غريبٌ هو موقف وزارة التربية والتعليم التي تسعى إلى تأهيل عاملات رياض الأطفال ورفع كفاءتهنّ المهنيّة، وتطالبهن في سبيل ذلك بما يفوق قدراتهنّ، من دون أن تكلّف نفسها عناء النظر أو السعي إلى تغيير واقعهنّ الماديّ الذي أقلّ ما يوصف بأنه «مأساويّ».
كثيرٌ من المدرّسين والمدرّسات يشتكون من تراكم الأعباء التي يضطّرون إلى حملها معهم إلى منازلهم، وترى أحاديثهم كلّما اجتمعوا تتمحور حول الشكوى من عدم التوافق بين الجهد المبذول والقيمة الماديّة. ولكنّ نظرة من هؤلاء إلى عاملات الرياض تبعث فيهم حالة من القناعة، فالمعاناة أكبر وأفظع، إذ تكاد تقترب الرواتب من رواتب كثير من العمالة الآسيويّة، إذ لا تفوق المئة دينار رغم سنوات الخدمة الطويلة!
على رغم مضيّ فترة طويلة من المطالبات الشعبية ومن بعض مؤسسات المجتمع المدني بدعم حكومي لمعلمات رياض الأطفال وإدراج مرحلة الروضة ضمن التعليم الأساسيّ الرسميّ بسبب أنّ الجهد الذي يبذلنه يوازي جهد معلمات التعليم الأساسيّ في المرحلة الابتدائيّة، فإنّ معلمات الرياض لا يجدن من وزارة التربية والحكومة إلا تجاهلا لمعاناتهنّ. وتتعاظم مشاعر الأسى والألم لدى معلّمات الرياض كلّما سمعن بعزم الحكومة الهنديّة فرض حدّ أدنى لأجور عمالتها، ولا ندري لعلّ بعضهنّ يلجأ يوما ما إلى السفارة الهنديّة طالبا جواز سفر هنديا، بعدما اقتنعن بأكثر من دليل أن هذا البلد «عين عذاري تسقي البعيد، وتخلّي القريب»!
العدد 2002 - الخميس 28 فبراير 2008م الموافق 20 صفر 1429هـ