العدد 2005 - الأحد 02 مارس 2008م الموافق 23 صفر 1429هـ

الحق في «العمل اللائق»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

منظومة حقوق الإنسان دائمة التطوير، ومن الحقوق التي اعتمدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة في منتصف العام 2006 حق «العمل اللائق» الذي صاغته منظمة العمل الدولية بالتعاون مع الحكومات والمنظمات التي تمثل أصحاب الأعمال. ويرتكز مفهوم «العمل اللائق» على فكرة «أنّ العمل هو مصدر الكرامة الشخصية، والاستقرار العائلي، والسلام في المجتمع، والديمقراطية التي تدعم شعوبها، والنمو الاقتصادي لخلق فرص من أجل عمل منتج وتنمية المؤسسات...» وذلك بحسب ما أوردته إصدارات منظمة العمل الدولية.

وجاء في مضامين مفهوم «العمل اللائق» أنّ بلوغ المساواة في فرص العمل والتغلب على أشكال التمييز في العمل «ضرورة لتحقيق قدرات الشعوب»، كما أنّ العمل والجهد المبذول ليس سلعة، بل إنه (أي العمل اللائق) مصدر للكرامة، ولذا فإنّ طبيعة العمل يجب أنْ تتنوع لمواكبة مقاييس كلّ بلد بهدف تحقيق تغيير إيجابي على المستويات المحلية والعالمية. وهذا يجرنا إلى موضوعات عدّة، فالعامل الذي يعمل في بيئة صعبة وقاسية في بلد متطوّر تراه مدعوما بالآلات والتكنولوجيا ويحصل على معاشات تنافسية، أمّا في بلداننا فإننا نستجلب عمالة غير ماهرة ورخيصة من بلدان بعيدة ونتركهم يعملون في ظروف لا يقبلها حتى الحيوان. وفي حال تكلّم امرء ما عن هذا الموضوع، فإنّ الجواب هو أنّ دول الخليج الأخرى ستنافسنا من خلال استخدام هذه العمالة. ولكن مَنْ قال إنّ الواجب علينا أنْ ننافس أيّ بلد يُخالف حقوق الإنسان؟ فلو رجعنا إلى الوراء قليلا فلربما نجد أنّ الأفضل أنْ نرجع الناس إلى العبودية والسخرة، فهي كانت مجانية ولا تكلف الإقطاعيين وأرباب العمل شيئا... فهل هذا مبرر أنْ نعود إلى ذلك الزمان؟

من جانب آخر، لا يمكننا أنْ نطلب من المواطن أنْ ينافس العمالة القادمة من البلدان التي لديها ملايين البشر الباحثين عن خمسة دولارات في اليوم؛ لأنّ هذا مطلب تعجيزي، ولذا فإن عدد الأجانب (غير المهرة) ازداد إلى الضعف في البحرين، والبحرينيون يشكّلون الآنَ فقط 51 في المئة، والعام المقبل سيصبح الأجانب أكثر من 50 في المئة. إنّ الحق في «العمل اللائق» سيفرض علينا عالميا، ولذا فإن الالتفات إلى مواطنينا أفضل من تضييع الوقت بتهديد الهنود أننا سوف نستورد الفيتناميين.

كما أنّ الحق في «العمل اللائق» يعني أنْ نقضي على التمييز الذي نشاهده حاليا بين المواطنين على أساس المذهب... ففي بلادنا، وفي القرن الحادي والعشرين، لا يمكن أنْ يصل نصف المجتمع إلى ثلاثة أرباع القطاع العام، وممنوع عليه القطاع العسكري، وممنوع عليه العمل في أيّ مجال استراتيجي... وهذا أيضا يعتبر مخالفا لمفهوم «العمل اللائق» الذي يفترض وجود المساواة وإتاحة الفرص أمام جميع المواطنين، بالإضافة إلى أنّ مثل هذه السياسات مدانة دوليا ولا يَقبل بها أيّ إنسان تحت أيّ عذر كان. إننا جميعا مطالبون بالتخلي عن مفاهيم جاهلية رفضها الإسلام قبل أنْ ترفضها الشرائع الدولية الحديثة، وأن نوفر عملا لائقا للجميع.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2005 - الأحد 02 مارس 2008م الموافق 23 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً