يشعر الكثير من الإعلاميين العرب اليوم بالخوف على مستقبل العمل الإعلامي في الفضائيات العربية وذلك بسبب وثيقة مبادئ تنظيم البث والاستقبال الفضائي الإذاعي والتلفزيوني التي أقرها وزراء الإعلام العرب منذ فترة وجيزة بالقاهرة. في الوقت الذي بدا فيه اليوم ( الأحد) أعمال المؤتمر الخامس للإصلاح العربي بمكتبة الإسكندرية عن “الإعلام والديمقراطية والمسئولية المجتمعية” كمقدّمة أخرى لقطع رقاب الفضائيات العربية على مقصلة الإعدام،وذلك في تحشيد علني واضح لقصف حرية الخبر الفضائي تحت مسميات تدعي حماية الكلمة إلى أخره.
إنّ وثيقة “البث الفضائي” تعد أسلوبا آخر لقمع هامش الحرية التي يوفرها مناخ الفضائيات أيا كان نوعه وتوجهه.
فهي حجة “رائعة” لتكميم الأفواه التي تنتقد الأنظمة العربية وتفضح أساليبها البائسة مع شعوبها في شتى الجوانب وهو ما لا يطرحه الإعلام الرسمي الذي يدعو إلى سلطة الفكر الواحد والثقافة الواحدة.
وهو ما دفع المقهورين من الأغلبية والأقلية في الشارع العربي للبحث عن متنفس آخر تطلق فيه العنان لأفكارها الإيجابية أو السلبية التي جاء كنتيجة متوقعة بسبب ممارسات كبت التعبير.
إنّ إقرار وثيقة مبادئ تنظيم البث والاستقبال الفضائي الإذاعي والتلفزيوني قد يعود في جانب مهم منه الى النقلة النوعية التي قامت بها الفضائيات العربية وأثرها على حكومات وشعوب المنطقة التي هي مسألة لا يمكن أن نقيسها على أنها تجربة فاشلة بقدر أنها تجربة ناجحة بكلّ سلبياتها وإيجابياتها. الأمر الذي شجّع حكومات الغرب مثلا إلى نقل وجهة نظرها عبر محطات فضائية ناطقة بالعربية للتأثير على الشارع العربي، لكن هذه الفضائيات فشلت؛ لأنّ الرأي العام العربي رفضها منذ البداية على اعتبارها أداة لفرض مزيد من الهيمنة الغربية على دول المنطقة.
إنّ الحماسة المبالغة التي تبديها الحكومات العربية في جعل هذه الوثيقة حيز التنفيذ بأسرع وقت ممكن، هو أمر يثير الاستغراب والأسى خصوصا بعد أن أعلن عنه وزير الإعلام المصري أنس الفقي من أنّ هذه الوثيقة إلزامية وليست استرشادية، ما يعني أنّ على الجميع تنفيذ أوامرها بحذافيرها من دون اعتراض.
لذا فإنه من الطبيعي أنْ يشعر الكثير من الإعلاميين بالخوف على مستقبل المهنة في ضوء هذه الوثيقة، وهو خوف يهدد مصير أكثر من 400 محطة تلفزيونية عربية تمتلكها وتديرها نحو 60 هيئة للبث في العالم العربي.
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 2004 - السبت 01 مارس 2008م الموافق 22 صفر 1429هـ