في 19 فبراير / شباط الماضي، احتفى حزب المحافظين البريطاني بتمثال للمرأة الحديدية «مارغريت ثاتشر» قي مقر الحزب، وكانت ثاتشر معهم تحتفل بتمثالها، وتذكّرهم بأنها انتصرتْ على حزب العمّال في العام 1979 وظلت رئيسة وزراء حتى نهاية 1990، وسحقت حزب العمّال ثلاث مرات، قبل أنْ يسقطها حزبها... وذلك بعد أن تحوّلت من «امرأة حديدية» أنجزت المستحيل، إلى «بلدوزر» يسحق أيّ شخص يقف في الطريق، حتى لو كان كبار أعضاء حزبها.

مارغريت ثاتشر (82 عاما)، دخلت المستشفى أمس الأوّل لإجراء فحوص بعد أن شعرت بالتعب وهي تهم بالدخول إلى حفلة عشاء بالقرب من مجلس اللوردات الذي أصبحت عضوا فيه بعد خروجها من رئاسة الوزراء ومن مجلس العموم، وتزامن دخولها للمستشفى مع «يوم المرأة العالمي». المرأة الحديدية كانت أوّل امرأة تتسلم رئاسة الوزراء في بريطانيا، وأول شخص ينتخب لثلاث مرات على التوالي في الأعوام 1979 و1983 و1987 قبل أن تضطر للاستقالة في العام 1990 بضغط من حزبها.

سيطرت ثاتشر على حزبها وعلى الحكومة البريطانية بقبضة حديدية، ومنذ خروجها من رئاسة الوزراء لم يستطع حزبها أن يجمع قواه، وتمكّن حزب العمّال من الفوزعليه ثلاث مرات، وربما يفوز عليه للمرة الرابعة في الانتخابات المقبلة. والكثير يسأل كيف يعجز حزب المحافظين الذي أنتج شخصية مثل ثاتشرعن القيام مرة أخرى والإمساك بزمام أمره.

والأجوبة على ذلك عديدة، ولايمكن حصْرها في مساحة صغيرة. فرئيس الوزراء البريطاني يمسك بالحكومة من خلال سيطرته على وزارة الخزانة، فهو (أو هي) الوزير الأول للخزانة، ووزير الخزانة يأتي بعد ذلك. ولذا، فإنّ وزير الخزانة (المالية) يُعتبر الشخص الثاني من ناحية القوّة، ويسكن في المنزل الملاصق لمنزل رئيس الوزراء البريطاني، وبعد ذلك تأتي أهمية وزير الخارجية، وبعده وزير الداخلية. ورئيس الوزراء البريطاني أيضا يتسنم منصب وزير الخدمة المدنية، لأهمية المنصب وخطورته. وكانت ثاتشر توجه كلّ هذه الوزارت في فترة الثمانينات الصعبة، وانتصرت على النقابات البريطانية العريقة، وكانت أوّل مَنْ شرع في برامج الخصخصة التي تجتاح العالم اليوم، وحوّلت الاقتصاد البريطاني من اقتصاد منحدر إلى الأسفل، إلى اقتصاد استعاد قوته وأصبح أنموذجا لمَنْ يسعى الى إصلاح الهيكلية الاقتصادية لبلاده. تصدرت ثاتشر الاخبار في يوم المرأة العالمي لتذكرنا كيف قامت بأمور عجز عنها الرجال.