العدد 2012 - الأحد 09 مارس 2008م الموافق 01 ربيع الاول 1429هـ

الحفاظ على الجيش الباكستاني بعيدا عن السياسة

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

أدى النصر الساحق الذي حققته أحزاب المعارضة في الانتخابات الوطنية التي أجريت حديثا إلى اجتثاث حزب الرئيس برويز مشرف من جذوره ووضعت مستقبله في وضع حرج. فقد أثار زعيم حزب الشعب الباكستاني عاصف زرداري وزعيم رابطة المسلمين الباكستانيين نواز شريف دهشة الجميع عندما اندمجا معا لتشكيل حكومة جديدة في إسلام آباد.

قد يعمل هذا التحالف الجديد بين أحزاب المعارضة على إعادة تشكيل مستقبل باكستان السياسي وتمكين الزعماء المنتخبين من اتباع النموذج التركي على الطريق نحو الديمقراطية.

تسلم الشعب رسالة الوحدة هذه بشكل جيد، إذ التزم كل من رئيسي الحزبين أمام الشعب بالالتزام بميثاق الديمقراطية (الذي وقعته رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو ونواز شريف في 14 مايو/ أيار 2006 في لندن)، والذي ينادي بإعادة تفعيل دستور العام 1973، الذي كان موجودا حتى انقلاب العام 1999 العسكري، وضمان سيادة البرلمان وتحديد دور المؤسسة العسكرية في السياسة وفرض قيود على الهيئات الاستخبارية.

تبقى هذه القضايا الرئيسية جزءا من بيانات الحزبين الانتخابية. وباستثناء أنصار مشرف ليس لأي من المجموعات السياسية الأخرى أية اعتراضات على تطبيق هذه الأطر السياسية. وقد برز إجماع أوسع بين الأحزاب السياسية لوقف القوات المسلحة الباكستانية عن المشاركة في الشئون السياسية للدولة، ما يضمن حفاظ البرلمان على سيطرته السياسية.

يتمتع الرئيس حاليا بسلطات واسعة، إذ باستطاعته حل الجمعية الوطنية وتعيين الرؤساء العسكريين. ويقف المجتمع المدني الباكستاني، بقيادة المحامين بشكل رئيسي، ضد مشرف بشدة مطالبين بإعادة تعيين القضاة المطرودين، ولكن يبدو أن مشرف غير راغب في إعادة القضاة إلى مواقعهم الصحيحة، ولا التخلي عن الرئاسة. سيستمر هذا الموقف على الأرجح حتى تسحب واشنطن ويسحب الجيش الباكستاني مساندتهم له.

لقد أصبح للجيش الباكستاني اليد العليا في الحفاظ على المصالح المؤسسية، وأصبحت لديه معايير خاصة به للعلاقات الهندية الباكستانية ولنزاع كشمير والعلاقات بين باكستان والولايات المتحدة، وهو لا يسمح للمسئولين المنتخبين بالتدخل في شئونه الداخلية.

لسوء الحظ أن تأثير الجيش متجذر وواسع النطاق ليس فقط في أوساط الطبقات الدنيا وإنما بين مسئولين سياسيين معينين، الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان تغيير أساليبه. وحتى يتسنى لها مجابهة تأثير الجيش وسلطته تحتاج المعارضة إلى أن تعمل بشكل تدريجي ولكن بعزم وثبات.

ومن الحكمة بمكان أن يتبع زعماء المعارضة النموذج التركي في هذا المجال، إلا أن الزعماء الأتراك الحاليين ضمنوا عدم إعطاء الجيش التركي أبدا أي مبرر للتدخل في الشئون الحكومية من خلال حماية أولويات التقاليد التركية محليا ودوليا، كما ظهر في حالات المتمردين الأكراد والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ثانيا، أعطى الزعماء الأتراك مصلحة الشعب وازدهاره الأولوية القصوى وقاموا بإدخال إصلاحات لإعادة تنشيط الاقتصاد الهش.

وكما هو الحال في تركيا بقي الحزب الباكستاني الحاكم قريبا من التطلعات الشعبية العامة وبقي على اتصال وثيق مع الجماهير. وإذا استطاعت القيادة الباكستانية المنتخبة وقف الارتفاع اللولبي للتضخم فستحوز على ثقة الشعب. وبالمثل، ومن خلال دمج التكتيكات التفاوضية مع القوة العسكرية، بدلا من القوة العسكرية وحدها، قد تستطيع القيادة الجديدة عزل المتمردين في المناطق الحدودية من البلاد.

يتوجب على واشنطن خفض توقعاتها من الزعماء العسكريين الباكستانيين والاستثمار بصورة أوسع مع الممثلين المنتخبين في الدولة. لقد أوجد التحالف الاستراتيجي الأميركي مع مشرف شعورا بين الباكستانيين بأن الولايات المتحدة لا تفضل بصدق وجود باكستان ديمقراطية. فقد قامت الولايات المتحدة عبر سنوات بدعم حكم الجيش على باكستان من خلال الاستثمار بشدة في المؤسسة العسكرية ودعم الانقلابات العسكرية المتعاقبة. وقد أدت هذه السياسات، مضافة إليها الأعمال التي قامت بها الدولة، إلى تهميش القوى المعتدلة في الحياة العامة.

يتوجب على الغرب، وعلى الولايات المتحدة خصوصا، أن يدعم ممثلي الشعب الباكستاني المنتخبين وتشجيع الجيش على احترام التكليف الشعبي لهم وخدمة باكستان ضمن الإطار الدستوري للدولة. وقتها فقط يمكن لباكستان أن تكون ديمقراطية بحق، ووقتها فقط تستطيع الولايات المتحدة إقامة علاقة ذات معنى مع شعب باكستان.

* باحث مقيم في إسلام آباد يركز على جنوب آسيا، والمقال ينشر بالتعاون مع «كومن غراوند»

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 2012 - الأحد 09 مارس 2008م الموافق 01 ربيع الاول 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً