بمناسبة ذكرى انتفاضة مارس/آذار 1965، نظمت «وعد» و«المنبر الديمقراطي» و«التجمع القومي» ندوة مساء الأربعاء الماضي، تحدّث فيها علي ربيعة وفوزية مطر، وأعقب ذلك عددٌ من المداخلات.
الندوة لم تخلُ من إسقاطاتٍ على الوضع السياسي الراهن، إلى جانب المقارنة الحتمية بين مارس 1965 ومارس 2008، بعدما فاحت روائح الطائفية الخانقة في هذه الأيام، حيث يتم التلاعب من خلالها بملفات التجنيس والتمييز... واستعداء البعض للبعض، وإشغال الكل بالكل. من هنا أجمع المتحدثون والمتداخلون على أن الفترة الراهنة من أسوأ مراحل التاريخ الوطني، لأنها تنذر بتشظّي المجتمع وانقسامه على نفسه بما يعيد البلد إلى مرحلة ما قبل الدولة.
صلاح الجودر كرّر طرح اقتراحه بشأن الاتفاق على يوم وطني للشهداء، يكون شاملا لشهداء البحرين من مختلف المراحل التاريخية، مرجّحا اختيار شهر مارس لأنه شهد سقوط الكثير من الشهداء من مختلف القوى القومية والوطنية والإسلامية، الذين ضحوا بدمائهم من أجل الاستقلال والإصلاح، ولئلا تغطي أحداث التسعينات على مراحل الكفاح الوطني الأخرى. واستشهد الجودر بالفلسطينيين، إذ تحتفل كلٌ من فتح وحماس والجهاد بيومٍ «خاص» للشهيد... وكانت النتيجة ما نراه من حرق غزة!
هذا الرأي مطروحٌ للتداول بين الجميع، وإذا لم يجرِ الاتفاق أو التوافق بشأنه سيبقى مثار تجاذبات لا تنتهي بالساحة، تكون كلفتها عالية، وهو أمرٌ جرّبناه في السنوات الماضية وليس مجرد تخمين.
على أن هناك إشكالية أكبر كشفتها الندوة، على مستويين: الشكل والمضمون. فمن ناحية الشكل، اقتصر الحضور على أعضاء الجمعيات الثلاث وعدد من المدعوين أو المهتمين بالشأن العام، وكان ملحوظا الغياب التام لجمعية «الوفاق»، سواء نواب الكتلة، أو الممثلين البلديين، أو حتى قيادات الصف الثاني أو شورى الوفاق، وأرجو أن يصحّح أحدهم هذا الكلام إن كان خاطئا... وهذا ما يوصلنا إلى «المضمون».
قبل أسابيع، حضرت فعالية بجمعية المنبر الديمقراطي، ولفت نظري غياب «الوفاق» أيضا، ما يعزّز فكرة «استغناء» الوفاق بشارعها وقدراتها الخاصة عن الآخرين، وهو وهمٌ لن تدفع الوفاق وحدها ثمنه كما يحدث في البرلمان الآن، بل سيكون الضحية قوى المعارضة والجمعيات السياسية ذات التاريخ الوطني عموما في البحرين.
ربما يتذرع بعض النواب الوفاقيين بالانشغال بالعمل البرلماني الذي يستنزف طاقاتهم وأوقاتهم، لكن ماذا عن الصف الثاني والثالث؟ ثم... ألا يوجد نائبٌ واحدٌ على الأقل يهتم بالحضور وتمثيل الجمعية ولو من باب رفع عتب الرفاق في التحالف الرباعي التاريخي؟
ما كشفه الاحتفال بمناسبة انتفاضة مارس 65، هو أنه لا يوجد تواصلٌ بين الأجيال، وهناك من يريد أن يمسح الذاكرة العامة المشتركة، وهناك من يطمح إلى تزوير التاريخ، ولكن من المؤكد أن من ينأى بنفسه عن الآخرين يسهم من حيث لا يدري في إنجاح هذه القطيعة المصطنعة، ويقدّم أفضل خدمة لمن يلعب على الأوتار الطائفية المقطّعة... باستمرار.
انتخابات 2010 لن تكون مثل انتخابات 2006، لا ذاتيا ولا موضوعيا، خصوصا بعد أن تجاوز تعدادنا فجأة المليون... وما جرى في انتخابات الأردن الأخيرة ليس ببعيد... فهل تتذكرون؟
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2011 - السبت 08 مارس 2008م الموافق 29 صفر 1429هـ