اختتم الأربعاء الماضي مزادٌ علنيٌ من نوع خاص، بيعت فيه هدايا تلقاها قادة «إسرائيل» من بعض الشخصيات الدولية.
إلى هنا والخبر عادي جدا، فـ «إسرائيل» المضطهدة، محبوبةٌ جدا لدى الغرب، الذي يدافع عن حق «إسرائيل» المسكينة في الوجود. إلا ان المثير أن هناك هدايا قيّمة تلقاها القادة الاسرائيليون من عواصم عربية مختلفة.
منظمو المزاد، وحرصا على سمعة هؤلاء الرؤساء العرب، وحفاظا على العلاقات التاريخية الحميمة بين «الجيران»، ومراعاة لحقوق الجوار، قاموا بطمس أسماء المهدين، لكيلا يُعرفوا على رؤوس الأشهاد. ومن ثم تم بيع هذه الهدايا القيّمة التي تكشف عن قصص حبٍ وغرامٍ قديمة.
الحبيب يهدي حبيبته قارورة عطر، أو طقما من الذهب أو الألماس، أما الهدايا العربية للحبيبة «إسرائيل»، فكانت عبارة عن سلاسل وحلي ماسية وخواتم وأساور من الذهب والفضة، مرصعة بالأحجار الكريمة. كل تلك الهدايا العربية جرى تقديمها في سرية وتكتم، بينما كان حاتم الطائي يتفاخر إذا نحر جملا لأحد ضيوفه، ويكتب قصيدة من خمسين بيتا في وصف ذلك الجمل! وعندما تلومه زوجته على تبذيره يكتب قصيدة أخرى:
أماوي! إن المال غادٍ ورائحٌ
ويبقى من المال الأحاديث والذكرُ!
من بين المعروضات أيضا، أنواعٌ مختلفةٌ من السجّاد، من صنع إيراني وتركي وأفغاني وأوزبكي، وأثاث وأثريات، ورحم الله من قال:
على قدر أهل «الحب» تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم!
و «إسرائيل» لم تقصّر معنا نحن العرب في السلم والحرب، طوال ستين عاما، ولابد من إكرامها على ما قدّمت لأمة العرب، وخصوصا في فلسطين ولبنان وجمهورية مصر العربية!
من بين المعروضات أيضا، كانت هناك تحفٌ فنيةٌ وتماثيل خشبية ومعدنية نادرة، وأجهزة راديو متنقلة وكاميرات (لم يوضح الخبر للأسف هل هي كاميرات قديمة أم فورية بلورويد أم ديجيتال)!
من بين الهدايا أيضا، سجائر كوبية الصنع من نوع «كوهيبا»، وساعات يد وحائط، فالساعات من أفضل الهدايا التي تذكّر الحبيب بحبيبه، فإذا لم تذكّرك ساعة اليد فساعة الحائط تذكّرك به ليل نهار!
أما أغرب الهدايا فهي العباءات البدوية المطرزة اليدوية الصنع، ولا ندري: من أي عاصمة عربية خرجت هذه الهدايا الأصيلة؟ وهل هي قديمة أم حديثة؟ وهل هي عباءات رجالية أم نسائية؟ فالفضول يدفعنا لمعرفة من أهديت إليه: غولدا مائير أم تسيفي ليفني؟ وإذا كانت رجالية هل أهديت إلى بيغين أم شامير؟ أم إلى نتنياهو أم شارون أم أولمرت؟ فكلهم أولاد حلال و «رجّالة» ويستحقون كل خير!
إزالة أسماء مقدمي ومتلقي الهدايا للأسف أفقدها قيمتها الرمزية وخفض ثمنها, وأضاع على القارئ العربي معرفة ما يربط أصحابها من علاقات حميمة! ولذلك بدأ بيعها بسعر أولي: عشرة دولارات, ومئة دولار للمجوهرات... يا بلاش!
السلطات الإسرائيلية عرضت الهدايا للمزاد بعد أن ضاقت بها مخازن المتحف لكثرتها، فهناك نحو 3500 هدية... قولوا: بسم الله ما شاء الله، والله يديم المحبّة يا رب!
مشكلة القادة الإسرائيليين ان الهدايا التي يتسلمونها لا يمكنهم التصرف بها أو إهداءها لزوجاتهم أو أبنائهم، وإنما تُخزّن ثم تعرض للبيع وتحوّل أثمانها لخزينة «إسرائيل»، التي لم تعرف حتى الآن معنى المثل العربي: «الهدية لا تُهدى ولا تُباع»
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 2289 - الخميس 11 ديسمبر 2008م الموافق 12 ذي الحجة 1429هـ