العدد 2011 - السبت 08 مارس 2008م الموافق 29 صفر 1429هـ

لعبة المال في الخليج

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

تبدو البحرين الدولة الأكثر تضررا (ضمن مجموعة الدول الخليجية) من تنامي سياسات التنافس الخليجي القائم على خطط التقليد أو التخريب، لا خطط التكامل والاندماج في إقليم واحد يسعى للتكامل الاقتصادي والرقي. وباستثناء البحرين، فإن بعض الدول الخليجية وبما تمتلكه من مصادر مفتوحة للثروة أصبحت مهووسة بضرب اقتصادات بعضها بعضا وفق معادلة اقتصادية لا حصيلة منها على شعوب المنطقة.

الملاحظ اليوم أيضا أن المشروع الذي تبدأه المنامة أو أية عاصمة خليجية أخرى لابد أن تتبعه مشروعات مماثلة في العواصم الخليجية الأخرى بنسخ أكبر، فيما يبدو أكثر من محاولة للتفرد بالمراكز الأولى في معدلات النمو الاقتصادي في الخليج، فالكثير من النسخ المقلدة لا تمتلك فرصا ربحية حقيقية، بل هي مجرد مشروعات برستيجية تستهلك موارد الدول دون أن تعود على أبناء الخليج بأي نفع أو تطوير. وعلى رغم أن هذا الطموح يبدو منطقيا وفق معادلة التنافس المفتوح في السوق إلا أن عشرات التقارير الاقتصادية تؤكد أننا نسير في الخليج على خط سير مكنة تنافس على الإنفاق في مشروعات شكلية، لا على تحقيق تنمية اقتصادية متنوعة تهدف إلى تنمية مجتمعاتنا، وخصوصا أن إيرادات النفط الخليجي اليوم تجعل من بعض الدول الخليجية قادرة على بلوغ المستحيل وفق مداخيلها المالية التي لا تجد من يديرها بحكمة وتعقل.

إن الوفرة المالية في الخليج (وهي الثانية في تاريخها) لابد من توظيفها وفق برنامج لبناء اقتصادات متنوعة وقوية، لا تعتمد على المماثلة والتناسخ الهرمي في الاقتصادات القائمة، بل التوسع في مجالات التنمية وصولا لتصيير منطقة الخليج مستقبلا منطقة صناعية منتجة تستطيع أن تصمد، وأن تستمر في المساهمة الاقتصادية الدولية.

ذاكرتنا القصيرة لفترة الثمانينيات لا تسترجع من الذكريات إلا ما هو مؤلم، إذ عايشت شعوب الخليج كيف تفننت الصفوف الأولى في إضاعة تلك الفرصة دون أن تحقق للمواطن الخليجي شيئا يذكر. واليوم، لابد لحكومات الخليج كافة أن تعي خطورة الموقف فالشعوب الخليجية اليوم ليست كما كانت في الثمانينيات، هي أكثر وعيا واطلاعا، وتستطيع التعبير عن غضبها بحرية دون أن يعتبر ذلك قطعا لولاءاتها الوطنية.

ليست البحرين الضعيفة الموارد فقط الطرف الأضعف في هذه المعادلة، فالكثير من الشعوب الخليجية باتت تعبر بوضوح في أكثر من وسيلة إعلامية عن امتعاضها من الطريقة التي تدار بها موارد أرضها المعطاءة التي يدرك الخليجيون اليوم ثقلها في الاقتصادات العالمية، وهو ما يجعل من قادة الخليج كافة أمام مسئولية تاريخية لا مجال فيها لإعادة الأخطاء نفسها.

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 2011 - السبت 08 مارس 2008م الموافق 29 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً