تباينت مواقف الكتل النيابية من التلميحات بإبعاد وزير شئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة ووزير شئون البلديات والزراعة منصور بن رجب من منصبيهما على خلفية أزمة الاستجوابات الأخيرة التي عصفت بمجلس النواب.
ففي حين أعلنت كتلة الوفاق على لسان رئيس فريق الاستجواب النائب جواد فيروز ترحيبها بتوجُّه إبعاد الوزير عطية الله، عبّرت كتلتا الأصالة والمنبر الإسلامي عن تحفظهما الكبير على هذا الخيار، مؤكدة أن «الحل يجب أن ينبع من داخل مجلس النواب»، لكن عضو كتلة المستقبل النائبة لطيفة القعود رأت أن «إقدام الحكومة على هذه الخطوة سيثبت قدرة مجلس النواب على التأثير في عملية صنع القرار».
على الصعيد نفسه، كشف بيان صادر عن كتلة الوفاق النيابية أمس، عن عدم إدراج طلب استجواب الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة على جدول أعمال جلسة الثلثاء المقبل، وهددت الكتلة في بيانها بأن الجلسة المقبلة ستشهد الإرباك نفسه الذي حصل في الجلسات السابقة.
****
«الوفاق»: التغييرات دليل على حيوية الحكومة...و«الأصالة» و«المنبر» تتحفظان بشدة
الكتل البرلمانية تنقسم على توجّه تنحية الوزيرين عطية الله وبن رجب
الوسط- حيدر محمد
تباينت مواقف الكتل النيابية من التلميحات بإبعاد وزير شئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة ووزير شئون البلديات والزراعة منصور بن رجب من منصبيهما على خلفية أزمة الاستجوابات الأخيرة التي عصفت بمجلس النواب.
وفي حين أعلنت كتلة الوفاق على لسان رئيس فريق الاستجواب النائب جواد فيروز ترحيبها بتوجّه إبعاد الوزير عطية الله، فيما اعتبرت كتلتا الأصالة والمنبر الإسلامي عن تحفظهما الكبير على هذا الخيار، مؤكّدة أنّ «الحل يجب أن ينبع من داخل مجلس النواب»، فيما رأت عضو كتلة المستقبل النائبة لطيفة القعود أنّ « إقدام الحكومة على هذه الخطوة سيثبت قدرة مجلس النواب على التأثير في عملية صنع القرار».
ففي تعليقه على الأنباء الواردة عن توجّه من القيادة السياسية لتنحية الوزيرين، قال رئيس فريق الاستجواب النائب جواد فيروز: «إنه من الناحية الدستورية من صلاحية جلالة الملك ورئيس مجلس الوزراء إجراء أيّ تغيير وزاري جزئي أو كلي أو تغيير وزير واحد متى ما تم تقدير المصلحة الوطنية».
وأضاف فيروز «هناك عرف يتبع في الحكومات بأنه متى ما سعت السلطة التشريعية إلى استجواب أحد الوزراء ووجوده يشكّل تأزيما في العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية تقوم الأخيرة بتعديل وزاري كحل للازمة؛ لأنّ مجلس الوزراء متضامنٌ مع أعضائه، ويتم اللجوء لهذه الخطوة لتجنب تحقيق الاستجواب ومن ثم اللجوء إلى طرح الثقة في الوزير المعني».
وأشار فيروز إلى أنّ «أخذ موقف الرأي العام في الحسبان عند أيّ تغيير وزاري محل استحسان وتقدير لدى جميع المواطنين وهذه دلالة على حكمة القيادة السياسية وحيوية الحكومة، وستكون هذه الخطوة علامة بارزة في دفع المشروع الإصلاحي لجلالة الملك للأمام وترسيخه في الوجدان الشعبي».
وردا على سؤال بشأن موقف كتلة الوفاق من اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة مع رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني قال فيروز» إنّ أي لقاء بين السلطتين التنفيذية والتشريعية يمثل حالة صحية وطبيعية ومطلوبة،و هذه المرحلة التاريخية الحساسة من عمر المجلس تتطلب مزيدا من هذه اللقاءات وبلورة حل مشترك للوصول إلى رؤية توافقية تغلّب المصلحة الوطنية، وهو الأمر الذي يعمّق المشروع الإصلاحي ويؤصل التجربة الديمقراطية للمملكة» مضيفا:» من شأن هذه الخطوة أن تمثل مخرجا حضاريا للأزمة الحالية في مجلس النواب».
وبشأن موقف الوفاق من الربط بين استجوابي وزير شئون مجلس الوزراء ووزير شئون البلديات والزراعة لفت فيروز إلى أنه « لا توجد أية حلقة مشتركة بين الاستجوابين، ولكن في المقابل كلاهما وزيران في الحكومة، وللحكومة الحق في الإقدام على خطوات من شأنها تضمن مصلحتها وهي تملك كلّ الاستقلالية في التعامل مع وزرائها بالكيفية التي تضمن توطيد العلاقة مع السلطة التشريعية عن طريق تغيير وجوه بعض الوزراء إنْ تطلب الأمر».
وعمّا إذا كان تدخل القيادة السياسية يعني فشل الكتل البرلمانية في إيجاد مخرج للأزمة الحالية أشار فيروز إلى «استمرار المحاولات في حوار الكتل، ولكن الأمل ضئيل أنْ يولد حل من داخل مجلس النواب، وذلك نتيجة لتمسك كلّ طرف برأيه وخروج البعض عن الإطار القانوني والدستوري من أجل مصالح سياسية يشكل إحراجا لهم».
وأضاف فيروز:«لا نريد أنْ نستبق الأمور، وكما أكدنا دائما أنّ المصلحة العليا للبرلمان تكمن ألا يتم تقليم صلاحياته الرقابية في مقابل الدفاع عن بعض الوزراء، والحفاظ على العملية الديمقراطية والمشروع الإصلاحي يتطلب تغليب الإرادة الشعبية على مسألة الشخوص»، مضيفا « حفظا لديمومة المجلس وعدم تعطيل مصالح المواطن يبقى الحل من خارج المجلس مرحبا به، وبالطبع ما طرح يمكن أن يكون حلا مناسبا».
«الأصالة»: تغيير الوزيرين
ليس خيارا صائبا
وفي الاتجاه المضاد علّق نائب رئيس كتلة الأصالة الشيخ إبراهيم بوصندل على توجه تنحية الوزيرين قائلا: « هذه التلميحات لا أظنها صحيحة، وحتى لو كانت صحيحة فإن كل وزير يجب أنْ يُحاسب، لأن بمجرد أن تثار شبهات معينة على أيّ وزير لا تستدعي بالضرورة تغيير مكانه، ولا أتوقع أن هذا الخيار صائب، فقد يكون الوزير المستجوب مجدا في عمله ويعاقب من دون جريرة وقد يكون مقصّرا في المحاسبة وبهذه الطريقة تحول بينه وبين المحاسبة».
وأضاف بوصندل:« إذا ثبت صحة هذا الخبر فهذا يعني أنّ فيه رضوخا لمطالبات لم تقدم بشكل صحيح، فنحن نريد أن نؤسس لأعراف صحيحة، وعملية الإصلاح يجب أنْ تكون مبنية على أسس صحيحة، فاستجواب وزير البلديات يجب أن يمر بشكل قانوني، وبالتالي فإنّ خطوة تنحية الوزيرين قد تفرغ الدور الرقابي للمجلس النيابي» مستدركا:» ولكن إن كانت القيادة السياسية تقدر أمورا معينة وتتلاشى فتنة فلها الحق في اتخاذ الإجراء المناسب بما فيه مصلحة البلاد، ولكن الأولى والأفضل أنْ يتم محاسبة الوزير المقصّر».
وتساءل بوصندل بقوله: « هل سيكون العرف المتبع أنّ كل وزير يُطالب البعض باستجوابه سيُقال أو يدور من عمله، فالأولى أنْ تسير العملية الرقابية وفق قنواتها الطبيعية في مجلس النواب، ويجب أن تكون الإجراءات متبعة بحسب القانون، ومَنْ يمارس حق الاستجواب فيجب أنْ يكون أعلى شخص متمسكا بالقانون؛ لأن الاستجواب هو اتهام ضمني».
«المنبر الإسلامي»: خيار التنحية غير منطقي
من جانبه اعتبر نائب رئيس كتلة المنبر الإسلامي النائب علي أحمد أنّ اللجوء لتنحية الوزيرين « خيار غير منطقي» وأضاف « إذا صح هذا الكلام فهو غير منطقي، فالأصل يجب أن نفكّر في كيفية الحل وفق القنوات الطبيعية و الدستورية ومن خلال اللائحة الداخلية لمجلس النواب، ويجب أن نفكر في كيفية حل مشكلاتنا بدلا من أن تقترح لنا أطراف خارجية حلولا».
ودعا أحمد إلى ضرورة أنْ ينبع حل الأزمة الحالية من داخل مجلس النواب، مضيفا :» الحل ينبغي أنْ ينبع في داخل المجلس، لأنّ المسألة الخلافية شأن داخلي، ويجب أنْ يكون أعضاء المجلس هم الفيصل عند الاختلاف، وهذا الخيار الأمثل والأول أن يتبع، لأنّ هذه ليست أوّل مشكلة ولن تكون آخر مشكلة، وحتى نرسخ التجربة البرلمانية لابدّ من سن أعراف قوية تؤسس لكيفية نزع فتيل الخلاف بشكل أخوي وموضوعي».
وأضاف: « ما دامت المشكلة في داخل أروقة المجلس، فليترك المجال لكي تناقش بين أعضائه، لأن المجلس جدير به أن يحل مشكلاته بنفسه، وخصوصا أنّ العقلاء داخل المجلس موجودون» مردفا « إن تدخل أية جهة خارجية في هذا الموضوع سيفتح بابا لتدخلات أخرى لا داعي لها، خصوصا أن اللائحة الداخلية واضحة ويجب أن يحتكم إلى المجلس في التصويت(...) ولكن مع ذلك لا نستطيع أن نملي على الحكومة ما تفعله، ولكن ما ندعوه هو التأكيد على ضرورة تجريب آليات المجلس».
القعود: مؤشر على قوّة المجلس في صنع القرار
إلى ذلك أكدت عضو كتلة المستقبل النائبة لطيفة القعود أنه «وإذا ما صدق ما نشر وتم إجراء هذا التعديل الوزاري فهذا يعني أنّ المجلس لديه السلطة والقوّة التي يمكن من خلالها التأثير في صنع القرار، ومن شأن هذه الخطوة أن تبرهن على قوّة المجلس». ورأت القعود في هذه الخطوة إن تمت « رسالة قوية لبعض الوزراء»، وقالت: «الاستجواب بحد ذاته يمثل رسالة لبعض الوزراء الذين ينتظر منهم المزيد من الجدية في تحمل المسئولية وتصحيح الأوضاع الخاطئة، وإذا جرى مثل هذا التعديل فيؤكّد حرص جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء على تطوير التجربة الديمقراطية والدفع بها قدما للأمام».
وأضافت «لن تكون هذه أوّل الاستجوابات ولا آخرها ، وهي أداة وجدت للمحاسبة ولتقويم الخطأ ولطرح الثقة، فبالتالي هذه أداة من الأدوات التي يمتلكها المجلس لتصحيح أي خط، ومسألة الاستغناء عن الوزير فهذا أمر يتعلق بالحكومة، ولكنه أتى نتيجة إصرار المجلس على ممارسة الأدوات الممنوحة له».
الدوسري: تغيير الوزراء شأن حكومي
وبدوره أفاد النائب المستقل ورئيس فريق استجواب وزير البلديات عبدالله الدوسري بأن « تغيير الوزراء شأن حكومي بحت ولا يحق لنا التدخل في شئون السلطة التنفيذية ومتى ما ارتأت تغيير الوزراء»، ولكنه أضاف من المفترض أنْ تتاح للسلطة التشريعية تفعيل أدواتها الرقابية وخوض التجربة بكلّ ما فيها من نجاح أو فشل حتى ننمي الممارسة البرلمانية، ولكن تقدير المصلحة في يد القيادة السياسية».
ومن جانبه علّق النائب السلفي المستقل الشيخ جاسم السعيدي على هذا الموضوع قائلا: «لا اعتقد أنّ هناك توجها من الحكومة لعزل الوزيرين ، وأتمنى ألا يكون ذلك نتيجة تأثر بأزمة الاستجوابين في مجلس النواب، وأتمنى أنْ تطبق القوانين والأنظمة والمواد الدستورية واللائحة الداخلية، وهذه المسائل هي التي تحكم الجميع في هذا الجانب».
ورأى السعيدي أنّ« تنحية وزيرين بسبب تأزم في المجلس التشريعي غير مواكب للأمور الإصلاحية، و أي وزير عليه ملاحظات يجب أن يستجوب، ويستقيل من منصبه إذا ثبت تقصيره في هذا الجانب، وأما الوزير عطية الله فما زلت أكرر نزاهته وطهارته وخصوصا عندما سمعت أحد النواب الوفاقيين ما طرحه بأنّ الوزير قد صرف شيكا لشراء بعض الأجهزة لوزارته والشيك الآخر دفعه لإحدى الجمعيات الخيرية».
وقال السعيدي: « الأولى والأجدر هو البحث عمَنْ يسرقون لا من يعطون ، فالوزير عطية الله من السبّاقين إلى الخير، والبحرين محتاجة إليه، يجب أن يمكث في وزاراته وتوسيع صلاحياته بدلا من عزله» على حد قوله.
*****
طالبت بالتحقيق في أسباب استقالة المستشار بركات
«الوفاق»: عدم إدراج استجواب عطية الله على الجلسة المقبلة
كشفت كتلة الوفاق النيابية عن عدم إدراج طلب استجواب وزير شئون مجلس الوزراء الشيخ أحمد بن عطية الله آل خليفة على جدول أعمال جلسة يوم الثلثاء المقبل وكذلك عدم الرد على الرسالة التي قدمها النواب المستجوبون لرئيس مجلس النواب خليفة الظهراني بخصوص الموضوع نفسه.
وقال عضو الكتلة النائب جواد فيروز، كما أفاد بيان صادر عنها أمس، إن النواب تسلموا يوم أمس الأول الجمعة جدول أعمال جلسة يوم الثلثاء ولاحظوا عدم إدراج طلب استجواب الوزير عطية الله بتهم الفساد المالي والإداري واستغلال النفوذ والسلطة والثراء غير المشروع، مشيرا إلى أن هذا يعتبر مخالفة للدستور واللائحة الداخلية التي تلزم بوضع الطلب على جدول الأعمال وإخطار المجلس بذلك.
وأضاف فيروز أن «الاستجواب حق أصيل لكل خمسة من نواب الشعب يتقدمون به لمجلس النواب ولا يحق لأي جهة في المجلس وقف هذا الطلب مادام في الإطار العام للدستور واللائحة الداخلية للمجلس وإلا اعتبر تعسفا في استخدام السلطة، وانحيازا للحكومة على حساب مصالح الشعب وأمواله التي أقسم رئيس وأعضاء المجلس النيابي على صونها.
جلسة الثلثاء تشهد إرباك الجلسات السابقة
وأوضح أن «الوزير عطية الله أخطأ في تقدير مقدمي الاستجواب ويجب أن يعرض على المساءلة البرلمانية وفقا للآلية الدستورية التي ارتضيناها قبل دخولنا في الانتخابات»، قائلا «إن الإرباك الحاصل في جلسات مجلس النواب السابقة والذي يتوقع أن تشهده جلسة الثلثاء المقبل تقع مسئوليته على رئيس المجلس خليفة الظهراني والنواب الذين يرفضون تنفيذ بنود الدستور واللائحة الداخلية»، فضلا عما أسماه «استهزاءهم بالطلب الشرعي والقانوني لمكافحة الفساد المقدم من 17 نائبا حصلوا على أكثر من 63 في المئة من أصوات الشعب».
وقال فيروز إن النواب المدافعين عن الوزير عطية الله يتعمدون اليوم التنصل من مسئولياتهم الرقابية البرلمانية المحدودة أصلا، مشيرا إلى أن المجلس سيتحول إلى نسخة طبق الأصل لمجلس الشورى، في حين أن المجالس النيابية المنتخبة في جميع دول العالم تعمل باستماتة من أجل الحصول على المزيد من الصلاحيات لأجل مكافحة الفساد الذي يستشري في الحكومات وليس العكس. وفي جانب آخر، طالب فيروز هيئة مكتب مجلس النواب بفتح تحقيق محايد ونزيه عن الأسباب الحقيقية لاستقالة المستشار القانوني للمجلس عمرو بركات ومدى علاقة هذه الاستقالة بالضغوطات التي مورست عليه لتبني رأي قانوني مخالف لرأيه الأصيل بشأن صواب استجواب الوزير أحمد عطية الله وتوافقه مع اللائحة الداخلية الذي قدم في دور الانعقاد الأول وتمسكه بهذا الرأي في دور الانعقاد الثاني بشأن الاستجواب نفسه، واطلاع نواب المجلس على نتيجة التحقيق
العدد 2011 - السبت 08 مارس 2008م الموافق 29 صفر 1429هـ