العدد 2005 - الأحد 02 مارس 2008م الموافق 23 صفر 1429هـ

انتصار سمو ولي العهد للوطن والمواطنين

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

في الوقت الذي واصل فيه البعض ممن يستحب أن نسميهم بـ«خوارج المشروع الإصلاحي» مطالباتهم بتقييد الحريات وحرمان المواطنين وتحريضهم على ضرب أفراد الشعب والتنكيل به لأجل إعادة عهد «أمن الدولة» الذي ولى إلى غير رجعة وقاموا بالمزايدة على صلاحيات عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حينما زجوا أنفسهم في الاعتراض على قرارات العفو الاستثنائية، واستمر هذا البعض من الشيء في قيامهم باستغلال حبر أقلامهم المنتنة وصلاحياتهم السلطوية في مزاولة أبشع ممارسات التحريض على الكراهية الطائفية والإثنية وممارسة الابتزاز إلى قطاع عريض من الشعب، وعلى رغم كل تلك السوداوية الخانقة التي تلف مشهدنا المحلي والإقليمي فإن هذا المشهد لم يخلُ أبدا من أبناء هذا البلد المخلصين والنجباء الذين لم يحيدوا أبدا عن جادة الحلول الوطنية التي بها تنهض الأوطان، ويشتد عزمها على احتضان جميع أبنائها من دون تفرقة وتمييز، فلابد من النور في نهاية كل أفق مظلم، ونحن سنظل نؤمن بمقولة «أجمل الأيام التي لم نرها بعد» وإن استحب البعض من إخوتنا «هداهم الله» مقولة «أسوأ الأيام التي لم نرها بعد»!

لقد كان حديث ولي العهد سمو الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة والذي أبداه خلال مقابلة مع مجلة «ميد» الاقتصادية تجديدا وإنعاشا لروح «المشروع الإصلاحي» في فضائنا الوطني وإعادة إحياء لمبادئه وأسسه التي دشنت حقبة ومرحلة إصلاحية جديدة ومنفتحة من عمر الوطن والمواطنين كانوا قد علقوا آمالا كثيرة عليها لصالح مستقبلهم ومستقبل أبنائهم والأجيال القادمة، فتأكيد سموه على الاعتزاز بمظاهر الحريات العامة كالمظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات السلمية المشروعة وغيرها من مكاسب عملية الإصلاح والتنمية السياسية المستمرة وتفريقه بين هذه المظاهر الطبيعية في أي بلد يمر بمرحلة تطور ديمقراطي متواصل وبناء، واعتباره أن البحرين كانت ولاتزال مع ذلك أكثر الدول الخليجية استقرارا هو ما يدحض من دون شك الحملات الترهيبية المنظمة التي يقودها البعض من «خوارج المشروع الإصلاحي» ضد جميع أشكال التعبير عن الرأي لكونها على حد زعمهم «تهدد الاستقرار» في حين أن بياناتهم التي تحرض ضد الشعب وتفوح منها روائح المناكفات الطائفية لا تهدد هذا «الاستقرار»!

سمو ولي العهد كان في حديثه واضحا وصريحا وواقعيا وهو ما ليس عنه بغريب أبدا وخصوصا لدى من اطلع على أحاديث وكلمات سموه المتعلقة بإعلان المبادرات الإصلاحية الوطنية ولدى كل من حضر مجلسه، فما يميزه هو أنه يبدو وكأنما يتبنى على الدوام شعار «الاعتراف بالأزمة جزء من حلها»، فقد ذكر في المقابلة التي أجريت مع سموه فيما يتعلق بوجود التمييز في البلاد كأزمة ويرى بحكم المبدأ ضرورة أن تتم معالجته وإيقافه، وهو موقف يحسب لسموه على العكس من مواقف بعض المسئولين في الدولة و «خوارج المشروع الإصلاحي» الذين ينكرون أو يتنكرون وجود هذا التمييز الفئوي والطائفي والإثني لكون الوضع الحالي ربما يشكل سوقا مربحة لهم! كما أن ولي العهد طالما عبر عن رفضه للتعاطي الطائفي مع مختلف القضايا، وهذا التعاطي للأسف قد أدمنته الكثير من المراكز الحقوقية الغربية التي يعاضدها في مشهدنا المحلي بعض النشطاء الحقوقيين الذين يدعمون بحكم انتمائهم المصلحي الطائفي الآفاق والمناظير الاستشراقية التي تؤطر بها هذه المراكز والمعاهد الغربية خطاباتها وتقاريرها البحثية الراصدة بشأن أوضاع البحرين والمنطقة بدلا من التعامل معها بشكل موضوعي وعقلاني!

ناهيك عن المواقف الوطنية الخالدة والكثيرة التي ميزت سمو ولي العهد والتي يتم تداولها شعبيا في مختلف المحافل لكونها تكشف عن رفضه ونبذه المعلن والصريح للسلوكيات والخطابات والمطالبات الصادرة عن عقليات المحاصصة الطائفية الأداتية بمختلف أنواعها وأشكالها وتقلباتها التي تبتغي تمكين طائفة على حساب الأخرى فيما يأتي على حساب مستقبل الأسرة البحرينية الواحدة، ومثل تلك العقليات وجدت لها للأسف أعشاشا ومحاضن دافئة لدى بعض المسئولين وحتى «نواب الشعب»!

وقد كان عين الصواب والحكمة والإدراك لحقيقة الوضع متجليا في كلمات سمو ولي العهد حينما قال «من أجل نجاح الإصلاح السياسي على المدى البعيد، نحن بحاجة إلى إظهار العوائد الاقتصادية للمشاركين في العملية السياسية، فالناس بحاجة إلى الشعور بأن حياتهم تتحسن، وهذ أمر حاسم لتحقيق الاستقرار في ظل نظام ديمقراطي يطور ويرتقي بالطبقة الوسطى»، إذ إن لم يكن مغزى المشاركة في العملية السياسية والتعاون العام مع مجمل المشروعات والمبادرات الإصلاحية هو تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين الذي لن يتحقق إلا بتطبيق مبادئ العدالة والإنصاف والمساواة فما عساها أن تكون هذه الجدوى إذا؟!

تلك الرؤية جاءت في وقت نأمل أن تساهم في تصحيح الكثير من الأخطاء والممارسات الإجرائية غير المحسوبة التي أحرجت المشاركين في العملية السياسية وحرمتهم من ممارسة حقوقهم المشروعة، وربما ساهمت بشكل كبير في تدعيم صفوف المقاطعين للعملية السياسية وتقوية حجتهم ومنطقهم على حساب أصوات الاعتدال والقبول بالحلول التوفيقية والوسطية، كما أن مطلب العدالة الاجتماعية عبر إحياء الطبقة الوسطى قد يكون خير رد على بعض رجال الدين ومدعي التدين الذين عكفوا على تلقين المواطنين أن الفقر ما هو إلا قضاء وقدر ينبغي ألا يتدخل في أمر تغييره والاحتجاج عليه على رغم كون تراثنا الإسلامي زاخرا بنبذ الفقر والعياذ منه وإقرانه بالكفر!

وبذلك أمكننا النظر إلى أقوال سمو ولي العهد في تلك المقابلة على أنها تكون قد شكلت انتصارا مبدئيا للوطن والمواطنين ولـروح «المشروع الإصلاحي»، كما نتمنى أن تكون بالتالي بارقة وفنارا للنظر بعين الأمان والاطمئنان إلى المستقبل بعيدا عن جحيم الاستقطابات الطائفية والإثنية، وبعيدا عن الفقر وفرض القيود والعراقيل على الحريات العامة بغية تجويف «المشروع الإصلاحي»، وهو ما سيخفف من أشجاننا وهمومنا من هموم المواطنين.

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 2005 - الأحد 02 مارس 2008م الموافق 23 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً