبة هي الأخرى عن المشهد السياحي، فليس هناك موسم محدد معلن عنه للسياحة في البحرين، بحيث يساهم في جذب السياح داخليا وخارجيا، ولا توجد برامج متوافرة للسياح، ولم تهتم الدولة باستغلال القرية البحرينية كمكان جاذب للسياح الأجانب، كما أن قطاعات تراثية كثيرة أخذت تندثر. وحتى مهرجان ربيع الثقافة ليس للتراث البحريني موطئ قدم فيه.

كل هذه العوامل حرمت البحرين من فرصة الدخول في البيئة التنافسية، فثمة حوافز مشجعة وضعتها الدول الخليجية وحتى بعض الدول العربية الأخرى لتشجيع السياحة من خلال منح مزايا تفضيلية للمستثمرين، وعموما نأمل أن نسمع عن الخطة الجديدة التي أعدتها وزارة الإعلام بمعاونة مجلس التنمية الاقتصادية أخبارا سارة!

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2012 - الأحد 09 مارس 2008م الموافق 01 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً