العدد 2011 - السبت 08 مارس 2008م الموافق 29 صفر 1429هـ

الاستثمار الذكي والاقتصاد المعرفي نحو تنمية مجتمعات حكيمة

هديل العبيدي comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

نعيش اليوم في عالم رقمي أساسه المعلومة وكيفية الحصول عليها وطرق المحافظة عليها. تلك المعلومة جعلتنا نتجه في جميع مجالات حياتنا إلى تقوية اتخاذ قراراتنا وفق تلك المعلومات التي نجمعها، نقيمها ونستغلها كي تفيدنا في اتخاذ القرارات، ويجب أن نعرف بأن تلك المعلومات إحدى عناصر الهرم المعرفي الذي تتكون قاعدته من البيانات المجردة والتي تكون عبارة عن مجموعة من الرموز والحروف والأرقام الخاصة بكيان معين. إن تلك البيانات لو تمت معالجتها وجعلها مترابطة المعنى نكون عندئذ استطعنا الحصول على المعلومة التي غيرت العالم وأصبح يعتمد عليها في تعاملاته في جميع مجالاته واكتساب مهاراته.

ولو ارتفعنا قليلا» بالهرم المعرفي نلاحظ وجود المعرفة التي تكون عبارة عن نماذج المعلومات المتراكمة إذ إنها تعتمد على المعلومة كمدخل لها. من خلال هذه المعرفة بدأ العالم يتغير نحو بناء مجتمعات معرفية تعتمد على اكتساب المعرفة واستغلالها في تنمية رأس المال الفكري، وتأتي الحكمة بعد المعرفة لتتربع على قمة الهرم المعرفي وهي غاية الإنسان المنشودة لتروي عطشه المعرفي، إذ تتكون الحكمة من المعرفة الواسعة مضافا اليها الخبرة المتراكمة.

هذه هي عناصر الهرم المعرفي والتي استغلها العالم لتصب في بوتقة الاتجاه الحديث للاقتصاد الذي تبلور عنه ظهور مصطلح الاستثمار الذكي، ذلك الاستثمار القائم على المعلومة وكيفية اكتسابها واستغلالها لتكون مدخلا قويا في عملية التنمية الاقتصادية من خلال بناء مهارات تعتمد على المعلومات والمعرفة بحيث يتم التركيز على الانتاجية وليس على الكم.

إن هذا التوجه الجديد الذي يؤكد أن الاستثمار الذكي يرفع من شان المواطن العربي، هو توجه قوي لبناء تنمية وطنية فعالة.

من خلال ذلك نستطيع أن نقول بأنه يمكن استغلال أفكار الهرم المعرفي في تدوير عجلة الاقتصاد بحيث يمكن اعتبار المعلومات مدخلا إلى عملية استخراج المعرفة (إذ إن الاستثمار الذكي يعتمد على المعلومات، لذلك يمكن اعتباره مدخلا إلى الاقتصاد المعرفي المعتمد على المعرفة بدوره) ويكون حلا قويا إذ إن المعلومات الصحيحة والجيدة والقوية تكون ركيزة بناء معرفة أقوى.

المهم هنا هو كيفية الوصول إلى المعرفة من خلال الاستثمار الذكي وتحويلها إلى مادة ذات قيمة تنافسية تتنامى وتحقق ليس فقط الربح المنشود وإنما تؤثر على التنمية الاقتصادية؟.

ولعل من أهم أوجه الاستثمار هو» الاستثمار الذكي في التعليم»، الذي يساعدنا في بروز المعرفة التي ستقود المجتمع إلى ثروة معرفية تكون ركيزة التنمية الاقتصادية.

وهذا ما يقود إلى بناء مجتمعات معرفية تعتمد على المعلومات والمعرفة لاكتسابها الخبرة. لكن السؤال الذي يبرز هنا: هل نستطيع التوجه نحو تنمية اقتصادية حكيمة تعتمد على إدارة الحكمة في بناء اقتصادها المعرفي المعتمد على الاستثمار الذكي، لغرض بناء صناعة برمجيات عربية قوية؟.

وللإجابة على هذا السؤال نحتاج أولا» إلى إدارة المعرفة بحيث نستطيع العمل عليها لتكون مدخلا معرفيا واستغلال مساهمتها في إرساء دعائم التحول الجديد نحو الاقتصاد المعرفي.

ومثلما نعرف أن المجتمعات تحتوي على نوعين من المعرفة الأول: المعرفة المنتجة محليا «داخل المجتمع وهذه المعرفة تكون معرفة ذات طبيعة خاصة بالمجتمع الذي أنتجها ويطورها حسب احتياجاته الداخلية. والثانية هي المعرفة المكتسبة من الخارج التي تدخل في المجتمع عبر علاقاته مع الخارج. والمجتمعات تكون عموما مجتمعات متفتحة معرفيا إلى حد ما.

هنا يأتي السؤال المهم بعد أن عرفنا بأن المجتمعات هي التي تنتج المعارف التي تحتاجها وحسب متطلباتها في الواقع الاجتماعي والاقتصادي فهل يستطيع الاقتصاد المعرفي أن يكون المنتج لمعارف جديدة لمجتمع المعرفي؟.

وإذا كان الاقتصاد المعرفي منتج فهو بمرور الوقت سيؤثر على بناء تنمية مجتمع يتصف بأنه حكيم لا يعتمد فقط على المعرفة وإنما على قمة الهرم المعرفي وهي الحكمة.

الى أن نصل إلى هذا المستوى من التفاعل المعرفي والبشري نحتاج كمجتمعات عربية الى تطوير الصناعات العربية التي تعتمد على فكرة الاقتصاد المعرفي وفي الوقت نفسه نتجه بأبصارنا إلى الحاضنات التكنولوجية لتكون اليد المساعدة للاقتصاد المعرفي بأن تكون حاضنات لمعارف جديدة هذا مايقود المجتمع من حالة معرفية الى حاله معرفية أخرى وبالتالي يكسبه الخبرة اللازمة لتكوين أسس الحكمة.

وهنا تأتي مسئولية الاقتصاد المعرفي بأن يكون نظاما مفتوحا يؤثر على المجتمع ويتأثر بعناصره من خلال إنتاج واكتساب المعارف الجديدة المدعومة بتكنولوجيا المعلومات الاتصالات (ICT) التي تساعد في بناء مؤسسات عربية مؤهلة إلى مواجهة تحديات البيئة العالمية.

إقرأ أيضا لـ "هديل العبيدي "

العدد 2011 - السبت 08 مارس 2008م الموافق 29 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:30 م

      شكرا واحترام

      مقال جميل، لكن سؤالي هل ذكاء الاستثماري ضمن ذكاء العولمة "اي في ظل قرية صغيرة...
      مودتي

اقرأ ايضاً