العدد 2008 - الأربعاء 05 مارس 2008م الموافق 26 صفر 1429هـ

الوئام الأهلي... إنجاز حضاري

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

مساء أمس كنت مع من حضر مائدة الضيافة التي أقامها سمو ولي العهد على شرف رئيس وزراء سنغافورة السابق «لي كوان يو».

وعلى إحدى الطاولات دار حديث بين البحرينيين وسيدتين من الوفد السنغافوري... وبطبيعة الحال كان الحوار يدور حول التجربة السنغافورية وإمكانية الاستفادة منها. وكان رد السيدتين أن الاستفادة متبادلة بين البلدين، وهذا تعبير عن اللياقة الدبلوماسية.

ومن بين ما دار من حديث كان عن الوئام الأهلي بين المكونات المجتمعية في سنغافورة (صينيون وملاويون وهنود وغيرهم)، وكيف ان هذا الوئام يعبّر عن الإنجاز الحضاري الممكن تحقيقه. غير ان البحرينيين التفتوا الى ان هذا الوئام هو ما عرفته البحرين على مدى تاريخها العريق، وسرد كل واحد منهم ذكريات المدارس والأحياء، والأريحية التي تميز بها البحرينيون بصورة تلقائية. فأهل البحرين سكان جزيرة، وسكان الجزر يميلون الى الوئام والى الطيبة، وما هو متحقق في بلدان أخرى متحقق أيضا في البحرين، تاريخيا وحاليا . ولذا، كانت خلاصة الحديث ان النعرات التمزيقية للمجتمع إنما هي شيء طارئ على البحرين، وان مروجي الفتن طارئون على مجتمعنا.

إن من طبيعة الإنسان انه يبحث عن الانتماء، ولدى كل إنسان انتماءات عدة. فأحد الأشخاص قد يكون طبيبا، فهو بذلك ينتمي إلى مجموعات الأطباء الذين يشاركونه التخصص، وقد تكون هذه المجموعات في بلاده أو خارجها. الإنسان ينشأ في حي أو قرية، وهو يفخر بالانتماء الى هيئة ما، أو كيان معيّن يمثل ذلك الحي، ولعل الكيان يكون صندوقا خيريا، أو ناديا رياضيا، أو أي شيء آخر. الإنسان له اتجاه فكري، ولذا يشعر أيضا بالانتماء لمن يشاركه الأفكار. وهكذا الحال مع الانتماء الى القبيلة أو العائلة. وكل هذه الانتماءات ليس عليها غبار، فهي طبيعية... شريطة ألا تكون مقدَّمة على الانتماء الى الوطن الذي يشمل جميع مكونات المجتمع داخل الحدود السيادية، وهذا هو الإنجاز الذي يمكن ان تفخر قيادة أي بلد تستطيع ان تخلق الوئام المجتمعي الذي يعزز الانتماء الوطني.

على انه إذا ضعفت النخبة، أو الاتجاهات الداعية الى تعزيز الانتماء الوطني المؤسس على وئام أهلي، فإن الناس تتجه الى الانتماءات الفرعية... والبديل للانتماء الوطني يكون الانتماء القبلي أو الإثني أو الطائفي، لأن الفرد قد يشعر بأن الأمن والمصير الذي يبتغيه يتحققان من خلال الاصطفاف الفئوي، أكثر مما يتحققان من خلال الاصطفاف الوطني.

إننا نمتلك تاريخا ناصعا من الوئام الأهلي المستمد من انتماء الجميع للبحرين فقط... فالبحرين وسعت الجميع في الماضي، وهي تسع الجميع أيضا في الحاضر والمستقبل، والممارسة السياسية الصحيحة هي التي تسير نحو الانتماء الذي يحقق إنجازا حضاريا.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2008 - الأربعاء 05 مارس 2008م الموافق 26 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً