العدد 2005 - الأحد 02 مارس 2008م الموافق 23 صفر 1429هـ

كان من المتفوقين وبسببها انحرف ثم تاب ثم مرض...

«الجنسية» توئد شابا بلغ الأربعين ولم ينل من الحياة ملذاتها! 

02 مارس 2008

«إن الذكرى تنفع المؤمنين»... بتلك الكلمات أخط أوجاعي التي ما برحت تتجدد بين الفينة والاخرى، بل وتزداد سوءا يوما بعد يوما، وخصوصا تلك اللحظات التي تشاهد فيها الام وهي جليسة تترقب مستقبل ابنها الضائع والمجهول الذي يترنح ولا تعلم الى اي هدف يهوى مادامت الجهات المسئولة التي بيدها قرار العلاج والشفاء غائبة عن المشهد اليومي الذي اتجرع مرارته!... نفسية متردية وحالة عاطفية وجسدية مخدوشة، اعصاب متوترة دائمة ومنفلته... وها أنذا أبعث ندائي إلى الجهة المعنية من جديد وخصوصا المجلس الأعلى للمرأة ووزارة الداخلية للنظر بعين الرأفة والرحمة لحال ابني الذي اصبح على شفير الهاوية والضياع مادام الحل بيدهم لإنقاذه وانتشاله من حال البؤس والضعف التي يعيشها إلى حياة نظرة تتسم بالحيوية والصحة من جديد.

أنتم الأمل الوحيد لابني من بعد الله، أتشبث بكم فلا تتركوني وحيدة اصارع موج الحياة لوحدي لأني في حقيقة الحال ارملة عاجزة لا أقوى على المجازفة لوحدي. انتم ايها المعنيون ان كانت قلوبكم لا تلين لحال ابني فانظروا لحالي انا المرأة الأرملة التي اعيش على وجل وانا اشاهد ابني يسير في خط الضياع وليس باليد حيلة تنقذه سوى قراراتكم النافذة لعلاجه.

توفي زوجي في العام 2002 وتركني مع أولادي (ابنتين - وولد واحد)، زوجي - رحمة الله عليه - من أصحاب الجنسية الإماراتية ويملك جواز سفر إماراتيا، فرضت الأيام عليه قسرا أن يسحب منه الجواز على أمل أن يستعيده لاحقا، لكنه انتقل الى جوار ربه في العام 2002 من دون ان يحصل على جوازه، على رغم الوعود التي كان من المفترض ان يتم تنفيذها على ارض الواقع.

توفي زوجي وأصبح ابنائي يحملون جنسية غير معروفة، في حين أنني الزوجة والأم أحمل جنسية بحرينية من مواليد رأس رمان، ولكن للاسف كل هذه الامور لم تشفع لأبنائي الذين وقع عليهم وزر أيام والدهم الغابرة التي واجهته آنذاك، فبحكم ان ابنائي من جنسية غير معروفة حكم القدر عليهم ان يعيشوا حياة هامشية اقرب الى حياة اللاجئين في بلادهم!

بناتي حصلن على الجنسية بعد زواجهن، فيما بقي ابني الوحيد هو الذي يصارع دفة الحياة على أمل أن ينال شيئا من ملذاتها... تفوق في دراسته ونال شرف البعثة، حصل على دورة للحاسب الآلي لكنه فقدها لأنه للاسف لم يحصل على الجنسية على اعتبار انه من ذوي الجنسيات غير المعروفة. ترك فقدانه للبعثة على رغم تفوقه ونيله ارقى الدرجات شيئا في نفسه وساءت حالته النفسية وظل يكبت في نفسه قهرا... كل تلك الأسباب جعلته شخصا منطويا على نفسه، وعاملا لأن يختلط مع شبان منحرفين رسموا له طريقا آخر في حياة الادمان على المخدرات، تعاطى الابر وسار في درب آخر غير دربه الذي كان التفوق هدفه بسبب فقدانه للجنسية.

تقدمت أنا الأم بطلب الجنسية الى عدة جهات لابني الذي فقد بريق شبابه بسبب الاعتلالات التي لحقت به من جراء تعاطيه للمخدرات، فكانت حجة ادمانه حجر عثرة يحول دون حصوله على الجنسية... تماثل ابني للشفاء وترك طريق الانحراف وتاب الى ربه... فكانت الوعود تبشر كلها بالخير ولكني لم ار شيئا ملموسا يبشرني ولابني بحياة أخرى مغايرة بعيدة عن حياة التشتت، ورغبة ابني الصادقة في فتح صفحة جديدة للحياة سواء من ناحية العمل او الزواج، على رغم أنه تخطى الأربعين من عمره.

يا ترى أيحكم على الإنسان بالفناء فقط لمجرد أنه لا يحمل جوازا بحرينيا، يفقد كل شيء في الحياة ولا تشفع له قدراته وكفاءته؟!... يا ترى من الجهة التي يقع عليها اللوم؟ لا أنكر ان فقدانه للوازع الديني هو الدافع وراء انحرافه، لكن من يتحمل مسئولية إبعاده عن حافة الانحراف؟... الدولة تنصلت من مساعدته والسبب الجنسية... لقد خسر كل ملذات الحياة التي سعى لأجلها، ولحظة عاصفة كانت كفيلة بقتل ملكة الإبداع والطموح الجامح الذي كان متأصلا في وجدانه، وتحول بقدرة قادر بفعل ظروف الجنسية الى انسان يائس كاره للحياة.

حاليا هو ما بين الحياة والموت على رغم شفائه، لكن حالته النفسية تزداد سوءا يوما بعد يوما ولاتنفك سيارة الاسعاف عن زيارته وايداعه تحت المراقبة الطبية، صحته النفسية متدهورة والسبب الجنسية البعيدة المنال... ارحموني فأنا أم وما بقي من العمر شيء. وعدني انه وقتما يحصل على الجواز سيرافقني ويصطحبني معه لأداء فريضة الحج... ارى احلامه تسير في مخيلتي كمسلسل لا تنتهي حلقاته وهو في الواقع بين احضاني طريح الفراش ملازم له...

نداء أبعثه وكلي أمل أن يلقى تجاوبا رحبا وواسعا من لدن المسئولين في وزارة الداخلية والجوازات بإعطاء ابني فرصة اخيرة تكون الفيصل الحاسم بين مفترق طرق إما لحياة سعيدة مشرقة أو لحياة قاتلة تعيسة... لكم القرار يا من تملكون القرار... ارحموا ضعف ارملة تستنجد رحمتكم وعطفكم لمساعدة ابنها الوحيد الذي خرجت به من الدنيا وأصبح قاب قوسين من الموت المحدق، وكلي امل وايمان بأن تتحقق أمنية ابني ويصطحبني معه الى الحج الاكبر وأداء فريضة ربي معه.

(الاسم والعنوان لدى المحرر)

العدد 2005 - الأحد 02 مارس 2008م الموافق 23 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً