حقيقة كنّا نتمنى أنْ تكون توقعاتنا سرابا وخيالا منذ وصولنا باعتبارنا وفدا بحرينيا إلى البطولة الآسيوية لكرة اليد التي اختتمت أمس في أصفهان الإيرانية، وأنْ تكون البطولة صادقة وقانونية ولا تكون طريقا للتلاعبات الكويتية السابقة مع التأكيدات الدولية التي جاءت بها رسائل الاتحاد الدولي.
لكن ما إنْ حطت أرجلنا أرض طهران وبظرف يوم واحد، بدت الشكوك تعود إلى عهدها القديم مع المضايقات التي واجهت الوفد في الاجتماع الفني ومطالبة الجهاز الإعلامي بمغادرة سكنه، ونحن الذين تناسينا أو أهملنا أنّ الكويت بدأت بجريمتها بتغيير الجدول وجعل مباراتنا الأولى مع منتخبها، حتى جاءت الطامة الكبرى التي أكّدت هذه الشكوك بوضع الطاقم الإيراني قاضيا لمباراتنا المشكلة مع الكويت، وهما يعدان متهمان ومنافسان في المجموعة الأولى على اعتبار أنّ منتخب إيران يلعب في المجموعة نفسها التي يلعب بها منتخبنا والكويت، وهنا جاء التساؤل من الجميع «كيف يكون المتهم قاضيا بيننا؟».
على رغم ذلك ووسط وصول المراقب الدولي للبطولة متأخرا وتصديقنا لكلامه بعدم قدرته على تغيير الطاقم الإيراني بسبب توقيع من هو أعلى منه منصبا في الاتحاد الدولي، لم نكن نتمنى أنْ يتحقق الحلم «المزعج»؛ لتأتي مباراة «الفضيحة والمسرحية» - وأطلق عليها ما تريد من تشبيهات - لتثير زوبعة وتأكيدات بأنّ التلاعبات الكويتية والمؤامرات التي كان يقوم بها الاتحاد الآسيوي سابقا عن طريق رئيس لجنته الفنية الكويتي نهّار العصفور، لا تزال متواصلة على رغم وجود الاتحاد الدولي ومراقبته الفاشلة وغير الجدية لكلّ هذه التلاعبات، وربما يمكننا أنْ نتوقع تواطؤ الاتحاد الدولي في هذه المؤامرة الأخيرة، بمعنى أن المراقب الموكل من الاتحاد الدولي لمراقبة تنظيم البطولة والمسمى ساشا، لم يكد يريد فعل شيء وهو الذي كان يراقب «المهزلة» التي دارت أمام ناظريه.
لقد أيقنا بعد هذه المهازل أنّ البطولات الآسيوية ما أن أصبحت تحت سيطرة الكويتيين فإنها ستكون فاشلة يعيث فيها الفساد الكويتي كلّ أجسامها، وكأنّ الاتحاد الآسيوي صار ملكا خاصا للكويت، وهذا ما يجعل ما يقوم به هذا الاتحاد من أكبر المهازل وتجاوزا لكلّ الأعراف الدولية.
لقد جعل الكويتيون الاتحاد الآسيوي وكأنه اتحاد خاص بهم يعيثون من خلاله بكلّ مقدرات القارة الأكبر، وأمسى العالم غير قادر على الوقوف في وجه هذه الهيمنة التي تزيدها الأموال الخفية والمؤامرات التي تدار من وراء الستار شرعية دولية، وبموافقة الكلّ، ومنها الاتحاد الدولي الذي استبشرنا خيرا بوجوده في هذه البطولة، إلا أنه جاء ضعيفا غير قادر على فعل شيء، وربما يأتي ذلك بسبب أنّ المهزلة لم تقع على أحد منتخبات الشرق الأقصى الثلاث «كوريا الجنوبية، اليابان والصين» والتي جاء من خلالها الاتحاد الدولي لحمايتها ونسى بقية الفرق.
ما حدث أمام أعين العالم وأدمعت له العيون البحرينية لن يكون طريقا مفروشا لاستصغار البحرين، التي يجب أنْ تقف وبكلّ مسئوليها في وجه هذا العداء الجديد الذي يأتي هذه المرة من أخ قريب لك، أثبتت التجارب أنه «أخ عدو»، وخصوصا أنّ المسألة تفاقمت بعد هذه المهزلة.
نعم نقولها إن الاتحاد الآسيوي وبقيادة رئيسه هم مَنْ قاموا بهذه المهزلة التي من شأنها أنْ تضر بمصالح دولتين؛ لأنه من المستحيل أن تقام هذه المهازل من دون معرفة الرئيسي، فكثيرا ما كانت الرياضة تصلح ما أفسدته السياسة، لكن في الوقت الجاري أمست الرياضة خلاف المعهود منها والتي أصبحت الملاذ الوحيد الذي لجأ إليه لاعبونا الذين ذابوا طوال السنوات الماضية قهرا في ظل التلاعبات التي تدار لإخراجهم من كلّ بطولة يشاركون بها.
إذا أصبحت المسألة مشكلة سياسية بحتة بعد ان فشلت الرياضة أن تقوم بمهامها على أكمل وجه، وبالتالي فإنّ على السياسة الحكيمة من قبل قيادتنا أن تقوم بما هو في صالح البحرين.
إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"العدد 2000 - الثلثاء 26 فبراير 2008م الموافق 18 صفر 1429هـ