قالت المدير العام لمنظمة الغذاء والزراعة التابعة إلى الأمم المتحدة غوزيت شيران في حديث خصت به هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن المنظمة قد تضطر إلى تقنين معونات الأغذية التي تقدمها بسبب ارتفاع أسعار الغذاء في العالم.
ووفقا لإحصائيات المنظمة فإن أسعار الغذاء ارتفعت في العالم في العام 2007 بنسبة 40 في المئة. وعزت المنظمة ارتفاع الأسعار إلى عوامل عدة من بينها الزيادة على الطلب، وارتفاع أسعار النفط والاحتباس الحراري.
وصرحت شيران لصحيفة «الفايننشيال تايمز» البريطانية بأنه «ما لم يساهم المانحون بمبالغ أكبر لموازنة المنظمة فسيتوجب عليها بحث كيفية خفض المعونات الغذائية، أوحتى عدد الأشخاص الذين يحصلون على هذه المعونة».
ولفتت مديرة المؤسسة المعنية بمحو الجوع في العالم الأنظار إلى أن منظمة الأغذية والزراعة «تشهد شكلا جديدا من أشكال الجوع إذ تطرأ على مشكلة الجوع في العالم تغيرات تجعل الأوضاع التي لم تكن في السابق ملحة كذلك الآن». وفسرت شيران قولها بأن «بعض الناس قد أصبحوا عاجزين عن شراء الغذاء لارتفاع سعره»، وإن الجوع يضرب عددا كبيرا من الدول، مشيرة إلى إندونيسا واليمن والمكسيك خصوصا.
في هذا الوقت بالذات تشهد أسعار القمح (وليس النفط هذه المرة)، وهو أهم مصدر من مصار الغذاء، قفزات خيالية، فقد بلغت أسعار القمح في الأسواق العالمية أسعارا قياسية مع تضاؤل المعروض منه، ما يثير مخاوف من زيادة التضخم في أسعار الغذاء، إذ ارتفع سعر القمح في غرفة التجارة في شيكاغو في مارس/آذار بأقصى نسبة مسموح بها (90 في المئة) ليبلغ 11,99 دولارا للمكيال ( المكيال = 32,5 لترا). كما ارتفع سعر محصول القمح عالي البروتين في بورصة مينابوليس للحبوب بنحو 25 في المئة ليبلغ أرقاما قياسية. وفرضت كازاخستان قيودا على تصدير القمح في محاولة لمكافحة التضخم لتصبح الأخيرة في سلسلة من الدول تقوم بهذه الإجراءات. وكانت روسيا والأرجنتين فرضتا من قبل قيودا مماثلة.
وما فاقم من ارتفاع الأسعار ما يتم تداوله من تقارير عن حدوث قحط في شمالي الصين، الذي ينتج معظم محصول البلاد من القمح. وأدت قسوة الطقس إلى تدمير المحاصيل في مناطق أخرى من العالم، ويتوقع أن ينخفض المخزون الأميركي من القمح إلى أدنى مستوى له خلال ستين عاما. وبالإضافة إلى تناقص العرض من محصول القمح فإن الزيادة في الطلب عليه قد أدت إلى ارتفاع أسعاره. فتضخم الثروة في الصين على سبيل المثال أدى إلى زيادة استهلاك اللحوم، ما يعني ازدياد الطلب على الحبوب كأعلاف للمزارع الحيوانية.
وكشف تقرير لمعهد أبحاث السياسات الغذائية أن منطقة جنوب آسيا لاتزال تعاني من مستويات «حرجة» من الجوع. وكشف تقرير المعهد الذي يتخذ من واشنطن مقرا له أن منطقة جنوب آسيا تعاني من أعلى مستوى لسوء التغذية لدى الأطفال في العالم.
وأضاف التقرير أن أكثر منطقتين في العالم تعانيان من سوء التغذية والمجاعة اليوم هما جنوب آسيا وإفريقيا جنوبي الصحراء الكبرى.
في الوسع إلقاء اللوم على عوامل كثيرة تقف وراء شحة المواد الغذائية الرئيسية – مثل القمح – في الأسواق بما فيها ارتفاع أسعار النفط. لكننا غالبا مَّا نحاول أن نخفي – بوعي أو من دون وعي – أحد الأسباب الرئيسية التي تقف وراء تلك الشحة، ومن ثم انتشار الجوع الناجم عنها، والذي هو النزاعات القائمة بين الجنس البشري.
لقد كشف تقرير أن الكثير من الدول التي ترتفع بها معدلات الجوع تعاني من النزاعات العنيفة والحروب الأهلية. وتستخدم الجماعات المسلحة الجوع سلاحا بقطع إمدادات الغذاء وتدمير المحاصيل والاستيلاء على مساعدات الإغاثة، وذلك وفقا لما أعلنه مؤشر الجوع في العالم.
ووصفت دراسة، شملت 119 دولة، جنوب آسيا وافريقيا جنوب الصحراء بأنها أكثر المناطق تضررا في العالم.
ويتزامن إعلان نتائج هذه الدراسة مع يوم الجوع العالمي الذي أعلنته الأمم المتحدة. وجاءت الدول الخمس الأولى على المؤشر من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وهي إما خرجت للتو من حروب طويلة أو مازالت تعاني ويلات النزاعات
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2001 - الأربعاء 27 فبراير 2008م الموافق 19 صفر 1429هـ