رفضت الحكومة غالبية التعديلات التي اقترحها مجلس النواب على قانون الجمعيات السياسية رقم (26) لسنة 2005، وشددت في مذكرة أرفقتها بالمشروع المصاغ من دائرة الشئون القانونية على رفضها السماح للجمعيات السياسية بقبول أي شكل من أشكال التبرعات من المنظمات الدولية وكذلك التحالف مع الأحزاب الخارجية، كما حظرت على الجمعيات حق إصدار الصحف الخاصة بها.
وأوضحت الحكومة في ردها على تعديلات النواب أن «التعديلات النيابية جاءت في مجملها مشوبة بمخالفة الدستور ومجافية للمصلحة العامة التي هي عماد التشريعات الوطنية» داعية النواب إلى إعادة النظر في التعديلات على القانون.
وأشارت الحكومة إلى أن السماح للجمعيات السياسية بممارسة نشاطات في الخارج يتنافى مع قواعد القانون الدولي العام الذي تلزم كل دولة عدم تجاوز سلطتها وتشريعاتها إلى دول أخرى، كما رفضت الحكومة التعديل البرلماني بالسماح للجمعيات السياسية بإقامة تحالفات مع نظيراتها في دول أخرى «لأن أي اتصال بين جمعية سياسية بأي حزب أو تنظيم سياسي أجنبي يلزم أن يكون وفقا لقواعد وضوابط محددة مع مراعاة سيادة الدولة واستقلالها وحفاظا على أمنها ووحدتها الوطنية في الداخل والخارج، وضمانا لعدم الإخلال بالمصلحة العليا للدولة ومنعا من المساس بارتباطات الدولة بغيرها من الدول وبسياسات الدولة الخارجية عموما».
من جهة أخرى، عللت الحكومة رفضها السماح للجمعيات بممارسة الأنشطة والفعاليات في المؤسسات العامة ودور العبادة والمؤسسات التعليمية بأن ذلك «لا يستقيم مع ما هو مقرر لها من رسالة محددة شرعا وقانونا؛ لأنه يترتب على هذا التعديل تحويل دور العبادة وهذه المنشآت إلى أطياف متعددة من الممارسات السياسية مع أن رسالة المسجد والمدرسة والمؤسسة العامة رسالة عامة وموحدة لكل المواطنين بصرف النظر عن انتماءاتهم السياسية».
وعلى صعيد ذي صلة، أكدت الحكومة رفضها السماح بتخويل كل جمعية سياسية الحق في إصدار صحيفة خاصة بها مع إعفائها من إيداع أي ضمان نقدي أو مصرفي، وفق مقترح النواب. وأشارت الحكومة إلى أن إصدار الصحف يخضع لأحكام المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر، ولا يسوغ أن يتضمن قانون آخر أية أحكام تتعلق بإصدار الصحف أو الاستثناء من بعض أحكام القانون المذكور بعيدا عن المرسوم بقانون، أو بعيدا عن الجهة المعنية في هذا الشأن وهي وزارة الإعلام للوقوف على مرئياتها في هذا الخصوص.
إلى ذلك، رفضت الحكومة بشكل قاطع التعديل الذي أجراه النواب، والقاضي بخفض سن العضو المؤسس أو المنضم للجمعية السياسية إلى 18 سنة بدلا من 21 سنة، ورأت أن التعديل المقترح ينطوي على مخالفة لأحكام القانون المدني وقانون الولاية على المال العام فضلا عن مجافاته المنطق، على حد قولها. وأوضحت الحكومة أن التعديل في هذه الجزئية يصطدم أساسا مع النصوص القانونية القائمة في القانون المدني وفي قانون الولاية على المال الصادر بالمرسوم بقانون رقم (7) لسنة 1986 والتي تحدد سن 21 سنة ليكون الشخص رشيدا، ويكون له بالتالي مباشرة أموره كافة، ومن بين ذلك تأسيس الجمعيات والمشاركة في عضويتها والتي تعد نوعا من الولاية التي يفتقر إليها القاصر.
وأفادت الحكومة ان لا وجه لقياس السن المقررة لتأسيس الجمعيات على السن اللازمة للمشاركة في الانتخابات والاستفتاءات؛ لأن المشاركة في الانتخابات تتعلق فقط بمجرد التعبير عن رأي لاختيار شخص أو عدة أشخاص من بين مجموع المرشحين، ولا يقارن هذا الاختيار مطلقا بمقومات والتزامات العضوية المنوطة بعضو الجمعية السياسية والتي تتطلب المشاركة في تسيير شئون الجمعية وإدارة أموالها.
العدد 2008 - الأربعاء 05 مارس 2008م الموافق 26 صفر 1429هـ