يتحدث العاملون في قطاع الاتصالات اللاسلكية عن هوائيات تزوّد بطاقة الرياح أو الأشعّة الشمسية، أو أخرى تعمل بطاقة مستخرجة من خلية للهواتف الخلوية. ويبدو أنّ شركات الهواتف المتحركة، بصدد تجربة هذه الاستراتيجيات من أجل خفض تداعيات استخدام الطاقة الحالية العادية على البيئة.
ومن دون شكّ فإنّ استخدام مثل هذه الهوائيات للاتصالات اللاسلكية لايزال في طور الطفولة، إذ إنّ غالبية الدول التي تملك أكثر من 200 ألف برج اتصالات للهواتف المتحركة والهوائيات، تستهلك كمية الطاقة نفسها مقارنة بالأخريات. كما أنّ الشركات التي تجرّب وسائل بديلة للطاقة، تخطط لخفض استخدام ذلك النوع منها. ويتطلب هوائي اتصالات متوسط استخدام من أربع إلى ثماني مرّات كمية الطاقة التي يستهلكها منزل عادي، كما أنّ الشركات تقول إنّ الطاقة العادية تعدّ أرخص من حيث الكلفة مقارنة بالموارد البديلة. وتضيف هذه الشركات أنّها تفضّل استخدام الطاقة البديلة في المناطق المهجورة وغير المأهولة، إذ لا تواجه الهوائيات الظروف نفسها التي تواجهها في المناطق الآهلة بالسكان.
وليست صناعة الاتصالات هي الوحيدة التي تسير في هذا الاتجاه، فقد سبقتها إليه صناعة السيارات، فقبل أيام كشفت شركة «جنرال موتورز» (GM)، عملاق صناعة السيارات الأميركية، النقاب، عن أحدث منتجاتها من الحافلات العائلية العاملة بطاقة خلايا الوقود الهيدروجينية من طراز «كاديلاك»، خلال معرض المستهلك الإلكتروني في مدينة لاس فيغاس. التصوّر الجديد لحافلة «بروفوك» الـ «كروس أوفر» العائلية بسعة 5 ركاب، ستكون قادرة على اجتياز مسافة 300 ميل، بتعبئة منفردة وحيدة من الهيدروجين. وصممت الحافلة لتستهلك طاقة الهيدروجين لمسافة 280 ميلا، فيما تقوم بطارياتها، التي تعمل بخلايا الوقود، على تزويدها بالطاقة اللازمة لقطع مسافة الـ20 ميلا المتبقية. أما انطلاق سرعتها فيبدأ من صفر إلى 60 ميلا في الساعة في خلال 8,5 ثواني، مع سرعة قصوى تبلغ 100 ميل في الساعة. إلا أن الشركة، وعلى رغم كل هذه المواصفات الثورية، لم تحدد بعد تاريخا لطرح «بروفوك» ففي الأسواق وصالات العرض، كما لم تحدد سعرا لها.
وفي الفترة ذاتها، أنهى - في مدينة بون الألمانية - المؤتمر العالمي الثالث للطاقات المتجددة أعماله، وشهد المؤتمر مناقشات مكثفة بين العاملين في قطاع الطاقات النظيفة، التي نظر المشاركون إليها وسيلة «لنشر المزيد من العدالة في العالم بين دول العالم الغني ودول العالم الفقير».
وعقد مؤتمر الطاقة المتجددة الأول في برلين في العام 2001، حينما لاحت في الأفق احتمالات ارتفاع أسعار النفط وتراجع كميات المخزون النفطي، من جانب، والتزايد السريع في الاحتياج إلى الطاقة، من جهة أخرى. عزز من كل ذلك تنامي الوعي بمخاطر التغيرات المناخية المتزايدة التي تؤدي بدورها إلى كوارث. جميع هذه العوامل شكلت حافزا كبيرا لإنشاء هيئة دولية للطاقة المتجددة، ( International Renewabe Energy Agency IRENA)، واتفق الحاضرون على تكوين مجلس دولي مستقل للطاقة المتجددة (World Council for Renewable Energy WCRE). ويسعى هذا المجلس الذي يمثل الصوت العالمي لهذه الطاقة، التشجيع على تنفيذها وإصدار الوثائق اللازمة للإعلام عنها، كما يسعى إلى الوصول إلى حلول عملية واتفاقيات مشتركة على نطاق دولي. لهذا يقيم المجلس ملتقى عالميّا يجمع بين السياسيين والعلماء والعاملين في الاقتصاد ورجال القانون والإعلاميين، وهو ما يجعل القرارات المتخذة أكثر واقعية وعملية. وقد أقيم هذا الملتقى لأول مرة في يونيو/حزيران في العام 2002 في برلين.
الأمر الذي يثلج الصدر هو أنه يتم حاليّا استثمار مبالغ ضخمة في شركات ومشاريع الطاقة المتجددة. وذكرت شركة «برايس واتر هاوس كوبرز الاستشارية»، و»طومسون فنتشور إيكونوميكس»، أن أصحاب رؤوس الأموال المغامرين (VC) استثمروا حوالي 181 مليون دولار في شركات إنتاج الطاقة البديلة، أي بزيادة قدرها 78 مليون دولار عما استثمروه فيها في العام 2007.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2012 - الأحد 09 مارس 2008م الموافق 01 ربيع الاول 1429هـ