العدد 2004 - السبت 01 مارس 2008م الموافق 22 صفر 1429هـ

هل تحلّ الصين محل اليابان كبش فداء؟

مصباح الحرية comments [at] alwasatnews.com

مشروع مصباح الحرية

في كل سنة منذ العام 1975 كانت الولايات المتحدة تسجل عجزا تجاريا. هذا الأمر لا يبعث على الدهشة؛ نظرا إلى أن الادخار في الولايات المتحدة كان أقل من الاستثمار.

وبالإمكان خفض العجز التجاري من خلال نوع من توافقية استهلاك حكومي أقل أو استهلاك شخصي أقل أو استثمار محلي خاص أقل. إلا أنكم سوف لا تعلمون بذلك من خلال الإصغاء إلى ما تنطقه فصاحة السياسيين ومجموعات المصالح الخاصة في واشنطن. فهناك الكثير من بينهم كان قصدهم القيام بعرض رجولتهم الميركانتلية ذات النزعة التجارية القومية البحتة.

ومن المؤسف له أن يكون هذا ما حدث. إذ لا ينبغي أن يكون حتى الخفض في العجز التجاري غاية أساسية من غايات السياسة الفيدرالية. والظاهر إن واشنطن تنتعش بفعل ما تشنه من «حروب» تجارية عديمة الفائدة تعود بالضرر على الولايات المتحدة وعلى شركائها التجاريين على حد سواء.

منذ مطلع سنوات السبعينيات لغاية العام 1995 من القرن الماضي، كانت اليابان هي الدولة التي تشكل العدو التجاري لأميركا. وكان الميركانتليون من ذوي النزعة التجارية القومية في واشنطن قد أكدوا أن الممارسات التجارية اليابانية غير العادلة هي التي تسببت بالعجز التجاري الأميركي ومن الممكن أن يتم خفض العجز التجاري الثنائي الأميركي مع اليابان في حال رفع قيمة الين الياباني مقابل الدولار الأميركي.

حتى واشنطن كانت قد حاولت أن تقنع طوكيو بأن رفع قيمة الين الياباني بشكل دائم سيكون لصالح اليابان. ولسوء الحظ، قام اليابانيون بالامتثال وتم رفع قيمة الين بحيث انتقل من 360 للدولار في العام 1971 إلى 80 في العام 1995.

وفي أبريل/ نيسان 1995، أيقن وزير الخزانة الأميركية روبرت روبن بشكل متأخر عن الوقت المعتاد أن الرفع الكبير لعملة الين قد تسبب بجعل الاقتصاد الياباني يغوص في مستنقع انكماشي. ونتيجة لذلك، توقفت الولايات المتحدة عن لي ذراع الحكومة اليابانية عن قيمة الين. ولكن في الوقت الذي تم الترحيب بهذا التحول في السياسة، كان الأوان قد فات تماما. حتى في الأيام الحالية، استمرت اليابان في المعاناة من المأزق الذي خلقه رفع قيمة الين.

وبما أن الاقتصاد الياباني قد أصابه الركود، فإن مساهمته في زيادة العجز التجاري الأميركي قد هبطت، منخفضة من ذروتها في العام 1991 البالغة 60 في المئة تقريبا إلى ما يقرب من 11 في المئة.

وبينما انخفضت مساهمة اليابان في زيادة العجز الأميركي، ارتفعت مساهمة الصين في ذلك العجز من نسبة أكثر قليلا من 9 في المئة في العام 1990 إلى ما يقرب من 28 في المئة في العام الماضي. وبفعل هذه الاتجاهات، حل اليوان - وهو عملة الصين - محل الين الياباني بكونه كبش فداء الميركانتليين.

وبشكل مثير للانتباه، هبطت المساهمة المركبة اليابانية - الصينية في زيادة العجز الأميركي فعلا من ذروتها التي تفوق نسبة 70 في المئة في العام 1991 إلى نسبة 39 في المئة فقط في العام الماضي. وهذا الهبوط في المساهمة في ذلك العجز التجاري لم يعمل على إيقاف الميركانتليين عن الادعاء أن اليوان الصيني قد تم تقويمه تقويما متدنيا بدرجة كبيرة وهذا الأمر قد عمل على خلق منافسة صينية غير عادلة وعجز تجاري ثنائي أميركي مع الصين.

وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أخفقت في السابق في مايو 2002 في تسمية الصين «متلاعبا بالعملة»، ومنذ ذلك الوقت لم تقم بهذا العمل. وبما أن من الصعب أن يتم تحديد مصطلح «التلاعب بالعملة» فإن هذا الأمر لا يبعث على الاستغراب، وأن بناء على ذلك، لا يشكل مفهوما عمليا يمكن استخدامه بالنسبة إلى أي تحليل اقتصادي. وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أقرت هذه الحقيقة في التقارير التي تم تقديمها إلى الكونغرس الأميركي في العام 2005.

ومع ذلك، فإن هذه الحقيقة لم تعمل على إيقاف السياسيين ومجموعات المصالح الخاصة في الولايات المتحدة وفي كل مكان آخر من الإصرار على أن الصين تقوم بالتلاعب باليوان.

وقام الحمائيون التجاريون، من كلا الحزبين السياسيين في الولايات المتحدة الأميريكية بالتهديد بفرض تعرفات جمركية على البضائع الصينية المستوردة إذا لم تقم بكين بتقدير ورفع اليوان بدرجة كبيرة. وقام هؤلاء الحمائيون حتى بالادعاء بأن الصين سوف تكون في حال أفضل إذا قامت بالسماح لعملتها (اليوان) بأن تصبح اكثر قوة مقابل الدولار الأميريكي!

من الواجب على السياسيين أن يتوقفوا عن سحق الصينيين بما يتعلق بسعر صرف عملة اليوان. وسيعمل ذلك على السماح للصينيين بالتركيز على مسألة العملة الهمة ومسائل التجارة، وذلك بأن يتم جعل اليوان قابلا للتحويل بالكامل وأن يتم احترام حقوق الملكية الفكرية ويتم الوفاء بمعايير الصحة والسلامة المتعارف عليها بخصوص صادراتهم.

* أستاذ علم الاقتصاد التطبيقي في جامعة جونز هوبكنز، وهو زميل أقدم في معهد كيتو في واشنطن العاصمة، المقال ينشر بالتعاون مع «مصباح الحرية»

إقرأ أيضا لـ "مصباح الحرية"

العدد 2004 - السبت 01 مارس 2008م الموافق 22 صفر 1429هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً