العدد 2006 - الإثنين 03 مارس 2008م الموافق 24 صفر 1429هـ

تداعيات التضخم

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

تشير العديد من الإحصاءات الحديثة بأن التضخم (أي ارتفاع الأسعار وبقاؤها مرتفعة) أصبح يؤثر على جوانب حيوية في اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي. من جملة الأمور، يلاحظ وجود نية لدى بعض العمال لتغيير المؤسسات التي يعملون بها بحثا عن رواتب أعلى، فضلا عن رغبة بعض الأجانب العودة إلى بلادهم.

يركز المقال الذي بشكل رئيسي على واقع وتداعيات أزمة التضخم في كل من قطر والسعودية والكويت نظرا لتوافر إحصاءات حديثة في هذه الدول.

الأعلى في قطر

كشف مجلس التخطيط الاقتصادي بأن نسبة التضخم في قطر ارتفعت إلى 13,74 في المئة في نهاية الربع الأخير من العام 2007. يتقاطع هذا الرقم مع الإحصاءات المستقلة، إذ أشار تقرير صادر من مؤسسة (ميريل لينش) المتخصصة في مجال الاستثمارات، بأن متوسط التضخم بلغ 14 في المئة مع نهاية العام 2007. لا شك أنه أمر حسن قيام السلطات القطرية بنشر أرقام التضخم بكل شفافية الأمر الذي يساهم في اتخاذ صناع القرار قرارات صائبة.

كما بين المجلس الحكومي بأن مؤشر أسعار المستهلكين فاق 159 نقطة في 31 ديسمبر/ كانون الأول من العام 2007 مقارنة مع 140 نقطة في الفترة نفسها قبل عام.

وأظهرت البيانات بأن إيجارات المساكن وأسعار الوقود والطاقة ارتفعت بنحو 28 في المئة في الربع الأخير من العام الماضي.

الغلاء في السعودية

جاء في تقرير حديث لوكالة «روتيرز» للأنباء نقلا عن المصادر الرسمية بأن مؤشر التضخم في السعودية بلغ 7 في المئة في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام 2007. ويعد هذا الرقم الأكثر ارتفاعا منذ ربع قرن من الزمان. بالمقارنة، بلغت نسبة التضخم في السعودية 6,5 في المئة في ديسمبر الماضي.

في التفاصيل، ارتفعت قيمة مؤشر المعيشة إلى نحو 112 نقطة في شهر يناير مقارنة مع أكثر من 104 نقاط في الفترة نفسها من العام 2007. وشهد شهر يناير الماضي ارتفاعا للأسعار بنسبة 1,36 في المئة أي الأسوأ منذ 9 سنوات.

وتبين بأن كلفة العقار كانت المحرك الرئيسي لهذه المعضلة إذ ارتفعت أسعار التأجير بواقع 17 في المئة. كما ارتفعت أسعار المأكولات والمشروبات بنسبة 8 في المئة في الفترة المذكورة. يشار إلى أن السعودية تستورد ربع واردتها من أوروبا فضلا عن أكثر من 13 في المئة من الولايات المتحدة و 8 في المئة من اليابان.

ويشكل استمرار انخفاض قيمة الدولار مقابل بعض العملات الرئيسية الأخرى خسارة للاقتصاد السعودي ما يعني استيراد سلع بكلفة أعلى من دول منطقة اليورو والين وسلع أخرى غير مسعرة بالدولار.

يذكر أن السعودية وبقية دول مجلس التعاون (باستثناء الكويت) تربط عملاتها بالدولار الأميركي بقرار سيادي.

نتائج دراسة حديثة

وكرد طبيعي على معضلة التضخم يرغب عدد من الموظفين بتغيير وظائفهم كما يفكر بعض العمال الأجانب العودة إلى بلدانهم نظرا لصعوبة التكيف مع تداعيات الارتفاع المستمر للأسعار لا يقابله نمو مواز لمستويات الأجور.

فقد كشف تقرير لمؤسسة (بيت دوت كوم) ومقرها إمارة دبي بأن 45 في المئة ممن شملهم الاستطلاع يفكرون بالعمل في مؤسسات أخرى في القطاع نفسه الذي يعملون به. كما كشف 19 في المئة عن رغبتهم للعمل في بلد آخر.

وأشارت الدارسة نفسها بأن قطر تعاني من أكثر نسبة تذمر في أوساط العمالة إذ أبدى نصف العمالة رغبتهم للعمل في بلدان أخرى أو ربما العودة إلى أوطانهم الأصلية.

وقد استطلعت الدارسة والتي تم تنفيذها في بداية العام الجاري آراء 1500 فرد يعلمون في 20 قطاعا مختلفا في كل دول مجلس التعاون.

إعادة تقييم العملات

على المستوى الرسمي تتبلور أفكار ومحاولات جادة للتعامل مع أحد الأسباب الرئيسية لمعضلة التضخم وتحديدا تراجع قيمة الدولار. ففي أوضح مؤشر على احتمال إعادة تقييم العملة القطرية لغرض التكيف مع ظاهرة التضخم، أكد رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الأسبوع الماضي بأن بلاده تدرس خيار رفع قيمة الريال والمرتبط حاليا بالدولار.

وبين أن العملة القطرية تختلف بنسبة 30 في المئة عن قيمتها الحقيقية. إلا أنه ليس من الواضح فيما إذا كانت قطر ستنفذ قرارا من هذا القبيل. يعكس تصريح المسئول القطري واقع الأزمة التي تعيشها دول المجلس وتحديدا تداعيات ارتباط عملاتها الوطنية بالدولار.

فك الارتباط

وكانت الحكومة الكويتية قد اتخذت قرارا في شهر مايو/ أيار العام 2007 يقضي بفك ارتباط عملتها بالدولار واستبداله بسلة من العملات تشمل الدولار.

وقد اتخذت السلطات الكويتية القرار على خلفية عدم ظهور دلائل تشير إلى انتهاء حالة تراجع قيمة الدولار. فقد فاقت قيمة اليورو عن دولار ونصف لأول مرة في تعاملات الأسبوع الماضي. يتسبب هبوط الدولار في استيراد التضخم على خلفية جلب واردات من سلع غير مسعرة بالدولار من دول منطقة اليورو وبريطانيا واليابان وأستراليا ودول أخرى.

وتعكس تطورات من قبيل رغبة بعض العمال بتغيير وظائفهم والبعض الآخر بالعودة إلى بلدانهم فضلا عن إجراء تغييرات في السياسيات الاقتصادية مثل الارتباط بالدولار الأهمية النسبية لظاهرة التضخم على اقتصادات المنطقة. الشيء المؤكد هو أن التأثيرات السلبية للتضخم قابلة للتفاقم وربما تشهد المزيد من المفاجآت في الفترة المقبلة.

وبات الحديث عن تداعيات التضخم موضوع الساعة عند العامة في دول مجلس التعاون الخليجي. باختصار يعد التضخم أكبر تهديد اقتصادي يطال الطفرة الاقتصادية التي تعيشها دول المنطقة في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 2006 - الإثنين 03 مارس 2008م الموافق 24 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً