يدرك كل رواد العمل الإنشادي والمسرحي الإسلامي، أنهم في صراع مستميت من أجل إعلاء كلمة الله، من خلال إيصال رسالة هذا الفن إلى أكبر شريحة من الجماهير، أي أنه لا فرق بينهم وبين الدعاة، فالكل مشترك في هدف واحد... هذا هو الطريق الذي تسير عليه معظم الفرق الإنشادية في البحرين ومن بينها فرقة «أنوار الميامين» في توبلي والتي قدمت حتى الآن أكثر من أربعة عشر عملا إسلاميا.
كغالبية الفرق الإسلامية تأسست «أنوار الميامين» من مآتم الزهراء للنساء في توبلي في العام 1995. عنيت الفرقة بالتنظيم لاحتفالات المواليد ومراسم العزاء وفي وفياتهم الشريفة بما أن للفرقة السبق في إحياء عاشوراء بحلة جديدة في كل عام حرصت الفرقة على اكتشاف المواهب وصقل الطاقات الإنشادية في المنطقة من مختلف الأعمار. تضم الفرقة 50 عضوة غالبيتهن من توبلي، فيما 10 عضوات فقط هنا من خارج المنطقة، وتتراوح أعمارهن من 13 عاما فما فوق، وأشارت رئيسة الفرقة خديجة المفتاح إلى أن غالبية الموجودات هن شابات جامعيات أو في المراحل الإعدادية والثانوية، بينما هناك 5 أمهات.
وأوضحت مفتاح أن «أنوار الميامين» تعمل بنظام الجمعيات، إذ إن عملها مقسم على لجان تديرها رئيسة الفرقة، مشيرة إلى أن هناك نظاما ولوائح وعقوبات لمن لا يلتزم بالعضوية. وأضافت أن منصب رئيسة الفرقة يأتي عن طريق ديمقراطي ناتج عن «اقتراع»، بمعنى أنهن يعشن جوا ديمقراطيا.
أما بالنسبة إلى الدعم المالي للفرقة فأشارت مفتاح إلى أن العمل الإسلامي الفني يتطلب مالا كثيرا، لذلك نحن نقوم في الفرقة بدفع رسوم شهرية للعضوية (دينار واحد)، كما نقوم بجمع التبرعات (وهو عمل تقوم به اللجنة المالية في الفرقة. وأشارت إلى أن أعمالهن لا توجد بها ربحية إطلاقا.
تحدثت مفتاح عن أعمال «أنوار الميامين» وأوضحت أنهن انطلقن في العام 1997 بتقديمهن لمسرحية «الأربعين»، ثم «طريق الكرام من الكوفة إلى الشام» في العام 1998، فمسرحية «ساقي العطاشى» في العام 1999. أما في العام 2002 فقدمت الفرقة أوبريت «كربلاء في حلم»، وتم عرضه في مأتم الزهراء وإعادته في صالة العباسية في عالي. قدمت الفرقة أيضا أوبريت «أرملة الشهيد» وحازت به على المركز الأول في مهرجان علي الإنشادي الثاني في العام 2002 في عيد الغدير.
هذا، وتواصلت أعمال الفرقة في الأعوام التالية، فقدمت «كل المصايب هونتها مصيبة حسين» (2003)، «وسيلة النجاة» (2004)، «قضبان تنزف حرية» (2005) قدمتها في مهرجان الولاء وحصلت الفرقة في هذه المناسبة على درع أفضل لحن وأفضل ممثلة، مسرحية «ضاقت الأرض... منعت السماء» (2006)، «هو العباس» (2007)، وحاليا أوبريت «زينب هويتي».
وقالت رئيسة اللجنة إن الفرقة لا تقتصر نشاطاتها على موسم محرم، بل تتعداه بالمشاركة في المناسبات الدينية الأخرى، بأنهن يستعدن للمشاركة في أسبوع الشهيد الذي تنظمه جمعية الوفاق في شهر أبريل/ نيسان المقبل بوصلات إنشادية. كما سيواصلن استعداداتهن لأوبريت «وجدتها» الذي سيقدمنه في حفل «التكليف» الذي يقيمه مأتم الزهراء في مولد فاطمة الزهراء (ع) كل عام.
خديجة مفتاح أخذتنا بصوتها الهادئ وفكرها الواعي إلى أوبريت «زينب هويتي»، المقرر أن يعرض مساء يوم غد (الأحد) الموافق 2 مارس/ آذار الجاري في الساعة السابعة والنصف في صالة طيران الخليج برعاية إعلامية من صحيفة «الوسط» حدثتنا مفتاح عن الأوبريت فقالت: «تأتي فكرة أوبريت (زينب هويتي) انطلاقا من الجدل الدائر في الساحة الثقافية حول هوية المرأة المسلمة في جوانبها الفكرية والثقافية، ومدى توافق تلك الرؤية مع الهوية الإسلامية أو تصادمها معها وما يعيشه المجتمع عموما والمرأة خصوصا من حال اغتراب ثقافية ووجودية». وأضافت «يجمع الأوبريت مشاهد مسرحية وإنشادية تعبر عن زينب كهوية باعتبار أن السيدة زينب (ع) هي الأنموذج الأمثل للنساء وذلك من خلال قالب فني مغاير واستثنائي»، مشيرة إلى أن الجديد في هذا العمل هو أن الفرقة تسعى إلى تقديم التاريخ بلمسات يشوبها الخيال. وأوضحت أن العمل يحمل في طياته طرحا توعويا يحاكي فكر المرأة الزينبية بصورة أكبر من الأعمال السابقة.
وأشارت مفتاح إلى أن الفرقة تسعى في أعمالها المختلفة إلى ربط الواقع بالتاريخ، مشيرة إلى أنهن في الأوبريت الأخير «هو العباس» حاولنا ربطه برحيل العلامة المجاهد الشيخ عبدالأمير الجمري.
وبخصوص طاقم العمل الفني، أشارت مفتاح إلى أن العمل هو من تأليف انتصار يوسف رضي وكلمات السيد علوي الغريفي وألحان وتوزيع يوسف الصبيعي ومن إخراجها وعقيلة عبدالهادي، وأوضحت أنها تفضل أن يكون العمل من كتابة امرأة، وذلك ليس تحيزا منها أو عنصرية، وإنما هي ترى أن المرأة هي الأكثر قوة في كتابة الأوبريت.
وأردفت مفتاح تقول: «لست عنصرية، بدليل أننا كنا قد تعاونا سابقا مع نادر التتان في الأوبريت الأخير، لكن تبقى المرأة هي الأقوى في الأسلوب». وأشارت إلى أن طاقم العمل به أصوات رجالية، موضحة أن الاستعانة بهم جاءت لأن هناك بعض الشخصيات والتي تستطيع المرأة أن تؤديها، لكنها إذ أدِّيت بصوت رجل سيكون لكلماتها وقع أقوى على المستمع.
ومن الرجال المشاركين في هذا العمل: علي هلال (في دور الإمام الحسين)، سيد حميد، صلاح، محمد سهوان، سيد هاني وصالح الشيخ). وقالت المفتاح إن تلك الأصوات الرجالية قد تمت الاستعانة بها في الدعاء وفي النعي أيضا. وأضافت «بما أن العمل مسجل مسبقا، فقد استعنّا باستوديو كروف، إذ قام حسين كروف بتسجيل الأصوات الرجالية وأنا قمت بتسجيل الأصوات النسائية».
وبسؤالها عن مشاركة الرجال في عمل نسائي، فيما أن الرجال في المسرحيات الإسلامية لجمعيات مختلفة لا يفضلون مشاركة النساء، قالت مفتاح: «العرف الاجتماعي له دور كبير في تسيير الأعمال الإسلامية، بينما هناك دول أخرى تقف بها المرأة أمام الرجل في تمثيل الشخصيات الدينية». وأوضحت رئيسة فرقة «أنوار الميامين» بأنه في العام الماضي شاركت جمعية التوعية بصوت الممثلة طاهرة، مشيرة إلى أن «طاهرة قد حصلت على لقب أفضل ممثلة عن دورها في مسرحية «قضبان تنزف حرية» وهي لمجاهدة لبنانية تدعى رسمية جابر»، وأضافت «لقد حضرت المجاهدة العرض وقد دُعينا إلى لبنان لعرض المسرحية هناك ولكن الحرب أنهت كل الخطط».
وعن ديكورات العمل قالت مفتاح: «في السنوات الماضية كنا نعتمد على جمعية الكتلة، إلا أننا هذا العام أحببنا أن نصنع الديكور بأنفسنا، مؤمنات أن ما يجعل العمل المسرحي لوحة متكاملة هو التركيز على أدقّ التفاصيل، فإن للأزياء التي ترتديها الممثلات الدور الكبير في اكتمال الصورة للمشاهد، مركزة بذلك على أدقّ ما تلبسه الممثلة وما يتبعه من اكسسوارات ومكياج... لجنة الملابس والماكياج تتولى تصميم أزياء المسرحية بما يتوافق مع الزمن التاريخي لها ويخدم الدور التمثيلي. هذا وصممت اللجنة ملابس مناسبة مع أدوار الممثلات في الأوبريت».
ومن جهة أخرى، أوضحت خديجة مفتاح (وهي طالبة جامعية في كلية الآداب قسم الوسائط المتعدد سنة ثانية) «ان الفرقة تهدف إلى خلق أجيال زينبية واعية وقادرة على الصبر في هذا الزمن»، مشيرة إلى أن الفرقة تسعى لنشر الرسالة المحمدية بمختلف الوسائل، إذ إنها تسعى إلى تقديم أعمال باللغة الإنجليزية، حتى لا تقتصر رسالة الفرقة على البحرين فقط.
ومع العد التنازلي لعرض أوبريت «زينب هويتي» قالت خديجة مفتاح: زينب (ع) مدرسة ننهل منها عنوان الصبر والتضحية والعفاف هي مثال المرأة التي لا تقهر بإصرارها وصمودها، هي بحر من الشجاعةِ الغراء، شمسُ الحقيقة والحق...
زينب (ع) هي هوية المرأة الضائعة التي على كل نساء أمة محمد أن يتلبسن صفاتها ويهتدين بهداها...
كوني معنا في (زينب هويتي) نستلهم العبر من شخصها العظيم، ونضيء طريقنا بنورها، كوني أنت الشاهدة والمشاهدة لعنوان كل امرأة زينبية لا ترضى بأقل من هوية عنوانها زينب (ع)
العدد 2003 - الجمعة 29 فبراير 2008م الموافق 21 صفر 1429هـ