العدد 2006 - الإثنين 03 مارس 2008م الموافق 24 صفر 1429هـ

أموال دول الجنوب تهاجر شمالا

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أثبتت دراسة سويسرية صدرت حديثا، أن الثروات ورؤوس الأموال التي تصدّرها بلدان الجنوب إلى بلدان الشمال، تتجاوز بكثير قيمة تلك الإعانات. وتكشف الدراسة، التي أنجزها المسئول عن ملف التمويل الدولي في «التحالف من أجل الجنوب» في سويسرا برونو غورتنر، ونشرها موقع المعلومات السويسري على الويب ()، جُملة الأسباب التي أعاقت الجهود الدولية عن تحقيق الأهداف التي وضعتها الأمم المتحدة في مطلع الألفية الثالثة.

وتؤكّد الدراسة أن رؤوس الأموال المصدّرة من بلدان الجنوب إلى بلدان الشمال خلال العام 2006 قد تجاوزت 658 مليار دولار، مقارنة بما ضخّته بلدان الشمال إلى بلدان الجنوب من منح وإعانات، وقد بلغت قيمة الرساميل التي صدّرتها بلدان مثل الهند والصين وكوريا، لوحدها، نحو 125 مليار دولار.

ويبدو أن العام 2006 جاء ليعزز الإتجاه الذي كشفته أرقام العام 2005 الدولية، إذ سجل الاستثمار الأجنبي المباشر، ارتفاعا في العام 2005 بنسبة 29 في المئة لكي يصل الى حدود 916 مليار دولار، استقبلت منها الدول الشمال المتقدمة حوالي 540 مليار والبلدان النامية ما يزيد عن 330 مليار فقط.

وقد أورد تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية بشأن ظاهرة الاستثمار الأجنبي المباشر بين بلدان الجنوب التي سجلت رقما قياسيا فاق 120 مليارا دولار أغلبها من بلدان مثل جنوب إفريقيا والهند وهونغ كونغ.

وأوضح مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) في تقريره الذي حمل عنوان «الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد من الاقتصادات النامية والانتقالية وآثاره على التنمية»، بأن الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم شهد ارتفاعا قويا بحيث بلغ 916 مليار دولار أي بزيادة 29 في المئة عن العام 2004.

ويقول صندوق النقد الدولي، إن ميزان المبادلات المالية في بلدان الشمال يُعاني من عجز أمام تدفّق رؤوس الأموال القادمة من بلدان الجنوب، وذلك بشكل متواصل منذ العام 1999.

ومن المُفارقات أن أكبر مورد لرؤوس الأموال الآن، هي الولايات المتحدة التي تمتلك 70 في المئة من المدّخرات المالية العالمية، وأن كثيرا من الدول الإفريقية والعربية توجَد على رأس الدّول المصدّرة لرأس المال. وبلغت قيمة رؤوس الأموال الخاصة، التي غادرت بلدان الجنوب في العام 2005، 258 مليار دولار، وبلغت المدخرات المالية العربية بالمصارف الغربية في العام 2006 ما يعادل 220 مليار دولار.

ونَقلا عن تقرير «إفريقيا 2006»، الذي نشرته مجلة «جون أفريك»، «خلال الفترة الممتدّة من 1970 و1996، تلقّت إفريقيا إعانات دولية تعادل 30 مليار دولار، في الوقت نفسه، عانت من استنزاف مالي قدره 187 مليار دولار، وبلغ حجم رؤوس الأموال التي فرّت من إفريقيا فقط خلال التسعينات، 274 مليار دولار»، بحسب المصدر نفسه.

أما الأستاذ بجامعة هارفارد، والمختصّ في شئون العالمين، العربي والإسلامي ريموند ويليام بيكر، فيكشف المصادر التي ولدت رؤوس الأموال تلك، فيؤكد أن «30 في المئة من تلك الأموال، إما أنها من الاتّجار في المخدرات والسلاح أو سرقات من المال العام، ونتيجة صفقات في الأسواق السوداء»، وهذه الظاهرة تضر كثيرا بجهود التنمية في البلدان الفقيرة، إذ تحرم خزائن تلك الدول 35 مليار دولار في السنة، نتيجة التهرب الضريبي فقط، بحسب المصدر نفسه.

الأمر الذي ينبغي التشديد عليه أن هذه الأموال تهاجر شمالا في وقت يستمر الجنوب في أمس الحاجة لها. هذا ما تكشفه رسالة الأمين العام للأمم المتحدة بمناسبة يوم الأمم المتحدة للتعاون فيما بين بلدان الجنوب في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2007 التي يقول فيها مخاطبا دول الجنوب: «ويجب على بلدان الجنوب أن تستخدم فوائضها المتزايدة لتحقيق الأهداف الإنمائية، بوسائل منها تمويل المنافع العامة، واستحداث اللقاحات وتوزيعها، ودعم البحث والتنمية في المجال الزراعي، وإنشاء نظم التأمين الاجتماعي، وزيادة فرص حصول الفقراء على الائتمان، وتحسين هياكل النقل والاتصالات».

المفارقة الأخرى التي يكشفها الواقع الحالي، والتي شخصتها مجلة «لوموند» الفرنسية ونقلتها عنها صحيفة «الحياة» اللندنية أنه «في أزمة 1997 المالية الآسيوية طمأنت الولايات المتحدة الأسواق المالية في البلدان الناشئة، ورفعت القيود عن التجارة فانخفضت قيمة العملة وشُرّعت أبواب شركات بلدان حوض المحيط الهادئ الآسيوية أمام رؤوس أموال بلدان الشمال

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2006 - الإثنين 03 مارس 2008م الموافق 24 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً